بعد البر، البحر يدخل في حسابات صنعاء.. فما هو الآتي؟
تتوالى المفاجآت اليمنية في الشهر التاسع عشر للعدوان السعودي على اليمن حيث أعلنت وزارة الدفاع اليمنية تدمير السفينة الحربية من طراز سويفت الإماراتية قبالة سواحل المخا عبر صاروخ موجّه.
قد لا تشبه الحرب السورية حروباً سبقتها، حيث يصر الطرف المعتدي على المضي بحربه رغم وصولها إلى طريق مسدود، إلا أن ما لم نعتده أيضاً في الحروب السابقة هي سياسة “الصبر الإستراتيجي” البطيئة التي سمحت لأصحابها بإطلاق المفاجئة تلو الأخرى رغم مرور أكثر من سنة ونصف على بدأها.
اليوم، وبعد دخول البحر في معادلة الردع، بات السؤال الذي يطرح نفسه يتعلّق بطبيعة المفاجئة المقبلة، نوعها ونوعيتها. فبعد أشهر على سياسة الصبر الإستراتيجي التي أعلنها زعيم حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي تركّزت الحقبة السابقة على الجبهة الصاروخية التي بدأت بالزازل واحد واثنا لتصل إلى ذروتها بتاريخ 2 آيلول/ سبتمبر 2016 حيث أسدلت القوة الصاروخية للجمهورية اليمنية الستار عن صاروخ “بركان 1” البالستي نوع سكود جرى تحديثه وتعديله لزيادة مداه إلى أبعد من 800 كيلو متر، وبرأس حربي مصمم لقصف القواعد العسكرية الضخمة، أي أن الصاروخ يصل إلى مشارف العاصمة السعودية الرياض.
لم تتوقّف إنجازت القوّة الصاروخية عن حدود بركان واحد، بل عمدت وفي خطوة نوعية تتلاءم مع طبيعة المعركة إلى تطوير منظومة”صمود” الصاروخية ذات فاعلية تدميرية كبيرة بمدى 37 كلم، ورأي حربي يزن 300 كجم.
معادلة البحر
أما بالنسبة لجديد المعادلات البحرية التي تمثّلت بتدمير السفينة الإماراتية، فهذا إن دلّ على شيئ فإنما يدل على دخول اللجان الشعبية في كافّة ساحات المواجهة، لاسيّما البحرية منها باعتبار أن هذه السفن تتولى مهمّة الحصار الظالم الذي تفرضه قوى العدوان على الشعب اليمني.
التجربة السابقة، على الصعيد البرّي، تؤكد أن ما في جعبة القوة البحرية اليمنية يتعدّى بارجة سويفت الإماراتية، ليصل إلى كافّة البوارج السعودية والإماراتية في البحر الأحمر، وحتّى تلك الأمريكية التي توازي بقدرتها بارجة ساع 5 الحربية المتطورة التي يصعب رصدها، والتي قصفها حزب الله في اليوم الثاني لحرب تموز 2006.
لا شكّ في أن نتائج المعادلة الجديدة لا تقتصر على البحر، بل تصل إلى المواجهات البرية في محافظة تعز حيث يقع مضيق باب المندب، حيث ستجبر البوارج السعودية والإماراتية على البقاء بعيداً عن السواحل اليمنية الأمر الذي يحد من فاعليتها العسكرية.
ومن خلال ما تقدّم يتّضح أن السفينة الإماراتية المستهدفة، والتي كانت في السابق تابعةً للبحرية الأمريكية، تعد سفينة حربية فائقة السرعة من طراز “2 (إتش أس في-2)” تؤدي عدة وظائف، مثل الاستكشاف، ونقل القوات والمعدات، وتحديد مواقع الألغام، والسيطرة على العمليات العسكرية، وما استهدافها إلى الخطوة الأولى في طريق الألف ميل البحري.
المهمّة التالية
ورغم أهمية هذه الخطوة التي تزامنت مع جبهات عدّة تواجهها السعودية، كان آخرها القانون المعروف باسم “قانون العدالة ضد رعاة “الإرهاب” – “جاستا”- والذي يتيح لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 “الإرهابية” مقاضاة الحكومة السعودية حيث رفعت أول دعوى أمريكية ضد السعودية بعد أن استقبلت محكمة مقاطعة “كولومبيا” في العاصمة واشنطن الجمعة قضية “دي سيمون” رقم 16-سي في-1944، إلا أن السؤال الأبرز يتعلّق بالمهمّة التالية.
الكثيرة من الخبراء يؤكدون أن الطيران السعودي والإماراتي لن يكون بعيداً عن سياسة الصبر الاستراتيجي، ولكن لكل زمان سلاح ورجال. وفي حال قرّرت السعودية المضي في عدوانها سنكون أمام معادلة جوية تحاكي ما شاهدناه في الميدان البرّي سابقاً والبحري حالياً.
وبين البحر والجو مروراً بالبر، تبقى الكلمة الفصل للميدان، لاسيّما البري منه، وهذا ما جعل العدوان السعودية يدور في حلقة مفرغة من 19 شهراً، إلا أن رفع السقف الميداني سواءً في الداخل السعودي، أو جبهة ما وراء الحدود، أو في الداخل اليمني بحراً وبرّاً وجواً تسمح للجيش اليمني واللجان الشعبية بفرض معادلات جديدة كانت بمثابة الحلم في السابق.
إن المراجعة السريعة لسير الواقع العسكري بين حزب الله والكيان الإسرائيلي منذ العام 1982 وحتى يومنا هذا، يحاكي ما نشاهده بين اللجان الشعبية والنظام السعودي على فترة زمنية أقل، فهل سنكون أمام معادلات جديدة من قبيل صنعاء مقابل الرياض، هل ستكرّس القوات اليمنية ما كرّسه حزب الله بعد حرب تموز؟ الإجابة تبقى برسم الميدان ورجاله.
المصدر / الوقت