التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

من حلب الى الديرخبية، معركة كسر عظم للإرهاب 

تصريح مزلزل أشار الى تحولات “تكتونية*” مريعة، اي زلزالية، أدلت به الناطقة بإسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا سيصيب المنطقة برمّتها في حال عمدت القوات الأميركية الى استهداف وحدات الجيش السوري بشكل مباشر.

هذا التصريح الإستباقي جاء بعد سلسلة من الضغوطات الأميركية بسبب استئناف الجيش السوري لعملياته في اغلب الجبهات، وخصوصًا جبهات حلب، اضافة الى استئناف العمليات في جبهة مفصلية هي جبهة خان الشيح – الديرخبية التي تعتبر جيبًا فاصلًا بين العاصمة دمشق ومحافظة القنيطرة.

تصريح زاخاروفا المزلزل يبدو انه وصل بسرعة الى مسامع الإدارة الأميركية التي بادر وزير خارجيتها الى التصريح بأنّ أميركا لا تملك المبرر القانوني للتدخل في سوريا، ويدعو “المعارضة للمشاركة بانتخابات مع الرئيس الأسد”. كلام كيري جاء كاقتراح لوفد من “المعارضة السورية” التقاه سابقًا، وهو كلام يجافي الحقيقة والوقائع حيث تعمل القوات الأميركية منذ فترة على تثبيت مواطئ قدم لها في المنطقة الشمالية الشرقية لسوريا، وهو ما تُوّج بقصف الجسور الواقعة على نهر الفرات في محاولة لعزل المنطقة عن باقي سوريا ببعد استباقي يهدف الى اعاقة اي تقدم للجيش السوري في المستقبل بإتجاه الرقة بشكل اساسي.

في المشهد العام، لم تعد سوريا في دائرة الخطر الذي كانت فيه منذ سنوات حيث كيري المحبط، وهو من الذين دعوا الى استخدام العمل العسكري والذي بحسب قوله لم يسمح الكونغرس بمجرد نقاش الأمر، وهو ما أدّى الى تراجع قوة الضغط الأميركية وتقدم قوة الضغط الروسية التي تشارك عسكريًا منذ سنة الى جانب الجيش السوري.

ما كان مخططًا له ان يتم بنهاية العام 2012 ويهدف الى سقوط سوريا لم يحصل، وعلى مدى اربع سنوات منذ تحديد تاريخ سقوط سوريا تبدلت السياسات الأميركية التكتيكية عشرات المرات، حيث يصطدم المخطط بمقاومة كبيرة من الجيش السوري وحلفائه وهو ما يؤدي الى تحولات جذرية يومًا بعد يوم، وهو ما تشير اليه العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش السوري بعد سقوط الهدنة التي تم الإتفاق عليها بين الروس والأميركيين.

زخم العمليات العسكرية يتركز بشكل اساسي على جبهات حلب التي يميل فيها ميزان القوى لمصلحة الجيش السوري، حيث استؤنفت العمليات العسكرية بعد تحرير الكليات العسكرية ومنطقة الراموسة وأدّت الى تحرير مخيم حندرات والوصول الى منطقة مستشفى الكنْدي، وهو الذي يشكل نقطة ارتكاز وربط مع المخيم في اية عمليات لاحقة بإتجاه الأحياء الشرقية لمدينة حلب.

هذا التقدم لم يكن الوحيد، حيث سيطر الجيش السوري على حي الفرافرة شمال غرب قلعة حلب ما اتاح للجيش تأمين طريق امداد آمن لحامية القلعة وحسّن شروط القيام بعمليات لاحقة.
إنجازات أخرى حققها الجيش السوري من خلال السيطرة على عدد من كتل الأبنية في منطقة سليمان الحلبي، من بينها نادي حلب والكهرباء والمرآب، إضافةً الى تقدم في حي بستان الباشا والسيطرة على عدد من الأبنية الأساسية من ضمنها كنيسة ورطان والبرج ومبنى الحريتاني.

ومن المهم الإشارة الى اهمية السيطرة التي أمّنها الجيش السوري في المناطق المذكورة، كونها مثّلت كسرًا لخطوط الحد الأمامي للجماعات المسلّحة وتثبيت نقاط ارتكاز جديدة وهامة.
العمليات العسكرية في حلب تأتي من ضمن قرار واضح وحاسم نحو حلب خالية من الإرهاب، سواء عبر العمل العسكري المستمر او من خلال الوصول الى تسويات يتم التحضير لها وتقف جبهة النصرة بوجهها لمنع تحققها، وفي كل الأحوال فإنّ تحولات كبيرة تحصل في حلب ستدفع بالأمور بشكل اسرع نحو العودة الى المفاوضات استنادًا الى خرائط السيطرة الجديدة.

في خان الشيح والديرخبية، وهي المنطقة الواقعة على بعد حوالي 20 كيلومترًا غرب العاصمة دمشق والتي تشكل جيبًا أصبحت مهمة إزالته ضرورة بعد انتهاء تسوية داريا، حيث اتاحت هذه التسوية امكانية زج جزء من القوات التي كانت تخوض العمليات في داريا، إضافةً الى ان جيب خان الشيح – الديرخبية يقع بين منطقتي سيطرة للجيش السوري وهما العاصمة وامتدادها شرقًا والقنيطرة وامتدادها غربًا، وعليه فقد بدأت وحدات الجيش السوري بتنفيذ عمليات اقتراب واستطلاع بالنار لخلق ميدان جديد وتوسيع هامش المناورة، وهو ما رتّب القيام بعمليات دهم وتفتيش لمنطقة التموضع الجديدة في مواجهة الدير خبية وخان الشيح حيث تستمر عمليات التمهيد المدفعي لتحقيق الخطوة الأولى وهي الفصل بين الديرخبية وزاكية التي تعتبر احد منافذ الجماعات المسلحة.

في هذه الجبهة يبدو البعد الإستراتيجي واضحًا لإرتباط جغرافيا الجبهة بجبهات الجنوب، وهو ما سيحسن شروط المدافعة والمناورة لوحدات الجيش السوري بعد تحرير هذه المناطق التي وُضعت على نار حامية.
من حلب الى الدرخبية المعركة تتجه نحو عملية كسر عظم تعتبر تقطيعًا لأوصال الجماعات المسلحة وهي مقدمة لعمليات لاحقة ستكون اشبه بعملية البتر تحتاج بعض الوقت لتأمين شروط ملائمة لحسم هذه المعارك.

عمر معربون / فارس

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق