التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 28, 2024

كيف فجرت الحرب السورية أزمةً كلاميةً بين موسكو وواشنطن؟ 

في ظل تصاعد الخلاف الروسي الأمريكي حول الأزمة السورية، خرج الى العلن حربٌ إعلامية غذَّتها براغماتية واشنطن وتخبطها في التعاطي مع الملفات. وهو الأمر الذي أدى لحربٍ من التصريحات بين الناطقين الدبلوماسيين لدى الطرفين. في حين خرجت روسيا لتصف البيان الأمريكي بأنه فورة أمريكية إنفعالية لا يمكن تفسيرها إلا في إطار دعم الإدارة الأمريكية الحالية للإرهاب. بينما خرجت التصريحات الأمريكية لتكون بمثابة تهديدٍ باستخدام الإرهاب كأداةٍ ضد موسكو. فماذا في التراشق الإعلامي بين الطرفين الروسي والأمريكي؟ وما هي أسباب وحقائق هذا الخلاف؟

التراشق الكلامي الروسي الأمريكي والموقف التركي

خرجت تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية “جون كيربي” لترفع من وتيرة الخلاف الروسي الأمريكي، فيما يخص الملف السوري. حيث اتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية “ماريا زاخاروفا” نظيرها كيربي، بأنه يُمهد لاحتمال تعرض مدن روسية لهجمات إرهابية، بعد تصريحه بأن الإرهابيين قد يستغلون فراغ السلطة في سوريا لتوسيع عملياتهم وصولاً إلى استهداف مصالح روسيا خارج سوريا، بما في ذلك تنفيذ هجمات في مدن روسية. في حين وصفت الناطقة كلام كيربي بأنه دليلٌ على الضعف الأمريكي في التعاطي مع الملف السوري وهو أمر بعيد عن اللياقات الدبلوماسية. كما تساءلت حول جدوى الحديث عن تعليق أمريكا لتعاونها مع روسيا، خصوصاً بعد فشل واشنطن في تبرير دعمها لبعض الإرهابيين تحت مسمى الإعتدال.

في الوقت نفسه خرجت تركيا لتعلن استعدادها للتعاون مع موسكو بخصوص حلب. حيث طرح وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” يوم الخميس إمكانية قيام بلاده بالتنسيق والتعاون مع موسكو، بخصوص وقف إطلاق النار في سوريا، وإيصال المساعدات الإنسانية معتبراً أن لإيران دوراً مهماً في الأزمة السورية، مؤيداً ضرورة التوصل الى حلٍ سياسي.

حقائق حول الخلاف بين روسيا وأمريكا

عدة مسائل ساهمت في تعميق الخلاف الأمريكي الروسي نُشير لأهمها فيما يلي:

– كشفت وزارة الخارجية الروسية، يوم الثلاثاء الماضي عن أجزاء من النصوص التي جاءت في الإتفاق الأمريكي الروسي حول سوريا والذي تم التوصل له في 9 من أيلول المنصرم. وهو الأمر الذي تصر موسكو على أنه ليس لديها مشكلة في كشفه داعيةً واشنطن الى القيام بذلك. في حين أعلنت الخارجية الروسية أن أمريكا خالفت الإتفاق خصوصاً في مسألة قتال الجماعات الإرهابية بشكل مشترك.

– منذ فترة وتحديداً بعد الإتفاق بدأت الحرب الإعلامية بين الطرفين، في حين وجَّه وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” لنظيره الروسي كلاماً اعتبره الكثيرون إستفزازياً عند وصفه المساعي الروسية في سوريا باللعب. وهو الأمر الذي أدخل الطرفين في معركة إعلامية محتدمة، انتهت بوصف روسيا للمساعي الأمريكية، بأنها كاذبة. فيما أعرب “سيرغي ريابكوف” نائب وزير الخارجية الروسي عن غضب موسكو إزاء لهجة التهديد فى بيان واشنطن الأخير بشأن سوريا.

وجهة النظر المختلفة بين الطرفين

يمكن توضيح اختلاف وجهة النظر بين الطرفين بالتالي:

– من جهتها تعتبر موسكو بأنه لا يوجد حل تجاه الأزمة السورية، سوى ما قدمته روسيا في هذا المجال. فيما أصبحت أكثر يقيناً بأن أمريكا لم تعد جدية في التعاطي مع ملفات المنطقة وتحديداً سوريا. وهو ما لا يُخفِ شعوراً روسياً بمحاولة إستنزاف روسيا وحلفائها في الميدان السوري، خصوصاً بعد أن أثبتت موسكو جديتها في مكافحة الإرهاب.

– أما واشنطن فهي تتلاعب بشأن الملف السوري بين إعلانها دعمها الحل السلمي السياسي في سوريا عبر دعم الهدنة، وتقوم بنقض ذلك عملياً من خلال دعمها جماعات تُبعد عنها صفة الإرهاب وتصفها بالمعتدلة، دون وجود معيارٍ مُحدَّد في تقييم ذلك. وهو ما يعني إعتمادها ورهانها على الإرهاب حتى الساعة فيما يخص الشأن السوري.

تحليل ودلالات

عدة مسائل يمكن تحليلها كما يلي:

– من خلال ما تقدم يبدو واضحاً إنهيار استراتيجية إعادة تنظيم العلاقات الدولية بين الأطراف الدوليين لا سيما روسيا وأمريكا. وهو ما أنتجته السياسة المعقدة للأزمات ونتائجها. حيث باتت المصالح متناقضة والظروف غير ملائمة للتوافق. في حين ينتقص سلوك واشنطن للتعاطي المبدئي، وهو ما يُعقِّد إمكانية الوصول معها الى تفاهم أو تأمين استمرارية أي اتفاق.

– يتزامن هذا الخلاف مع حديث أمريكي عن طروحات تتعلق بإمكانية تدخل دول خليجية وتركيا عبر تزويد ما يُسمى بالمعارضة بأسلحة نوعية، كصواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف، وفق ما علَّق مسؤولون أمريكيون، بهدف مواجهة النظام السوري وروسيا. وهو ما يمكن أن يُبرِّر التعاطي الأمريكي الغامض مع الأزمة.

– باتت الأزمة السورية محل خلاف الأطراف كافة. في حين يجب التعلم من دروس الماضي، والتي باتت تؤكد زيف الإدعاءات الأمريكية، ونفاق واشنطن السياسي تجاه ملفات المنطقة وتحديداً سوريا.

إذن تتقدم الأزمة السورية نحو مزيدٍ من الغموض تجاه المستقبل. فيما تتصارع الأطراف على مصير الحل. ولعل روسيا الصادقة في سعيها لمحاربة الإرهاب، باتت تجد في السلوك الأمريكي مشكلة أمام حل الأزمة. بينما ينظر المراقبون بقلق تجاه الصراع، وإمكانية انسحابه نحو مزيدٍ من التعقيد، خصوصاً بعد تفجُّر الحرب الكلامية بين الطرفين.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق