لماذا إنتخابات “مجلس الشيوخ الأمريكي” الشهر القادم؛ وهل هي مهمة أيضاً؟
من المقرر أن تجري إنتخابات مجلس الشيوخ الأمريكي الشهر القادم بالتزامن مع إنتخابات الرئاسة بين المرشحين الجمهوري “دونالد ترامب” والديمقراطية “هيلاري كلينتون”.
ويحظى كلا الانتخابين بأهمية خاصة على المستويين الداخلي والخارجي الأمريكي لما لهما من تأثير في رسم مستقبل البلاد في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية.
ومن المعروف أن من يسيطر على مقدرات مجلس الشيوخ بإمكانه أيضاً أن يتحكم بمقدرات البيت الأبيض وتحديد تحركات الرئيس القادم، سواء كان جمهورياً أو ديمقراطياً، ولهذا لا يكفي أن يفوز أحد مرشحي هذين الحزبين في الانتخابات الرئاسية للإمساك بزمام البيت الأبيض ما لم يحصل حزبه أيضاً على الأغلبية المطلقة في إنتخابات مجلس الشيوخ.
ويتألف مجلس الشيوخ الأمريكي من 100 عضو أو سيناتور (إثنان من كل ولاية)، ويتم تجديد ثلث الأعضاء كل سنتين عن طريق الاقتراع المباشر، وتكون عضوية نائب المجلس لمدة ست سنوات، دون قيود على عدد الدورات التي يمكنه الترشيح لها.
ويرأس نائب رئيس الجمهورية مجلس الشيوخ، إلاّ أن المجلس يقوم باختيار رئيس فعلي له من بين أعضائه المنتمين إلى حزب الأغلبية، ويقوم هذا الرئيس برئاسة جلسات المجلس عند غياب نائب رئيس الجمهورية. كما يقوم المجلس باختيار زعيم الأغلبية وزعيم الأقلية.
وفي الوقت الحاضر يمتلك الجمهوريون 54 مقعداً في مجلس الشيوخ من أصل 100 وهم يشكلون الأغلبية، فيما يمتلك الديمقراطيون 44 مقعداً، والمقعدان المتبقيان هما من حصّة بقية الاتجاهات السياسية خصوصاً المستقلين وإن كانت ميولهم تتجه في أغلب الأحيان إلى الديمقراطيين. والأغلبية في مجلس الشيوخ تكون من حصّة الحزب الذي يمتلك 50+1 أو أكثر من المقاعد وفقاً للدستور الأمريكي.
ويجري التنافس في إنتخابات مجلس الشيوخ الشهر المقبل للفوز بـ 34 مقعداً، 10 منها الآن هي من حصّة الديمقراطيين، فيما يمتلك الجمهوريون المقاعد الـ 24 المتبقية.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الديمقراطيين يبدون أكثر حظّاً من الجمهوريين للفوز بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ لاسيّما في ولايات “ويسكونسن” و”إلينوي” و”إنديانا”. ويتطلب حصول الديمقراطيين على أغلبية مريحة في المجلس الفوز في ولايات “نيوهامشير” و”بنسيلفانيا” و”ميسوري” و”كارولينا الشمالية” و”أريزونا” التي لا تعتبر في العادة من حصّة الجمهوريين، وهذه هي إحدى العقبات التي ستواجه الجمهوريين في الانتخابات المقبلة.
وفي حال حصل كلا الحزبين “الجمهوري والديمقراطي” على مقاعد متساوية في مجلس الشيوخ، فسيكون الحسم بموضوع الأغلبية بيد نائب رئيس الجمهورية الذي سيأخذ على عاتقه إدارة رئاسة المجلس والإدلاء بصوته في هذا المجال، وهذا يعني بالضرورة أن الأغلبية ستكون إلى جانب الرئيس القادم الذي سيتم إختياره من بين المرشحين “دونالد ترامب” أو “هيلاري كلينتون” والذي يتمتع بصلاحيات دستورية كثيرة بينها تعيين قضاة المحكمة العليا في البلاد.
وفي حال فاز ترامب بكرسي الرئاسة، فمن المتوقع أيضاً أن يبقى مجلس الشيوخ بيد الجمهوريين الذين يتمتعون بالأغلبية في الوقت الحاضر كما ذكرنا في بداية الحديث.
ومن المزايا التي يتمتع بها الديمقراطيون أنهم يدافعون عن عشرة مقاعد فقط في هذه الدورة (ثلاثة منها مفتوحة، أي لا يشغلها أحد في الوقت الحالي)، في مقابل 24 مقعداً (ثلاثة منها أيضاً مفتوحة) للجمهوريين.
ويجب أن ينتزع الديمقراطيون خمسة مقاعد إضافية للسيطرة على مجلس الشيوخ، أو أربعة إذا فازوا بالرئاسة، لأن صوت نائب الرئيس يمنحهم الأكثرية في حال المناصفة بين الحزبين داخل مجلس الشيوخ، بموجب ما ينص عليه الدستور.
ومن السباقات المحمومة الأخرى التنافس على المقعد الشاغر في نيفادا، حيث سيتم إستبدال زعيم الأقلية المتقاعد في مجلس الشيوخ “هاري ريد” وقد ترشّح أربعة ديمقراطيين لمليء المقعد في مقابل ثمانية مرشحين جمهوريين.
وتجدر الإشارة إلى أن الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي تمثل أهمية كبيرة في ثلاثة جوانب:
الأول: تمكن رئيس الجمهورية من إختيار أعضاء حكومته “الوزراء” وقضاة المحكمة العليا بسهولة في حال كانت الأغلبية في مجلس الشيوخ من حزبه. ويقوم المجلس أيضاً بتثبيت التعيينات الخاصة بالمحاكم الفدرالية. وفي حال توجيه إتهام لعزل الرئيس، أو عضو من أعضاء المحكمة العليا أمام القضاء، يُجري الكونغرس المحاكمة فيلتئم بمثابة هيئة محلفين لهذا الغرض. كما يتولى مجلس الشيوخ أيضاً وطبقاً للدستور مسؤولية التصديق على تعيين السفراء وغيرهم من الممثلين السياسيين وكبار الموظفين.
الثاني: تمرير مشاريع القوانين التي تحتاج إلى تصويت في مجلس الشيوخ بسهولة، لاسيّما فيما يتعلق بقوانين الميزانية العامة للبلاد. ولا يستطيع الرئيس الأمريكي التوقيع على المعاهدات والاتفاقيات الدولية والقرارات المهمة من دون إستشارة وموافقة مجلس الشيوخ.
الثالث: السيطرة على لجان مجلس الشيوخ، وبالتالي القدرة على سنّ قوانين وترتيب أولوياتها بما يتناسب مع طموح الأغلبية التي تهيمن على المجلس. كما أن زعيم الأغلبية هو الذي يقرر إلى حد كبير، ما إذا كان سيتم النظر في مشاريع القوانين، والوقت المحدد لذلك. وتحتاج معظم مشاريع القوانين لإجازتها مساندة أغلبية بسيطة فقط، أي أكثر من نصف عدد الأعضاء الحاضرين.
المصدر / الوقت