التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

كواليس الازمة بين مصر و السعودية! 

لم يعد خافياً الخلاف المصري السعودي الذي انطلق شراراته الأخيرة في مجلس الأمن على أحد. الدعوات التي أطلقتها قوى مختلفة من الجانبين، المصري والسعودي، لم تفلح في احتواء الأزمة التي توالت فصولاً لاسيّما مع إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن السياسة المصرية مستقلة بشأن سوريا، مؤكدا أن بلاده “لن تركع إلا لله”.

لم يكن كلام السيسي عن “الركوع” من وحي الخيال، بل شاطره الكاتب أحمد موسى، المعروف بمواقفه المؤيدة للسعودیة وخاصة إبان أزمة جزيرتي تيران وصنافير، الأمر ذاته حيث أطلق وسم “#مصر_لن_تركع”، والذي احتل الصدارة في حديث المصريين على شبكات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن توجيهه خطاباً إلى وزير إعلام السعودي، مطالبًا إياه بالتدخل فيما تكتبه صحيفة “الحياة” التي رأي أنها تعبر عن موقف الرياض. ليضيف بعدها الإعلامي المصري، إبراهيم عيسى، “إن المملكة العربية السعودية لا تطيق موقفا سياديا مستقلا لمصر، وتسعى لأن يكون موقف القاهرة متماشيا مع موقف الرياض”، على حد تعبيره.

التراشق الإعلامي هذا يكشف حجم التباين بين الموقفين المصري والسعودي، والذي بدأ بشكل جدّي منذ قضية تيران وصنافير ليمرّعبر تصويت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الروسي حول سوريا ويصل مؤخراً إلى وقف شركة “أرامكو” السعودية، شحنة البترول الخاصة بالقاهرة، وكذلك مغادرة السفير السعودي أحمد قطان، القاهرة، لـ”بحث مستجدات العلاقات بين البلدين”، وقد تحدّث مركز أبحاث “تشاتام هاوس” البريطاني عن ذلك بالقول: “التوتر بين مصر والسعودية نتيجة تراكم الكثير من اﻷمور..”.

لكن الرياض حاولت تدارك “الحرب الإعلامية” بين البلدين من الخاصرة الإقتصادية الرخوة للقاهرة، وذلك عبر وديعة بقيمة ملياري دولار خفّفت من حدّة التوتّر الإعلامي الذي صدر من “الكُتّاب الحكوميين” لكلا البلدين. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، لاسيّما في ظل المتغيّرات الإقليمية التي لم تعد لتسمح، في أغلب ملفّاتها، بإمساك العصا من الوسط، يتعلّق بحجم التباين المصري السعودي، وقدرة الطرفين على التغاضي عن الخلافات القائمة؟ فهل ستدير مصر ظهرها للرياض؟ أم أنها ستجاريها في مواقفها الإقليمية.

فصول التباين

رغم دعوة كلا الطرفين على ضرورة عدم تأثير الإختلافات في الرؤى السياسية على العلاقات بين الأشقاء، إلا أن الواقع يشي بعكس ذلك، حيث تتعارض المصالح القوميّة لكلا الطرفين في العديد من الملفّات أبرزها التالي:

أولاً: يكشف كلام السيسي جانباً من عمق الخلاف، فعندما يتحدّث، في سياق الرد على موقف السعودية وقطر من بلاده بسبب مجلس الأمن، بالقول إن “مصر تتبني سياسة مستقلة تهدف إلى تحقيق الأمن القومي العربي من خلال تبني رؤية وطنية”، مؤكداً على “موقف مصر الثابت إزاء الأزمة السورية، والذي يشمل العمل على إيجاد حل سياسي للأزمة الراهنة، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، واحترام إرادة الشعب السوري”، فهذا يعني أن الموقف السوري غير قابل للأخذ والردّ، بل يرتبط بالأمن القومي المصري، وفق ما يرى النظام الحالي، بخلاف موقف القاهرة إبان حكم الرئيس السابق محمد مرسي.

ثانياً: يسري الخلاف بين البلدين على الموقف من روسيا، فبخلاف الفتور الروسي السعودي إثر الأزمة السورية، تعزّر مصر من علاقاتها العسكرية مع موسكو حيث باشرت قوات الإنزال الجوي الروسية في إرسال مظلييها إلى مصر إيذانا بانطلاق مناورات روسية مصرية واسعة النطاق يتدرب فيها عسكريو البلدين على مكافحة الجماعات الإرهابية في ظروف الصحراء. وتستمر المناورات المشتركة التي حملت عنوان “حماة الصداقة 2016” بين الـ15 والـ26 من هذا الشهر.

ثالثاً: تؤكد الأصوات الصادرة عن الصحافة المصرية أن حجم الخلافات بين البلدين يتعدّى الخلافات حول سوريا، وقضية تيران وصنافير والدعم السعودي، ليصل إلى اليمن، فضلاً عن الإرهاب الحاصل في سيناء. فقد ظهر خط إعلامي مصري يتّهم السعوية بدعم الإرهاب، وفق التقرير الذي نشرته صحيفة “الوطن”، حيث عقدت مقارنة بين العاهل السعودي الراحل، الملك عبدالله بن عبد العزيز، والذي قالت إنه كان يشن حربًا شرسة ضد التنظيمات والجماعات الإرهابية، وخلفه الملك سلمان بن عبدالعزيز، والذي قالته إنه مع توليه مقاليد الحكم، حصلت الجماعات الإرهابية على دعم مالي وعسكري مباشر من المملكة. بعض الأصوات كذلك، حمّلت السعودية دماء الشهداء في سيناء باعتبار أن الوهابية السعودية منبع الإرهاب، مشيرةً إلى أن ما تتلقاه مصر من دعم سعودي، لا يعادل الخسائر التي يتلقّاها الإقتصاد المصري من الجماعات الإرهابية شمال شرق البلاد.

رابعاً: باتت الإجابة على السؤال الذي طرحته بعض النخب في مصر حول عدم اكتراث السعودية لموقف أنقرة من القاهرة، مقابل مطالبتها بقرارات “عدوانية” ضد سوريا، أكثر إلحاحاً اليوم. البعض فضّل عدم الإجابة على هذا السؤال، تاركاً الإجابة لتركيا نفسها، التي ستخونها السعودية في يوم من الأيام، كما خانت سوريا، وذلك عند أول مفترق طريق، لاسيّما أن البلدين يتنافسان على قيادة العالم السني.

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، كيف ستردّ السعودية على مؤشرات عودة المياه إلى العلاقات المصرية السورية بعد زيارة وفد حكومي سوري برئاسة رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك إلى القاهرة لبحث الأوضاع الأمنية وتنسيق سبل محاربة الإرهاب بين الجانبيين ؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق