معرکة موصل و دفن مشاريع أمريكا والغرب الإرهابية والتقسيمية
في أقل من 24 ساعة، استطاعت القوات العراقية المشتركة تحقيق أهداف المرحلة الأولى من هجومها الواسع لاستعادة مدينة الموصل والبلدات المحيطة بها من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي. وهو الأمر الذي بات صبغة العراقيين في حربهم ضد الإرهاب. فيما ينظر العالم لعراق ما بعد الموصل، بأنه العراق الذي سيدفن مشروع أمريكا والغرب، وسيدفن مع ذلك مشروع داعش الإرهابي. فيما العين على محافظة نينوى، والتي تقع في الجزء الشمالي الغربي من العراق. وتتمتع بأهمية جيوعسكرية كبيرة، حيث تحدها من الغرب سوريا. فيما تعتبر ثاني أكبر محافظة بعد بغداد من حيث التعداد السكان وتتميز بتنوعها الديمغرافي. في حين يبدو واضحاً أن مسارات الأمور من اليوم تُشير لوحدةٍ عراقية كبيرة وعلى كافة الصعد، لا سيما بعد أن رفض السنة المشروع الأمريكي، وباتوا جزءاً من مشروع وحدة العراق والدفاع عن سيادته والمخاطر التي تُحيط به. فماذا في تطورات الساحة العراقية لا سيما الموصل؟ وكيف يمكن إثبات فشل المشروع الأمريكي؟ ولماذا سيفشل أي مشروع غربيٍ آخر؟
الموصل: بعضٌ من الوقائع
أكثر من عامين مضت على سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مدينة الموصل. عاش أهلها معاناةٍ حقيقية بسبب ممارسات الجماعات الإرهابية في المدينة وتنكيلهم بالسكان. كل ذلك تحت مرأى العالم الغربي الذي كان سبب إخضاع العراق لفترة من الزمن. في حين انتظر أهل الموصل الأوفياء، قيام القوات العراقية الموحدة بالحشد لتحرير منطقتهم. وهو ما بدأ عبر عمليات شارك فيها الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب والشرطة الإتحادية، بالإضافة الى الحشد الشعبي وقوات البشمركة، وكانت العمليات عبر ثلاثة محاور مركزية. حقق العراق فيها حتى الآن العديد من الإنتصارات والتي يبدو أنها ستستمر.
تنظيم داعش يتقهقر تحت أقدام العراقيين ومعه المشروع الأمريكي الغربي
ليست معركة الموصل إلا جزءاً من الهزيمة التي يتلقاها تنظيم داعش الإرهابي، ومع ذلك تسقط آمال الغرب وأمريكا. وهو ما يمكن توصيفه بالتالي:
أولاً: عندما كان تنظيم داعش الإرهابي بأوج قدرته، لم يستطع تحقيق اي انتصار في العراق لا سيما في بغداد وأربيل والعديد من المناطق الأخرى. فكيف اليوم وتعيش داعش حالة من الإنهيار على الصعيد الإقليمي، مما يجعل الإنتصار عليها أسهل. وهو ما يعود بالحقيقة لفضل العراقيين ووحدتهم، ومساعدة الدول والأطراف الشقيقة الغيورة على مصلحة الشعب العراقي كإيران. في وقتٍ أثمر هذا الدعم والتعاون الإقليمي، نتائج ملموسة لدى العراق من أجل حثِّه على الإعتماد على قدرته الذاتية المستمدة من الوحدة الشعبية. مما يجعله يبنى قدرة وطنية لا سيما على الصعيد العسكري، قادرة على صنع الإنجازات.
ثانياً: تعيش أمريكا اليوم حالة من الخيبة فيما يخص مشروع داعش الإرهابي الذي أسسته. والعراق بسبب وحدته وقدرته على الصمود استطاع ضرب المشروع الأمريكي في العراق. كما أن كافة المحاولات الأمريكية لشرعنة التدخل تحت أهداف مساعدة الدول لضرب الإرهاب باتت باطلة بعد أن أثبتت هذه التدخلات نفاق أمريكا وفشلها في مكافحة الإرهاب. بل هي كانت دوماً تستخدم ذلك كذريعة للتدخل وإعادة دعم الإرهاب ومدِّه بالقوة، ليكون من جديد أداة الطرف الأمريكي والغربي.
لماذا يسعى الغرب لمثل هذا المشروع؟
لا شك بأن للعراق حيثية يُدركها العارفون بخفايا السياسة الدولية. حيث لم يكن عبثاً الغزو الأمريكي لهذا البلد العظيم. وهنا نُشير للتالي:
-إن ديمغرافية العراق كانت السبب الأساسي في احتلاله من قبل أمريكا. وذلك لأن واشنطن والغرب يعتقدون بأن تدمير العراق، يعني بالتالي تدمير كافة دول المنطقة، لما يحتويه العراق من تعدُّد وتنوُّع طائفي ومذهبي. وهو ما يجعل الغرب يُعيد النظر اليوم لإعادة إشعال الأزمة في العراق، من أجل إرضاخ المنطقة ككل للسياسة الأمريكية، لا سيما بعد أن فشل مشروعه في استخدام الإرهاب، مما يدفعه للجوء لخيار التقسيم.
-يسعى الغرب لإستغلال السنة في العراق، وهو ما عمِل عليه طويلاً. لكن الوقائع والحقائق تؤكد أن توجهات السنة في العراق، هي كتوجهات الشيعة وكافة الأفرقاء العراقيين. حيث أثبت السنة في العراق سعيهم لنسج الوحدة مع كافة الأطراف، وهو ما أثمر تحرير العديد من المناطق العراقية في السابق، وقدرة العراق على الإستغناء عن أمريكا. وهو ما سيحصل في معركة نينوى المقبلة. حيث كانت واشنطن تستغل التعدد الديمغرافي والطائفي في المناطق العراقية لجعل ذلك مانعاً لتحريرها. لكن الرد العراقي جاء من قِبل أهل السنة والعشائر والذين رفضوا أن يكونوا نقطة ضعف بلدهم في محاربة الإرهاب.
لماذا يعتبر مصير المشاريع الغربية في العراق الفشل؟
إن عدداً من الأسباب الحقيقية والواقعية، هي التي أفشلت كل المشاريع الغربية، وستؤدي لإفشال أي مشروعٍ مستقبلي. وهو ما يمكن سرده في التالي:
-إن وحدة أبناء العراق وصمودهم، وتجربتهم الجديدة، تُعطيهم الدفع والقوة اللازمين لمنع كافة المشاريع الغربية. في حين إستطاع العراقيون تحويل تعدُّدهم الى نقطة قوة، تُساهم في تأمين استمرار بلدهم وتوحدهم نحو هدفٍ مشترك بدأ بمكافحة الإرهاب وسيُستكمل من أجل تعزيز العملية السياسية العراقية الهادفة لبناء مستقبل الشعب العراقي.
– لم يعد العراق وحده، بل إن دول واطراف عديدة في المنطقة والعالم قادرة على مساعدته فيما يخص مصلحة شعبه. وهو ما كان ثمرة تأسيس العراق لنهجه السياسي الذاتي. فيما لم يعد العراق مكسر عصا للمشاريع الغربية أو بعض المشاريع الإقليمية الحالمة. بل بات طرفاً فاعلاً وجزءاً من أي حلٍ للأزمات الإقليمية.
– باتت المصالح الدولية لدى الأطراف الذين يعارضون السياسة الأمريكية والذي يُعتبر العراق ضمنهم، تُشكل مصلحة واحدة. وبالتالي فإن ذلك سيعني المزيد من التعاون والسعي لتأمين المصالح المشتركة. فالعراق بات جزءاً من منظومة العداء للمشاريع الغربية والأمريكية والتي تُديرها إيران وروسيا، وهو ما يعني أنه ينتم لحلفٍ قويٍ وقادرٍ على الإستمرار بعد انجازاته العديدة في المنطقة.
لا شك أن لآثار إنجازات العراقيين نتائج إيجابية على العراق والمنطقة. فاليوم نعيش منعطفاً مشرقاً، سيزيد من هزائم المشروع الغربي والأمريكي لإخضاع شعوب المنطقة. فالعراق بات مقدمة لإنتصارات الجميع. فكما هدف الغرب لجعله مدخل إرضاخ دول المنطقة ككل، كسر العراق المعادلات، وجعل من نفسه مدخلاً لعزة المنطقة على الصعيد الإستراتيجي. لنقول أن العراق بات يَنسِج قصته بعزة ويدفن مشاريع أمريكا والغرب عبر هزمه المشاريع الإرهابية والتقسيمة.
المصدر / الوقت