التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

هل تتجه العلاقات السعودية الامريكية نحو الفتور؟ 

تعتبر كل من امريكا والسعودية من اللاعبين الدوليين والإقليميين الرئيسيين في منطقة غرب آسيا، فمنذ تأسيس السعودية في عام 1932 وحتى العقود الأخيرة، كانت علاقات واشنطن والرياض تعتبر استراتيجية وثابتة، وبحسب تسمية العديد من المحللين فان الاساس المنطقي لهذه الصداقة هو تحت قوانين المعادلة القديمة والتي تمثل بمقولة “النفط مقابل الأمن”.

منذ هجمات 11/9 عام 2001، ما زالت هذه العلاقات الثنائية مستمرة، ومع ذلك فان مجموعة التطورات بعد أحداث 11/9 بما في ذلك تقديم خطة الشرق الأوسط الكبير، وسياسة مكافحة الارهاب، والحرب على العراق، أثارت بعض التغييرات في العلاقات بين واشنطن والرياض التي لطالما وصفت على انها مستقرة.

وعلى الجانب الآخر، فقد أثارت الاحداث الاخيرة في عدد من الدول العربية منذ عام 2011 مرحلة جديدة من المنافسة الصعبة بين دول المنطقة والتي ادت بدورها إلى تحول في دور أمريکا والرأي العام العالمي، وهذا تماما مثل العديد من دول غرب آسيا الأخرى، حيث ان السعودية سعت لضبط سياستها الخارجية تزامناً مع الظروف الجديدة، حيث دفع سقوط الرئيس المصري السابق حسني مبارك في فبراير 2011 الرياض لانتقاد ​​واشنطن علنا لعدم دعم حلفائها القدامى، وعلاوة على ذلك، تتأثر السعودية نفسها بالاحداث في عدد من البلدان العربية وذلك بشكل اخص عندما ثار شعب البحرين ضد النظام الحاكم، حيث أثار قمع الاحتجاجات في البحرين من قبل النظام البحريني الذي يتلقى الدعم المادي الكامل والمفتوح من السعودية بعض الانتقادات الأمريكية.

وعلى الرغم من كل هذه الاختلافات في بعض الحالات الإقليمية قامت واشنطن والرياض بالتنسيق الكامل حول العملية السياسية في اليمن، فالحليفان الامريكي والسعودي لا يزالان مستمران بالتعاون في “مكافحة الإرهاب” الخاص بهم، وكجزء رئيسي من هذا التعاون قامت القوات الامريكية ببناء قاعدة طائرات قتالية للمراقبة على الأراضي السعودية في محاولة لتعزيز أنشطتها ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بينما سعت الدولتان أيضا للتعاون العسكري مثل شراء السعودية الأسلحة من أمريکا والذي وصل الى مستوى قياسي جديد، حيث بينت تقارير انه وصل مؤخراً الى 30 مليار دولار فقط في عام 2010.

ووسط هذه الفترة من التغيرات المعقدة في غرب آسيا، لاتزال كل من واشنطن والرياض تشتركان في العديد من المصالح المستقرة والتي توصف بانها استراتيجية ومشتركة، ولكن وعلى الرغم من اكتشاف موارد الصخر الزيتي والغاز الجديدة فقد خفض اعتماد أمريکا على الطاقة المستوردة، اي أن التعاون بين واشنطن والسعودية فيما يسمى “مجال مكافحة الإرهاب” سيستمر ولكن كيف يمكن لهذين الحليفين الاثنين الاستمرار على طول التغييرات والتطورات التي تعتمد على القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية؟ وخصوصا أن النقاط الرئيسية في الاختلاف الامريكي السعودي تدور حول التوترات الطائفية التي تدفع كليهما لاتخاذ مواقف متضاربة في مختلف البلدان التي ضربتها الأزمة، فعلى سبيل المثال إن أفضل وأكثر ما يلفت الانتباه هو سوريا، حيث ان واشنطن والرياض تمتلكان وجهات نظر مختلفة حول التطورات الاخيرة في الأزمة السورية، وخاصة بعد تراجع الغرب عن غزو سوريا، بعد ذلك، رفضت السعودية مقعداً في مجلس الأمن الدولي في خطوة احتجاجية، وهي خطوة يراها المحللون بأنها محاولة من جانب السعودية على انها نقطة تغيير في العلاقات مع أمريکا، بالإضافة إلى ذلك، فقد تم تمرير قرار “جاستا” من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي والذي يثبت تورط الرياض في هجمات 11/9، حيث ردت السعودية عبر التهديد بسحب أموالها من الاقتصاد الأمريكي.

وفي الواقع، كانت هذه التطورات نتيجة للتغيرات في موازين القوى في المنطقة والتي حولت بدورها النظرة السياسية للغرب تماما نحو آسيا، وهذه التطورات يمكن أن يتم التركيز عليها في أربع حالات على النحو التالي:

اولاً: الرغبة السعودية بأخذ دور رئيسي في السياسة العربية والإقليمية بعد عام 1990 وتحديداً عند انهيار الاتحاد السوفيتي، ففي الواقع، اتجهت السعودية نحو تحالف مع الجانب الاعلى من المسرح الدولي والذي بدوره أعطى الرياض فرصة لتوجيه السياسات في العالم العربي، ولكن بعد ذلك وعلى ما يبدو يمكن أن نرى آثار هذا الانخفاض في التغيرات الدولية الأخرى في غرب آسيا، حيث كانت نقطة البداية في هجمات 11 سبتمبر 2011، وهي المرة الاولى التي تتعرض فيها امريكا لهجمات من هذا النوع.

ثانياً: المسألة الثانية لها علاقة بالبيئة المحيطة بالسعودية، فقد أوشك التدخل السعودي في العراق على الانتهاء وذلك تزامناً مع الانتصارات الاخيرة التي تحققها القوات العراقية على الارهابيين المدعومين من السعودية ناهيك عن ان هذا سيكون له دور خطير جدا في مستقبل السعودية وفي الوقت نفسه، صعود اللاعبين الاقوياء الجدد في اليمن، فالجار الجنوبي للسعودية، أظهر أنه يمكن أن يحد من سلطة الرياض في المستقبل، وعلى الجانب الآخر فان انعدام الأمن في البحرين وعدم الاستقرار الذي لا يزال مستمراً، ولذلك، تمثل البيئة المحيطة العامة للسعودية نقطة ضعف كبيرة لها.

ثالثاً: تشهد السعودية انخفاضاً تدريجياً في نفوذها ووجودها في المنطقة، فعلى سبيل المثال، في حالتي سوريا ولبنان فان الخطوات السعودية تاتي بشكل تدريجي، حيث تجد السعودية نفسها غير فعالة وعاجزة عن مواجهة محور المقاومة بقيادة إيران.

وأخيرا، فإن النتيجة الرابعة في التطور الاستراتيجي هي انخفاض التوترات بين إيران والغرب، وبالتالي الحد من الضغوط على معاداة طهران التي تعدها السعودية اساسية لمواصلة سياساتها، حيث شنت السعودية هيمنة سعودية على الدول الخليجية.

والحقيقة هي أن أولويات السعودية وامريكا في المنطقة في الآونة الأخيرة فشلت بشكل واضح والتي ادت بدورها لظهور تفاوت كبير فيما بينهما والتي اشتدت في أعقاب الاحداث التي شهدتها البلدان العربية، ولا شك في أن هذه الاختلافات موجودة دائما ولكن التوترات الأخيرة المتواصلة وغير المسبوقة، تؤكد على انها سوف تستمر على الأرجح حتى في المستقبل.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق