التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

أهداف وسيناريوهات “داعش” للهروب من هزيمة الموصل 

بعد الانتصارات المهمة التي حققتها القوات العراقية في عمليات تحرير الموصل التي انطلقت قبل أيام والتي أسفرت عن تطهير مساحات شاسعة من المناطق المحيطة بهذه المدينة حتى الآن بانتظار تطهير مركزها وباقي ضواحيها خلال الأيام القليلة القادمة، ونتيجة الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي تكبدها تنظيم ” داعش” الإرهابي في هذه العمليات، بدأ عناصر هذا التنظيم وخاصة قادته يفكرون بالهروب باتجاه سوريا أو تنفيذ عمليات انتحارية في مدن عراقية أخرى بينها كركوك القريبة من الموصل وقضاء الرطبة التابع لمحافظة الأنبار غربي البلاد بهدف تخفيف الضغط عن قواته المتواجدة في الموصل من جانب، وتشتيت جهود القوات المشاركة في عمليات تحرير هذه المدينة من جانب آخر.

ومن الأهداف الأخرى التي يسعى “داعش” لتحقيقها بالتزامن مع عمليات تحرير الموصل من قبل القوات العراقية محاولة بث الفرقة الطائفية بين العراقيين من خلال الإيحاء بأن القتال الدائر الآن هو بين السنّة والشيعة باعتبار أن غالبية سكّان الموصل هم من السنّة فيما يشكل الشيعة غالبية الحشد الشعبي الذي يساند الجيش العراقي والقوات الأمنية في هذه العمليات رغم وجود الكثير من أبناء السنّة في صفوف الحشد، وكذلك أتباع الطوائف والديانات الأخرى ومن بينهم المسيحيون.

كما يستهدف “داعش” من خلال العمليات الانتحارية التي ينفذها عناصره في عدد من مدن العراق الإيحاء بأن القوات العراقية عاجزة عن توفير الأمن في هذه المدن، وأن هزيمته في الموصل سوف لن تؤثر على قدراته في تنفيذ المزيد من هذه العمليات.

والاعتقاد السائد لدى معظم المراقبين أن “داعش” سيقوم بتفجير وتدمير أكبر قدر ممكن من البنى التحتية في مدينة الموصل قبل الهروب منها نتيجة الضربات القوية التي يتلقاها من القوات العراقية. وبمعنى آخر يسعى “داعش” إلى تحويل الموصل إلى أرض محروقة لخلق متاعب كثيرة للحكومة والشعب العراقي لاسيّما سكّان المدينة بعد هزيمته منها.

وتجدر الإشارة إلى أن الهجوم الذي شنّه عناصر “داعش” قبل يومين على مدينة كركوك الغنية بالنفط والغاز والذي أدى إلى استشهاد العديد من سكّانها وتدمير بعض أبنيتها ومؤسساتها كان يهدف حقيقةً إلى حرف الأذهان وإشغال القوات العراقية وتحديداً قوات “البيشمركة” التابعة لإقليم كردستان التي تشارك في هذه العمليات بالتنسيق مع الجيش العراقي والقوات الأمنية والحشد الشعبي عن هدفها الأساسي في هذه المرحلة المتمثل بالسعي لتحرير الموصل.

ويرى بعض الخبراء بأن “داعش” لازال يسعى للبقاء في العراق رغم الضربات المهلكة التي تلقاها من القوات العراقية لأسباب منها السعي لتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية ضد الشعب العراقي وبناه التحتية في محاولة يائسة للتعويض عن خسائره الكبيرة في الموصل والتي ستؤدي بالنتيجة إلى هزيمته وهروبه من هذه المدينة، لكن هذا التنظيم يعلم في الحقيقة أن القضاء عليه بشكل كامل بات قاب قوسين أو أدنى ولابد له من تجنب المواجهة المباشرة في سوح القتال لأنه يدرك جيداً أن الشعب العراقي وقواته المسلحة والأمنية قد عقدوا العزم على اقتلاع جذوره وتطهير البلاد من براثنه بأسرع وقت ممكن ودون هوادة.

وهناك معطيات كثيرة على أرض الواقع تعزز الاعتقاد بأن سرعة الانتصارات التي حققتها القوات العراقية بجميع مكوناتها منذ الأيام الأولى لعمليات تحرير الموصل توحي بأن النصر النهائي على “داعش” قادم لامحال وستكون هذه الانتصارات مفصلية وحاسمة في تاريخ المنطقة والعالم.

من خلال هذه الحقائق يمكن التأكيد على أن عمليات تحرير الموصل ستمهد الطريق لإعلان هزيمة “داعش” على أرض الواقع، وما سيتبقى منه لا يعدو بضع عمليات إرهابية متفرقة هنا وهناك في مناطق مختلفة من العراق، أي بمعنى آخر سيفقد التنظيم آخر معاقله في العراق بفقدانه الموصل؛ عاصمته المزعومة التي ألقى فيها زعيمه المدعو “أبو بكر البغدادي” خطبته التي أسماها “خطبة الخلافة” بعد احتلالها من قبل التنظيم في 10 حزيران/يونيو2014.

خلاصة القول إن معركة الموصل تمثل تحولاً جذريّاً في مستقبل “داعش” الإرهابي وتحديد مصير عناصره الذين يعتقد معظم المحللين بأن الكثير منهم سيهربون إلى بلدانهم الأصلية، لذلك ينبغي أن توجد معالجات حقيقة لمحاربة الإرهاب والتطرف وتعقب المطلوبين في جميع أنحاء العالم، وهذا يتطلب إيجاد استراتيجية لمكافحة هذا الخطر تلتزم بها جميع الدول لتكون المسؤولية أممية مشتركة وليست قاصرة على دول بعينها.

وليس هناك أدنى شك بأن نجاح العراقيين في هزيمة “داعش” سيمثل في الوقت نفسه هزيمة كبيرة للمشروع الأمريكي الرامي إلى تفتيت المنطقة والاستحواذ على مقدراتها ونهب ثرواتها خدمة لمصالح الغرب وحليفه الكيان الإسرائيلي الذي يسعى دوماً لاقتناص الفرص لتمزيق وحدة المسلمين والرقص على جراحاتهم سواء في العراق أو فلسطين أو سوريا أو أي بلد آخر في العالم الإسلامي.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق