مشروع سعودي جديد لمهاجمة سوريا عبر “الجامعة العربية”
تردّد بعض الأنباء، وفق مصادر خاصّة، عن مشروع جديدة تحضّره السعودية وقطر في الجامعة العربية لمهاجمة سوريا حيث تجري حالياً مفاوضات سريّة بين السعودية وقطر من جهة، والأمين العام لجامعة الدول العربية “أحمد أبو الغيظ” بغية العمل على إدخال أكبر عدد من الدول العربية في المشروع “الخليجي” الجديد، “والذي سيتم عرضه على مجلس الأمن للموافقة على مهاجمة سوريا بقيادة أمريكا”، وفق المصدر نفسه.
“أبو الغيظ” بدأ مشاوراته مع الجانب المصري، الذي رفض المشروع جملة وتفصيلاً مجدّداً ما قاله الرئيس السيسي: إن موقف مصر من سوريا هو إيجاد حل سياسي للأزمة السورية والحفاظ على وحدة الأراضي السورية وتحقيق إرادة الشعب السوري ونزع أسلحة الجماعات المتطرفة وإعادة إعمار سوريا. وأنا أري أنه لا يوجد اعتراض على ذلك من جانب أشقائنا الخليجيين”.
أدركت السعودية أن لا جدوى من أي مشروع تعارضه مصر، لذلك عملت على تحييد الجانب المصري عبر وديعة بملياري دولار وصلت إلى مصر في سبتمبر/أيلول الماضي وفق ما أوضح رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل.
لا ندري إلى أين آلت المفاوضات بين “أبو الغيظ”، ممثلاً للجانبين السعودي والقطري، مع الجانب المصري، فضلاً عن بقيّة الدول التالية، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: ما هي قابلية تنفيذ هذا المشروع “الخليجي”، وتحديداً السعودي القطري، تجاه سوريا؟
قابلية التنفيذ
أولاً: إن التقارب بين سوريا وكل من مصر والعراق والجزائر يصعّب من مهمّة “أبو الغيط” في تنفيذ المشروع السعودي. العراق تربطه علاقات وطيدة مع الجانب السوري، فضلاً عن التنسيق الميداني في غرف عمليات مشتركة. الجزائر متّهمة من قبل السعودية بدعم “نظام الأسد”، لاسيّما بعد الزيارة التي قام بها قبل أيام وزير جامعة الدول العربية في الجزائر، عبد القادر مساهل، إلى سوريا. وأما الموقف المصري فبدا واضحاً على لسان الرئيس السيسي، ناهيك عن الزيارة الأخيرة لوفد سوري بقيادة رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك إلى القاهرة حيث التقى نائب رئيس جهاز الأمن القومي المصري واتفق على تنسيق المواقف السياسية ومكافحة الإرهاب.
ثانياً: فشلت السعودية خلال الأشهر الـ19 الماضي على تحقيق أهدافها من التحالف العربي في العدوان على اليمن. فكيف للسعودية التي تغرق في المستنقع اليمني أن تهاجم سوريا؟ هل من المعقول أن تنجح السعودية فيجمع تحالف عربي ضد سوريا، وهو ما فشلت عنه في اليمن، رغم أن العديد من الدول الإقليمية الفاعلة تربطها علاقات تاريخية وحاليّة مع سوريا أكثر من اليمن الذي لطالما أرادته الرياض حديقة في فناءها الخلفي.
ثالثاً: حتى لو نجحت الرياض في جمع بعض الجيوش كمرتزقة لمهاجمة سوريا، فهل هناك قدرة ميدانية على التنفيذ. السعودية التي عجزت عن احتلال اليمن، كيف لها أن تواجه الجيش السوري وعشرات الآلاف من مقاتلي “الحلفاء”، في مقدّمتهم المستشارين الإيرانيين، ومقاتلو حزب الله، فضلاً عن القوات الروسيّة المتواجدة في قاعدة حميميم.
رابعاً: حتى لو نجحت السعودية في جمع تحالف “مرتزقة” ضدّ سوريا، ماذا عن الناحية القانونية للمشروع؟ هل تنجح السعودية في ظل وجود روسيا والصين في مجلس الأمن “أصحاب ورقة الفيتو” في قوننة المشروع؟..بالتأكيد لا.
خامساً: ولو فرضنا أن أمريكا قرّرت، لأسبابها الخاصة، أن تمضي بالمشروع السعودي من خارج بوابة مجلس الأمن، سنكون حينها أم حرب عالمية ثالثة، فهل يسمح المجتمع الدولي، وتحديداً أوروبا، بإشعال حرب عالمية جديدة في سوريا ستكون عواقبها كارثية على أوروبا؟
أهداف طرح المشروع
يبدو واضحاً صعوبة تنفيذ المشروع السعودي نظراً للعوائق الكثيرة التي تعترضه، فلماذا تقدم السعودية على هذه الخطوة؟
هناك عدّة أسباب تقف خلف هذا الطرح السعودي أبرزها:
أولاً: بدا واضحاً الغياب السعودي الجزئي عن الأزمة السعودي في مرحلة العدوان على اليمن، رغم أنها لم تخلُ من بعض “العنتريات”، لكن السعودية تسعى من خلال هذا الطرح، للعب دور فاعل في التحوّلات السورية على شاكلة روسيا وإيران، وبالتالي دخولها إلى “لعبة الكبار”، وفق المصدر أعلاه.
ثانياً: تسعى السعودية، التي أوعزت مع تركيا للجماعات المسلّحة في حلب من النصرة وغيرها بعدم الخروج من المدينة، تسعى لحماية بقاء الإرهابيين حتى لا “تسقط” حلب في أيدي أبناءها وجيشها الوطني. سقوط حلب يعني قلب الموازين الاستراتيجية في سوريا.
ثالثا: في الواقع وقعت السعودية حاليا في ورطة كبيرة مع الجماعات المسلحة بسوريا حيث تتعرض لضغوط كبيرة من قبل المسلحين على أنها لاتقدم دعما كافيا لهم خاصة في ظل الحصار الخانق الذي فرضته الدولة السورية على المسلحين في حلب ومن هذا المنطلق تحاول السعودية إبراز نفسها داعمة للإرهابيين في المنظمات الإقليمية والدولية حتى لاينقلب السحر على الساحر في المستقبل القريب أم البعيد.
المصدر / الوقت