أزمات الشرق الأوسط وأداء الأمم المتحدة في المرحلة القادمة
تم انتخاب أنطونيو غوتيريس مؤخرا كتاسع أمين عام للأمم المتحدة خلفا لبان كي مون وقد كثرت التساؤلات حول ما اذا كان الامين العام الجديد سيتبع سياسات جديدة ومختلفة عن بان كي مون حول قضايا مثل اليمن وسوريا وهل ستتغير سياسات المنظمة الدولية حيال الأزمات الدولية ام لا؟
أنتخب غوتيريس رئيسا لوزراء البرتغال في عام 1995 واستطاع ضم بلاده لمنطقة اليورو ويعرف بأنه شخص يميل نحو الحوار والعمل ومن مؤيدي الإتحاد الاوروبي، وشغل أيضاً منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من حزيران/يونيو 2005 حتى كانون الأول/ديسمبر 2015 وكان ادائه مقبولا.
يقول غوتيريس ان حل الأزمة السورية هو أولويته الأولى لكن يجب القول ان الأمين العام هو واجهة المنظمة الدولية وليست له مهام تنفيذية أو ملزمة في شؤون المنظمة الدولية ولذلك يجب ان لا نظن ان للامين العام صلاحيات واسعة وان أوامره لها ضمانة تنفيذية فالمؤسسة الوحيدة في داخل المنظمة الدولية والتي تعتبر أوامرها ملزمة ولها ضمانة تنفيذية هي مجلس الأمن الدولي.
ولذلك يمكن القول ان الأمين العام يسعى الى ايجاد نوع من التعاون والإجماع بين 200 عضو في المنظمة الدولية والتنسيق بينهم. ورغم ان الامين العام لايتمتع بضمانة تنفيذية لكنه يستطيع القيام بأعمال إبداعية لحل القضايا المختلفة الإقليمية والدولية من اجل ارساء السلام واحلال الأمن في العالم وان هذه الإبداعات يمكن ان تكون مفتاح الحل.
ورغم ذلك يجب الإنتباه ان أداء الأمم المتحدة في أزمتي اليمن وسوريا يواجه كمّا من التعقيد والصعوبات فمهام الأمم المتحدة في اليمن تتعثر بقوة المال السعودي والخليجي وان هذه الدول تعرقل عمل الأمم المتحدة وبات العالم يحمل السعودية وتحالفها مسؤولية ذلك، أما فيما يخص القضية السورية فالجميع يعلمون ان تعقيدات الأزمة السورية لاتشبه اليمن ففي سوريا تقف القوتان الكبيرتان أمريكا وروسيا وجها لوجه ويشارك حلفاؤهما في هذه المواجهة أيضا، فالسعودية وقطر وتركيا هم في التحالف الامريكي وايران وسوريا وحزب الله يقفون الى جانب روسيا، وما يزيد الأزمة السورية تعقيدا وبشكل أكبر من الأزمة اليمنية هو قضية الإرهاب ففي اليمن يدافع انصارالله والثوار عن بلادهم في وقت تعج سوريا بالجماعات الإرهابية الذين يريدون الإستيلاء على هذا البلد لتنفيذ أفكارهم وهذا يشكل أزمة لروسيا وامريكا على حد سواء ولذلك فإن طريقة التعامل هنا تختلف عن غيرها.
ان امريكا وروسيا تقتربان من بعضهما في بعض القضايا وتبتعدان في أخرى فما يقربهما من بعضهما البعض هو قضية الارهاب وما يبعدهما عن بعضهما البعض يتعلق بكيفية حل قضية وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة السورية.
تعتقد ايران وروسيا ان حذف بشار الأسد سيدخل مصير سوريا في المجهول ولايمكن فتح المجال أمام جبهة النصرة وداعش ولذلك تعارض ايران وروسيا تنحي بشار الأسد، ان أمريكا والإتحاد الأوروبي يوافقون رأي روسيا وايران الى حد ما ويعتقدون ان الأسد يجب ان يتنحى فقط في حال وجود من يخلفه في الحكم.
اما تركيا والسعودية فلهما حسابات إقليمية خاصة بهما فتركيا على وجه الخصوص تعقّد الازمة السورية بشكل كبير جدا لأنها تريد ان ترسم مصير سوريا ومصير المنطقة بنفسها ولها مطامع لا يؤيدها الآخرون فيها ولذلك يمكن القول ان الأزمة السورية هي معقدة الى درجة لاتسمح للأمم المتحدة بتنفيذ خطة واضحة هناك.
ان القضايا الإنسانية في سوريا هي من القضايا التي تزعج الجميع لكن تعقيد هذه الأزمة قد خلق مشاكل حتى امام الأمم المتحدة فلذلك حتى مجيء أمين عام جديد الى المنظمة الدولية لا يؤدي الى تطور جديد في سوريا يتخطى ما حصل حتى الآن، اما في اليمن فإن العمل الوحيد الذي يمكن ان تقوم به الأمم المتحدة هو إقناع السعودية وتحالفها بأن تغيير الأمين العام للأمم المتحدة سوف لن يحدث تغييرا في الجبهة التي يواجهونها.
المصدر / الوقت