الجماعات السلفية في غزة .. نقمة أو نعمة لتل أبيب؟
منذ مطلع شهر اكتوبر 2016 جرى اطلاق بعض الصواريخ من قطاع غزة على المستوطنات الاسرائيلية ومنها سديروت وقد تذرع الكيان الإسرائيلي بذلك وقام بقصف مقرات لحماس في خان يونس، وجاءت الغارات الاسرائيلية بعد ان تبنت جماعة ” أحفاد الصحابة في أكناف بيت المقدس” السلفية في بيان مسؤولية اطلاق هذه الصواريخ، والمعروف ان هذه الجماعة تعتبر نفسها فرعا لداعش في غزة.
من عجائب الزمن قيام هذه الجماعة بالتطاول على المجاهدين الفلسطينيين حيث اعلنت هذه الجماعة بعد العملية الاستشهادية للشهيد مصباح ابو صبيح في القدس والتي ادت الى مقتل مستوطنين اثنين ان الشهيد اذا كان ينتمي الى فتح او حماس فإن مأواه جهنّم!
وقد انتقدت وسائل اعلام اسرائيلية قيام الجيش الاسرائيلي بقصف مواقع لحماس رغم تبني جماعة “أحفاد الصحابة في أكناف بيت المقدس” عملية اطلاق الصواريخ ردا على اعتقال 5 من اعضائها على يد حماس، وقالت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان هذا العناد والتعنت الاسرائيلي سيقوي شوكة الجماعات السلفية في غزة لكن هذه الوسائل الإعلامية لم تذكر أسباب عدم الرد الاسرائيلي على هذه الجماعات واستهدافها.
هناك نوعين من السلفيين في فلسطين اولهما موجود في الضفة الغربية وهذا النوع يعتبر محمود عباس ولي الأمر وواجب الطاعة وحماس متمردا، اما النوع الثاني من السلفيين هم موجودون في غزة ويعتبرون أنفسهم جهاديين ويتهمون حماس بعدم تطبيق الشريعة ويعارضونه ويفجرون مقاهي الإنترنت وصالونات التجميل النسائية والكنائس، ويعتقد هؤلاء ان حماس ركنت الى الديمقراطية وحكم الطاغوت وهي مشركة، وهناك عدة جماعات سلفية في قطاع غزة تكفّر حماس وقد اشتبكت معها في بعض الحالات.
فرص وأخطار نشاط سلفيي غزة بالنسبة لتل أبيب
للجماعات السلفية إستنباطها الخاص من الدين وورؤيتها تختلف عن رؤية حماس وباقي فصائل المقاومة مثل الجهاد الاسلامي وهذا الاختلاف يؤدي الى شرخ بين المقاومين وعدم التوحد في مواجهة تل أبيب ولذلك نجد ان هذه الجماعات تخرق الهدنة في وقت تسعى فصائل المقاومة للحفاظ عليها، ان انشغال فصائل المقاومة الفلسطينية بالمواجهات الداخلية يوفر فرصة ذهبية للكيان الإسرائيلي ولذلك لا تقوم تل أبيب بقصف هذه الجماعات في غزة.
من جهة أخرى يعطي خرق الهدنة ذريعة للإسرائيليين لمهاجمة مقرات المقاومة في غزة ولذلك من البديهي ان يقوم كيان الاحتلال بحفظ قدرات الجماعات السلفية في غزة وعدم مهاجمتها واستغلال الفرصة التي تخلقها الهجمات المحدودة لهذه الجماعات لهذا الكيان.
يقول تقرير لمركز الامن القومي الإسرائيلي ان الجماعات السلفية الجهادية مثل داعش هي موجودة في مناطق بعيدة عن الكيان الاسرائيلي كما ان الاردن يمكنها ان تدافع عن الكيان الاسرائيلي في وجه هذه الجماعات اما القضية الأهم هي ان هذه الجماعات تعطي أولوية صغيرة وقليلة للمواجهة مع الكيان الاسرائيلي وهذا واضح من أداء الفرع المصري لداعش الذي ينشط في سيناء وكذلك اداء القاعدة وجبهة النصرة في سوريا.
وهناك تصريحات علنية لمسؤولين اسرائيليين عن معالجة جرحى الارهابيين وخاصة جبهة النصرة في سيناء كما صرح المتحدث باسم جبهة النصرة ايضا وبشكل علني بأن الجبهة لا تعادي تل ابيب، ولذلك نجد ان الكيان الإسرائيلي لا يعتبر التيارات السلفية في المنطقة تهديدا بل فرصة ويسعى لإستغلالها.
ان تصريحات المسؤولين الإسرائيليين وأفعال الجماعات السلفية الجهادية تثبت ان هذه الجماعات هي ليست نقمة بل “نعمة” إستراتيجية للكيان الإسرائيلي.
ان حماس عانت بشكل مستمر من أفعال الجماعات السلفية منذ ان تولت السلطة في قطاع غزة (باستثناء الفترة الممتدة بين عامي 2013 و2015) وهذه الجماعات تتهم حماس بخيانة الشريعة الإسلامية وتعطي الذرائع لتل أبيب بمهاجمة حماس وباقي فصائل المقاومة في غزة ولذلك فإن الكيان الإسرائيلي تعبر وجود هذه الجماعات فرصة ثمينة يجب إستغلالها وليس خطرا يهدد كيان الإحتلال.
المصدر / الوقت