ما الذي يقلق الكيان الإسرائيلي من وصول عون للرئاسة؟
وضع الكيان الاسرائيلي وصول العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة اللبنانية في إطار الخسارة البحتة التي لحقت بمصالحه وجهوده لعرقلة هذه المسألة، وتدميراً لكل مشاريعه وآماله في كشف الغطاء ونزع الإلتفاف اللبناني والمسيحي خاصة عن المقاومة وتشويه صورتها بينهم، كما اعتبروه إنهاء للآمال الإسرائيلية بإمكانية ترويض الجهات اللبنانية الرسمية وضمها لما تصفهم بالعرب المعتدلين الذي يهتمون بعلاقات مستقبلية مع الكيان في إطار خطط ومشاريع واهية لما يسمونه بالسلام مع الكيان.
فاعتبرت الأوساط الاسرائيلية وصول عون انتصاراً لخيار حزب الله ومحور المقاومة على امتداد المنطقة وخسارة لإسرائيل والسعودية ومعها حلفائها بعد رهانات كبيرة وطويلة الأمد على محاصرة المقاومة في الساحة اللبنانية. فمعركة الرئاسة اللبنانية في نظر عدد من المعلقين الإسرائيليين “هي معركة إنزال أياد بين السعودية وإيران”.
ولفت عدد من المحللين الإسرائيليين إلى أن العماد عون يعد حليفاً استراتيجياً لحزب الله في لبنان ووقف إلى جانب الحزب في حرب تموز رغم كل الضغوطات الدولية بين تهديد وترغيب لثنيه عن ذلك، وما جاء في خطاب القسم من عدم ذكر عون أي شيئ عن وجود حزب الله في سوريا لا بل على عكس ذلك أي ذكره لمسألة وجوب القيام بخطوات إستباقية لحماية لبنان وذكره اسرائيل وخطرها على لبنان اعتبر توجهاً واضحاً لإستمرار تماهي ودعم عون لحزب الله وخطواته في المنطقة واعتبروه تطوراً إقليمياً ودولياً مقلقاً بالنسبة لهم، وخير دليل على تراجع دور السعودية وأمريكا في لبنان، كما اعتبروا أنه ليس من المستغرب أن اول المهنئين لعون بالرئاسة كان الرئيس الإيراني حسن روحاني فإيران حققت فوزاً كبيراً فيما حصل.
وربط الإسرائيليون وصول عون المقرب من حزب الله إلى سدة الرئاسة في لبنان بتطورات إقليمية وإنتصارات يحققها محور المقاومة في كافة ميادين المنطقة، وانعكاس للتقدم الكبير الذي تحقق حتى الآن في كل من سوريا والعراق واليمن.
كما أن “الکیان الإسرائيلي” يستمد قلقه من قناعته بأنّ وصول عون للرئاسة واقتراب اللبنانيين من حل أزمتهم السياسية يشكّلان رافعة للدور الإيراني ومكانة “حزب الله” في لبنان وتراجعاً لدور ما يسمونه بـ “محور الاعتدال” العربي، الأمر الذي يعطي اللبنانيين المساحة والراحة المطلوبة للنهوض بملفات داخلية أخرى اقتصادية وأمنية وغيرها، وهذا قد ينسحب على عودة الإهتمام بوجوب العمل بالضغط دولياً وتهيئة المقاومة عسكرياً ربما لتحرير الجزء المتبقي من أراضي الجنوب اللبناني من احتلال إسرائيل، وهذا الأمر يشكل هاجزاً يومياً للكيان حتى قبل إنتخاب عون وجعله يقوم بمناورات مكلفة بشكل مستمر في شمال فلسطين في الفترة الماضية خوفاً من أي حرب مقبلة في حال توفر للمقاومة واللبنانيين الظروف والوقت المناسبين لشن حملة عسكرية وتحرير أرضهم.
وبحسب “هآرتس” فإن حزب الله يشعر بالرضا والنصر جراء هذه التطورات، لأن وصول عون إلى الرئاسة بتوافق لبناني- لبناني يضعف الوصاية الدولية على اللبنانيين ويعطيهم شجاعة أكبر في اتخاذ قرارات حاسمة في مجالات أخرى.
أمر آخر يقلق الكيان الإسرائيلي هو خلفية العماد عون العسكرية بإعتباره جنرالاً وقائداً عسكرياً صلباً وصاحب قرار مستقل وإمتلاكه تأييداً واسعاً ومحبة كبيرة بين ضباط الجيش اللبناني الأمر الذي سينعكس تنسيقاً وانصهاراً أكبر بين الجيش والمقاومة وترسيخ لمعادلة الجيش والشعب والمقاومة.
كما يجب الإلتفات إلى أن كون الرئيس عون مسيحياً وصاحب قاعدة شعبية كبيرة في الساحة المسيحية أمر آخر يقلق الكيان، فهذا الأمر يعطي حزب الله غطاءاً وطنياً متعدد الطوائف ويؤمن التفافاً شعبياً أكبر حوله ما يعطي الحزب قوة دفع أكبر في الساحة الداخلية في لبنان ويريحه في خطواته الإقليمية ويبعد فكرة الحصار التي سعى ويسعى لها أعداء الحزب بشتى الوسائل الممكنة، كما انه يؤمن للحزب بيئة حاضنة مستقبلاً في حال وقوع أي حرب بين الكيان ولبنان وهذا يعد عامل قوة آخر يملكه الحزب واللبنانيين في الحرب المقبلة وسيكبل أيدي الكيان في أي عدوان مقبل لأن استهاف الوجود المسيحي المشرقي واللبناني خاصة ذو العلاقات الوطيدة مع أوروبا والفاتيكان والعالم ككل لن يمر مرور الكرام اذا ما حصل وهذا أمر يدركه الكيان الإسرائيلي جيداً.
والجدير بالذكر أيضاً أن تهنئة الرئيس السوري بشار الأسد للرئيس ميشال عون بالرئاسة جائت كالصاعقة على الكيان الذي يحاول بشتى الطرق دفع أي سبل للإعتراف بالدولة السورية وجر أطراف لبنانيين لدعم الجماعات المسلحة في سوريا سعياً لإطالة أمد الحرب فيها. فالعلاقات الطيبة بين الرئيسين اللبناني والسوري وأهمية لبنان بالنسبة لصمود سوريا في الحرب عليها وتماسكها مجدداً في محيط يساعدها على ذلك هو أمر آخر تعتبره إسرائيل خسارة كبرى لها في وصول عون للرئاسة.
محمد حسن قاسم
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق