التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

في زمن تزييف الحقائق: لهذه الأسباب إيران إرهابية! 

لا شك أن سياسات السعودية والتي بدت واضحة في اليمن والبحرين وقبل ذلك في سوريا والعراق، وجدت نفسها أمام طريقٍ مسدودٍ عنوانه الخسارة الإقليمية. فخرجت أصواتٌ لتتهم إيران، في محاولةٍ لصنع ولو إنجازٍ معنويٍ لم يحصل. في حين نَأَت الجمهورية الإسلامية لإنشغالها بقضايا الأمة، عن الإنزلاق لهكذا اتهامات، لا تُعبِّر إلا عن حقيقة أن بعض العرب المتخاذلين يضعون السياسة في خانة تجارة الأعمال وليس مصالح الشعوب. الأمر الذي يقتضي من الإعلام أن يقوم بمسؤوليته من باب دوره تجاه الرأي العام. وهو ما سنُبيِّنه للإجابة على الأسئلة التي تتعلق بالأسباب التي جعلت البعض يتهم إيران بالإرهاب، والتدخل في الشؤون العربية.

رسالة عربية تتهم إيران بدعم الإرهاب!

كشفت منظمة دولية تلقي الأمم المتحدة رسالة من عدة دول عربية تتهم إيران بنشر العدوان في المنطقة ودعم الجماعات الإرهابية. وقالت منظمة مراقبة أداء الأمم المتحدة (UN Watch) والتي تتخذ من جنيف مقرا لها، أن عدداً من الدول العربية وجهت إلى الأمم المتحدة رسالة تتهم فيها إيران بأنها دولة ترعى الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط بأكمله، وأنها مستمرة منذ توقيع الاتفاق النووي، في نشر العدوان في المنطقة وفي دعم الجماعات الإرهابية. وهو الأمر الذي لقي استغراب واستهجان العديد من المراقبين العرب، خصوصاً لوضوح الدور الذي تلعبه الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم حركات مقاومة الإحتلال الإسرائيلي وتقديماتها في مجال محاربة الإرهاب.

ما يجب معرفته حول الدور الإيراني

إن أهم الأمور التي يجب الإلتفات لها قبل تحليل الطرح المُقدم من قِبل البعض ضد إيران، يمكن تلخيصها بالتالي:

أولاً: من المستغرب أن تقوم السعودية والبعض بإتهام إيران بالتدخل في الشؤون العربية، خصوصاً أن إيران لا تُقدم على خطواتها بطريقة تنبع من رؤية مصالحها، دون تقدير مصالح شعوب المنطقة. وهو الأمر الواضح في نهج إيران وسياساتها الدولية، خصوصاً الإقليمية منها تجاه العالم العربي والإسلامي. وهو ما شكَّل ميزة السياسة الإيرانية بإعتراف أمريكا والدول الغربية.

ثانياً: إن طرح الطرف الإيراني والترويج له كطرف يتدخل في الشؤون العربية، يطرح العديد من علامات الإستفهام، خصوصاً أن الدور الذي تلعبه الجمهورية الإسلامية هو لصالح التحرر العربي والإسلامي من نتائج الإستكبار الأمريكي والإحتلال الإسرائيلي. الى جانب الدور الكبير الذي قدمته إيران في كلٍ من سوريا والعراق فيما يخص محاربة الإرهاب. وهو أيضاً ما تعرفه جيداً الأطراف الغربية قبل العربية.

ثالثاً: لا شك أن الدور الذي يلعبه الطرف الإيراني في تحديد سياسات المنطقة، وهو الأمر الذي رضخت له واشنطن، الى جانب الإعتراف الروسي والصيني بالحاجة لذلك، يؤكد أن الجمهورية الإسلامية تتخطى بدورها الوضع الإقليمي، بل هي جزءٌ من الدول المؤثرة في صنع السياسات الدولية. وبالتالي فإن خروج بعض الأذناب، للتطاول على الدور الإيراني المُشرِّف، ينبع من حقيقة أن هؤلاء لم يستطيعوا ومن خلال محاولاتهم الإستفزازية في سوريا واليمن والعراق، أن يجروا إيران نحو الفتنة التي تُعتبر حقيقة المُخطط.

تحليل ودلالات ما تقدم

يبدو واضحاً أن انتقاد أو محاولة مهاجمة الدور الإيراني الفاعل، هو لأهداف يمكن ذكرها وتحليلها بالتالي:

أولاً: إن كل الجهود التي تسعى إيران لبذلها فيما يخص الملفات العربية والإسلامية، تهدف لخدمة قضايا العالمين العربي والإسلامي. وتصبُّ في خدمة الصراع العربي ضد التحديات التي تواجهها الدول العربية والدول الإسلامية. وبالتالي فإن مهاجمة أو مواجهة الدور الإيراني، هو ما يطرح التساؤلات، وليس دور إيران الفاعل.

ثانياً: يبدو واضحاً أن تهمة إيران الأساسية، تتعلق بدورها في ممانعة السياسة الأمريكية ومقاومة الإحتلال الإسرائيلي ومحاربة الإرهاب. وهو ما يتوافق مع مصالح الأمة العربية والإسلامية. لنقول أن الغريب هو موقف بعض الدول لا سيما السعودية من دور إيران، والذي ينبع من مسؤوليتها الإسلامية وموقعها الطبيعي الجيو- سياسي. في حين لم تُقدِّم السعودية للعالم العربي والإسلامي سوى الذل والعار، ناهيك عن السير الأعمى خلف السياسات الأمريكية، وهو ما أثبتته الحرب الأخيرة ضد الشعب اليمني.

ثالثاً: إن انضمام الشعب العراقي – والذي هو جزءٌ ضخم من الأمة العربية والإسلامية – مؤخراً لمحور المقاومة، يُثبت أن خيار الشعوب العربية والإسلامية هو التحرر وانتهاج خط محور المقاومة الذي ترأسه إيران. مما يعني أن الواقع الحالي وخيارات الشعوب، هي التي يمكن أن تكون خير دليل على زيف ادعاءات هذه الدول، تجاه الجمهورية الإسلامية.

رابعاً: تُعبِّر مواقف هذه الدول، ومن يقف خلفها، على حجم الفشل في فهم الواقع السياسي الذي تعيشه الأمة. فالعالم الإسلامي وشعوب العالم العربي، يسألون هذه الدول اليوم عن موقفهم من مجازر السعودية بحق الشعب اليمني والتي لا داعي للدخول في تفاصيل أرقامها والتي باتت معروفة. كما تسأل شعوب المنطقة، هذه الدول عن رأيها في محاولات ومساعي التطبيع مع الكيان الإسرائيلي والتي تقودها السعودية ودول خليجية أخرى.

خامساً: يبدو واضحاً أن هذه المحاولة ليس لها أي تأثير. خصوصاً أن شعوب المنطقة باتت تعيش نقمة على أنظمتها المتخاذلة. وهو ما بات خيار الشعب الفلسطيني وكافة شعوب الأمة العربية والإسلامية. فيما مشكلة إيران أنها تُشكِّل خيار الشعوب. وهو ما لم ولن تستطيع أن تفهمه جوقة الأمراء والملوك والرؤساء العرب المتخاذلين بحق شعوبهم وقضايا الأمة، قبل نكرانهم لجميل السياسات الإيرانية.

إذن ليس غريباً أن يسعى البعض لتزييف الحقائق. ففي زمنٍ يتحدث فيه عن الشرف من باعوا أوطانهم وأمتهم العربية والإسلامية مقابل أموال النفط والدولار، لن يكون هذا غريباً. في حين لا تحتاج طهران للدفاع عن نفسها. فخيارات شعوب المنطقة هي التي تُجيب. فمن اليمن الى البحرين، والعراق ولبنان وسوريا وفلسطين، وصولاً الى كل مظلومٍ ومستضعفٍ يعيش على وجه هذه الأرض، يعرف أن إيران وشعبها تدين للعالم بأسره، وهي التي تعتبر نفسها تقوم بواجبها. لكن الواجب علينا أن نقول الحقائق.

فإذا كانت إيران لدعمها حركات المقاومة والتحرر في العالم، ولوقوفها في وجه السياسات الأمريكية الإسرائيلية، ولمساعدتها الشعوب في مكافحة الإرهاب، تُعتبر إرهابية، فإننا أيضاً معها وخلفها إرهابيون. وبات من الطبيعي في زمن تزييف الحقائق، أن تكون إيران إرهابية!
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق