السعودية وسِهام الضّحالة
أدانت الحكومة العراقية بشدة الفضيحة المهنية اللااخلاقية التي ارتكبتها صحيفة “الشرق الاوسط” السعودية اللندنية يوم الاحد الماضي ضد ملايين الزوار المشاركين في مراسم الأربعين، في بيان صدر عن وزارة خارجيتها فيه بانها “شرعت بإجراءات إقامة دعوى قضائية لدى المحاكم البريطانية ضد الصحيفة التي تعمدت هذه الاساءة الواضحة في محاولة رخيصة للتجاوز على مراسم زيارة اربعينية الامام الحسين (ع) سبط الرسول الأعظم محمد(ص)”، موضحة بأن “مثل هذه المحاولات الدنيئة لبعض وسائل الاعلام المتبنية لأجندات طائفية لن تستطيع تشويه الصورة الناصعة للحشود المليونية المتوافدة نحو كربلاء المقدسة ولن تمر دون ردع “.
منظمة الصحة العالمية التي نسبت الصحيفة السعودية اليها هذه القضية المزعومة كذّبت الخبر الذي نشره أحد المواقع الالكترونية وأعادت صحيفة “الشرق الأوسط” استخدامه في تقرير لها، وتسبب في موجة غضب شعبية ورسمية في العراق. فقد نسب الخبر للمنظمة الدولية تحذيرها من تزايد “حالات حمل غير شرعي” في مدينة كربلاء العراقية بالتزامن مع احياء مراسم دينية في المدينة. وقالت المنظمة الأممية في بيان نشر على موقعها الرسمي “إنها تنفي بشدة وتستنكر استخدام اسمها في خبر عار عن الصحة نشر على موقع “أصوات حرة” يدعي أن أحد إعلاميي المنظمة في جنيف صرح بخصوص الزواج غير الشرعي خلال المراسم الدينية”. وأضاف البيان: “وإذ تدين المنظمة بأشد عبارات الإدانة إقحام اسمها في تقرير مفبرك لا يمت لمبادئها بصلة، فإنها تتحرى حالياً عن مصدر الخبر الخاطئ وقد تلجأ إلى مقاضاة ناشريه”.
المضحك والمؤسف في الوقت نفسه، هو أن صحيفة “الشرق الأوسط” الصادرة في لندن عن المجموعة السعودية للابحاث والتسويق سارعت إلى حذف الخبر من موقعها الالكتروني وحذف صورة نسختها الورقية المصوَّرة من الموقع ايضا، ووضع صورة عدد اليوم الفائت بدلها. كما نشرت لاحقا نص بيان التكذيب الصادر عن منظمة الصحة العالمية، مرفقا بإعلان الاستغناء عن مراسلها في العراق لنشره معلومات مغلوطة ـ على حد زعمها. والمثير للشبهة هو ان صحيفة “الشرق الاوسط” هذه، لم تشر في نفيها إلى الموقع الذي تقول منظمة الصحة أنه نسب الخبر الملفق اليها.
الإعتقاد الجازم هو ان تراجع مالكي صحيفة “الشرق الاوسط” السعوديين عن تبني هذه المهزلة الدعائية، لن يقلل من حقيقة تحامل حكام الرياض على اتباع مدرسة أهل بيت النبي الاكرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذين يشكلون في عصرنا جبهة اسلامية متراصة تعبويا وجماهيريا للاسباب التالية:
1 ـ ان الصحيفة السعودية حققت هدفها الوضيع باتجاه نفث سمومها الى مسيرة الاربعين المليونية عبر افتراء “اشاعة لا اخلاقية”عليها، للحد من عظمتها وطبيعتها الطاهرة، وهي المسيرة التي اجتذبت اهتمام الاوساط الدولية والراي العام العالمي بسبب انسيابيتها وعفويتها وانتظامها اعتمادا على روح الايمان والتعاون والتكافل بين حشود الزوار وهم من مختلف مكونات المجتمع الانساني، رجالا ونساء، شيوخا وشبابا واطفالا، أصحّاء ومقعدين. حيث ان الكم الهائل من الصور والفيديوهات يمكنه ان يعكس الأبعاد الرائعة لهذا المشهد الجماهيري الاسطوري بحق.
2 ـ بعدما تأكد لـ “حكام الرياض” عجز الدواعش عن الإخلال بالزحف الأربعيني العظيم في شهر صفر عام 1438 وفشلهم الذريع ايضا في الصمود امام بطولات المقاتلين العراقيين الأشاوس جيشا وحشدا شعبيا، في حملتهم لتطهير محافظة نينوى من دنس التكفيريين، انبرت صحيفة “الشرق الاوسط” السعودية لتسديد أقذر سهامها حقدا نحو زوّار مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) الذين تجاوز عددهم الـ (27) مليون نسمة من انحاء العالم ومن المذاهب والديانات المختلفة.
3 ـ هذا التوجه السعودي الضحل ليس جديدا على عقلية حكام الرياض الطائفيين ومرتزقتهم من الوعاظ والسياسيين والإعلاميين. فصحيح ان جريدة “الشرق الاوسط” تراجعت وتنصلت من فريتها الخبرية، إلا ان عملاء “مملكة الرمال” الذين باعوا ذممهم للمال السعودي الوهابي سيواصلون التطبيل والتهريج والتبشيع واستنادا الى هذه الكذبة بالذات وغيرها كثير من الافتراءات المختلقة.
4 ـ من الواضح ان النظام السعودي هو الراعي الاساسي للمؤامرة التكفيرية الكبرى في العالم الاسلامي، فهو يمارس دورا تكامليا خطيرا جنبا الى جنب مع عصابات “داعش” والقاعدة وطالبان وجبهة النصرة وبوكو حرام وامثالها. انه يمارس هذا الدور الارهابي الدموي بكل تفاصيله عسكريا في اليمن، وبوليسيا قمعيا في المنطقة الشرقية من بلاد الوحي وفي دولة البحرين، وتسليحيا تمويليا لوجستيا مخابراتيا في العراق وسوريا ولبنان، وتحريضيا ماليّا في نيجيريا وليبيا.
بيد ان افتراءه الاخير من خلال صحيفته “الشرق الاوسط” على شيعة آل البيت النبوي الشريف وزيارة الاربعين التي اضحت حشودها تتزايد بالملايين في كل عام، يعطي صورة عاكسة لحجم الهستيريا والصدمة التي اصيب بهما “حكام الجاهلية المعاصرة”، وذلك جراء تنامي شوكة انصار الحق والايمان والعدل السائرين على خطى الأئمة الاطهار من نسل رسول الله محمد ووصيه الامام علي وبضعته السيدة فاطمة الزهراء على نبينا وعليهم جميعا افضل الصلاة والسلام.
في هذا الإتجاه نرى بأن افتراء الكذب والتهم والتبشيع على الزوار المؤمنين في قضايا تستفزّ الأَعراض والشرف، وهم الذين تركوا الأهل والدياروسبل الراحة والاستقرار وبذلوا الاموال، وجاؤوا الى كربلاء من كل حدب وصوب لتخليد تضحية سيد الشهداء الامام الحسين (ع)، هو سلاح الجبناء الذين باؤوا بالخزي والخسف وبئس المصير على مر التاريخ. ويبدو ان آل سعود بتصرفاتهم الدنيئة باتوا ومن حيث يشعرون او لايشعرون يعجلون الخطى للسقوط في الهاوية قريبا.
حميد حلمي زادة / فارس
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق