التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

الولايات المتحدة أم روسيا؛ الى أين ستتجه تركيا؟ 

لطالما شهدت العلاقات التركية الأمريكية خلال عهد الرئيس أوباما الذي امتد لثمانية سنوات الكثير من التذبذبات والتطورات.

وتوترت هذه العلاقة بصورة خاصة بعد الانقلاب العسكري الفاشل الذي شهدته تركيا والذي تبعه رفض أمريكي شديد لدعم اردوغان، ترافق مع رفض واشنطن لطلب انقرة باعادة عبد الله غولن إليها.

وبعد هذا الحدث تقارب الأتراك مع الروس ليستخدموا العلاقات مع روسيا أداة للضغط على واشنطن، بعد أن كانت علاقات أنقرة مع موسكو قد توترت بين بسبب ملف اسقاط طائرة سوخوي 24 الروسية. وفي هذا الاطار، ومن أجل تغيير الظروف القائمة بين البلدين حاولت حكومة اوباما التي كانت تنظر الى تركيا على أنها حليف يعتد به في الشرق الأوسط، أن تطلق يد الأخيرة للتدخل في شمال سوريا ومدينة الموصل العراقية، وخفضت حكومة أوباما دعمها للاكراد السوريين الى حد كبير بناء على رفض تركيا لدعم واشنطن العلني والواضح لهؤلاء.

رغم كل ذلك فإن من الواضح أن العلاقات بين انقرة وواشنطن لم تعد الى سابق عهدها وما زال الفتور يلقي بظلاله على العلاقات بين الطرفين. وفي ظل هذه الظروف، أدى استلام ترامب للسلطة اثر فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمركية، الى اثارة موجة من التحليلات والتكهنات حول العلاقات بين البلدين في عهد الرئيس الأمريكي الجديد، رغم أن تركيا دعمت انتخاب ترامب سعيا منها لاتخاذ سياسة التأني والانتظار كي تنأى بنفسها عن أي رد فعل متسرع قبل اتضاح مواقف ترامب الحقيقية حيال العلاقات بين البلدين.

في ظل هذه الأوضاع وبالنظر الى ان ترامب لا يمكن توقع تصرفاته، فإن مستقبل العلاقات التركية الامريكية في عهد الرئيس ترامب لايزال غير واضح. رغم ذلك، فإن المسؤولين الأتراك يشعرون بالقلق حاليا بسبب موقف ترامب حيال زيادة المساعدات لقوات حماية الشعب الكردية في سوريا من أجل مواجهة تنظيم داعش. في الحقيقة أن تركيا قلقة الى حد بعيد من تنامي سلطة الاكراد في سوريا؛ لأن ذلك سيعزز احتمال تشكيل منطقة حكم ذاتي كردية ثانية عند الحدود الجنوبية لتركيا. ويعلم المسؤولون الأكراد أن تشكيل منطقة حكم ذاتي كردية ثانية عند الحدود الجنوبية لتركيا سيفاقم خطورة الاوضاع السياسية في المحافظات الكردية داخل تركيا ويجعلها أكثر حساسية. من هذا المنطلق تستخدم تركيا جميع أدواتها من أجل منع الفدرلة في سوريا أو تعزيز موقع الاكراد السوريين في المشهد السياسي لبلادهم، على الرغم من أن الخلاف التركي الأمريكي حيال هذا الملف قد يصبح اكثر عمقا.

ويعتبر اردوغان أن أي تنازل في هذا الملف هو خطوة تهدد خططه الرامية الى اقامة جمهورية تركية قوية، كما أن هذا الأمر قد يؤدي الى زيادة مقاعد حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في الانتخابات البرلمانية التركية القادمة. من هذا المنطلق، على الرغم من سعادة تركيا بانتصار ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإن الموضوع الوحيد الذي قد يدخل اردوغان في مواجهة مع ترامب هو ملف الأكراد و سوريا.

أما الخلاف بين تركيا وأوروبا حول اعادة تفعيل عقوبة الاعدام في قانون العقوبات التركي، تعقيد ملف انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي وملف المهاجرين، فإنها ستؤدي الى أن يقرر أردوغان التقرب من الامريكان ليتخلص من الهواجس الأمنية والاقتصادية التي تهدده. إن الخلاف بين ترامب والأوروبيين من جهة واحتمال تعزيز العلاقات الروسية الأمريكية من جهة اخرى، سيؤثرا كثيرا على التقارب بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية. كما ان براغماتية اردوغان ترجح احتمال قيامه بخطوات تصعيد وتفرقة في بعض ملفات المنطقة من اجل الدخول ضمن المعسكر الأمريكي.

بصورة عامة يمكن القول أن العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين واشنطن وأنقرة وكذلك تفضيل الأتراك للتقارب مع الولايات المتحدة ستوفر الارضية الملائمة لترميم العلاقات بين الطرفين، إلا إذا رغب ترامب بدعم الأكراد دعما حقيقيا أو عزز علاقاته مع الاتحاد الأوروبي. إن الدعم الامريكي للأكراد أو تعزيز العلاقات بين أمريكا والأتحاد الاوروبي، قد تزيد عمق الهوة في العلاقات بين الطرفين وتجعل الاستدارة التركية نحو روسيا أكثر جدية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق