حقيقة الخلاف بين الرياض والقاهرة: ثورة مصرية على سياسات الإذلال السعودية!
ليس صحيحاً أن السعودية وبكل ما تمتلك، قادرة على إذلال شعوب ودول المنطقة. خصوصاً أن سياستها الكيدية باتت محطَ سخط الدول والشعوب العربية. وهو ما يبدو جلياً بين الرياض والقاهرة على خلفية وصول التوتر بين البلدين الى أعلى مستوياته. في وقت تلجأ الرياض دوماً لسياسة الإذلال ضد الدول العربية التي تخرج عن رأيها. وهو ما بات واقعاً من الخلاف، بين مصر والسعودية حول العديد من ملفات المنطقة، لا سيما سوريا واليمن. فماذا في الخلافات السعودية المصرية؟ وكيف تُعتبر العلاقة بين مصر وسوريا أمتن؟
السيسي يوجه رسائل للملك سلمان
كشفت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، أن أمير الكويت دخل على خط الوساطة مؤخراً بين الطرفين المصري والسعودي. ونقلت الصحيفة عن مصادر رئاسية قولها إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حمَّل أمير الكويت عدة رسائل، بهدف إيصالها للملك سلمان مفادها:
– عدم الضغط على النظام المصري من أجل قضية جزيرتي تيران وصنافير والتي باتت أمام القضاء.
– التمني على الرياض احترام التباين في وجهات النظر فيما يتعلق بالعديد من الملفات السياسية الإقليمية على اعتبار أن مصر ليست دولة صغيرة تُساق كأنها تابعة للمملكة.
– رفض الجانب المصري للإنتقادات العلنية التي وجهتها السعودية للسياسة الخارجية المصرية.
– السخط المصري من وقف السعودية لإمدادات البترول الأمر الذي أظهر العلاقات المصرية السعودية بشكل سيئ وساهم في إحراج مصر داخلياً وإقليمياً.
الخلاف حول الملف السوري: العنوان الأبرز!
من خلال مواقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يبدو واضحاً وجود توجهات مصرية فيما يخص الأزمة السورية تختلف مع التوجه السعودي وتتماشى مع احترام الجانب السوري. وهنا نُشير للتالي:
– إن موقف مصر واضح من الأزمة السورية ويتمثل في احترام إرادة الشعب السوري وخياراته والتوجه نحو دعم سُبل الحل السياسى للأزمة، بحسب ما أكد الرئيس المصري مراراً.
– يدعو دوماً الطرف المصري للتعامل بجدية مع الجماعات الإرهابية ونزع السلاح منها، وضرورة الحفاظ على وحدة الأراضى السورية والمساهمة في إعادة إعمار ما دمرته الحرب. وهو ما دفع مصر للتصويت على مشروع قرار روسي في مجلس الأمن حول الوضع في سوريا، عارض التوجه السعودي.
خلافات أخرى: أزمة النفط واليمن نموذجاً!
أولاً: أزمة النفط
بعد يومين من ممارسة مصر لحقها وتصويتها إلى جانب مشروع القانون الروسي، أعلن المتحدث باسم وزارة البترول المصرية “حمدي عبد العزيز”، أن شركة أرامكو السعودية أبلغت الهيئة العامة للبترول بوقف إمدادات البترول دون إبداء أي أسباب. مما أبرز توتراً واضحاً في العلاقات، وسخطاً مصرياً من أسلوب السعودية البعيد عن احترام العلاقات الثنائية. فيما أبرز السلوك السعودي السياسة البشعة التي تعتمدها الرياض للضغط على شعوب ودول المنطقة.
ثانياً: الملف اليمني
يقول البعض إن موقف مصر الحقيقي يُعارض الحرب السعودية ضد اليمن. لأسباب عديدة أهمها الذكريات السيئة للجيش المصري والذي تدخل في اليمن في الستينات. وعلى الرغم من اعلان القاهرة دعمها للسعودية لكنها لم تُشارك بالشكل الذي طلبته الرياض، مما أثار امتعاض الدول الخليجية حينها وأحدث بلبلة في المنطقة.
على الضفة الأخرى: العلاقات التاريخية المصرية السورية
تميّزت العلاقات المشتركة بين البلدين سوريا ومصر بالمتانة لأسباب تاريخية، عكس العلاقة المصرية السعودية والتي رسَّختها الرياض علاقة مصالح. وهنا نُشير للمحطات التالية:
– تُعتبر الدولتان ذات تاريخ مشترك منذ القدم حيث كانت أرضاً واحدة في فترات كثيرة منذ عصر الدولة الحديثة الفرعونية حتى القرن التاسع عشر وتحديداً مع بدء إنهيار وتفكك الدولة العثمانية.
– تجلت أهم مظاهر الوحدة بين البلدين في إتحاد الدولتين في دولة واحدة باسم “الجمهورية العربية المتحدة” عام 1958 برئاسة “جمال عبد الناصر”. لتعود وتتفكَّك هذه الوحدة عام 1961.
– في العام 1971، وبعد تولي الرئيس أنور السادات الحكم في مصر وحافظ الأسد في سوريا ومعمر القذافي في ليبيا، أُعلن عن قيام اتحاد الجمهوريات العربية، وهو اتحاد يحفظ لكل دولة شخصيتها الإعتبارية ونظامها الداخلي.
– انهارت هذه الوحدة بعد اتخاذ مصر طريق مفاوضات السلام مع الكيان الإسرائيلي. لكن خاضت مصر مع سوريا حرب “أكتوبر” عام 1973 لطرد الإحتلال الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء في مصر وهضبة الجولان في سوريا.
إذن يبدو واضحاً أن الخلافات السعودية المصرية تعود لمسار العلاقة المبنية على المصالح، وهو ما تتعاطى على أساسه الرياض دوماً. في حين نجد أن ما يجمع سوريا ومصر، أكبر بكثير من مجرد علاقة. تاريخٌ واضحٌ من الجغرافيا والأيديولوجيا والتوجهات السياسية المشتركة. في حين جاء الخلاف الحالي بين الرياض والقاهرة ليكون بمثابة ثورة مصرية على سياسات الإذلال السعودية، والتي باتت أداتها في أية سياسة خارجية.
المصدر / الوقت