التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

جولة “سلمان”: انكسار شوكة أم إثبات وجود ؟ 

بينما يستكمل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز جولته الخليجية الرباعيّة، التي بدأت في الإمارات ثم في الدوحة التي وصلها أمس، على أن يتوجه اليوم إلى المنامة لحضور القمة الـ37 لمجلس التعاون ويبدأ بعدها زيارة رسمية، ثم يغادر الخميس إلى الكويت، ترتسم في الأفق أسئلة كثيرة ومهمة تبحث عن إجابات أو تفسيرات تتمحور حول أهداف‌”الشقيقة الكبرى” من الجولة الخليجيّة على “الأشقّاء الصغار” عدا “العدو اليمني”، و”المنافس العُماني”، وفق المنطق السعودي الجديد.

الإعلام السعودي صبّ جام اهتمامه على كافّة تفاصيل الزيارة، من المزاح إلى الشعر فالرقص، في خطوة تسعى لإظهار الاقتدارالسعودي في المنطقة، لاسيّما بعد توتّر العلاقات مع مصر والابتعاد تدريجيّاً عن تركيا، فضلاً عن الخشية السعودية من الرئيس الأمريكي المتهوّر دونالد ترامب، وقانون العقوبات الأمريكية حول أحداث 11 سبتمبرالموسوم بـ”جاستا”.

لكن الدخول في تفاصيل الزيارة، و”القمة الخليجية- البريطانية”، التي ستعقد في البحرين، إضافةً إلى الحديث عن الاتحاد الخليجي الذي “سيكون حاضرا للمناقشة في القمة”، وفق مصادر رسميّة سعوديّة، يؤكد أن هذا “الاقتدار” التي تسعى الوسائل الإعلاميّة لنشره، لا يتعدّى شاشاتها.

قد يتغنّى البعض بالحفاوة الإعلاميّة التي يحظى بها اليوم الملك سلمان عبر بعض الخطوات الفلكلورية التي لا تغني ولا تسمن من جوع على الصعيد السياسي، فلا طلاب مصطفّون ولا رجّالة أو خيّالة، أو سيوف وصور ذكرية قادرة على تغيير الواقع الإقليمي للسعودية التي تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى مراجعة شاملة، وهنا لابد من الإشارة إلى النقاط التالية:

أولاً: تأتي الزيارة في ظل خلاف سعودي مصري اقترب من الطلاق البائن، وفق بعد المصادر، لاسيّما بعد فشل الوساطة الثنائية الإماراتيّة والكويتية، ليصل الملك السعودي إلى محطّته الخليجية الأولى، الإمارات، بعد ساعتين فقط على مغادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. كذلك، لا يمكن فصل هذه الزيارة التي ستتطرّق إلى موضوع “الاتحاد الخليجي” عن موضوع “الجزية” التي التي طالب بها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ومقدارها ربع دخلها من العوائد النفطية، ناهيك عن الأرصدة المتواجدة في أمريكا وباتت اليوم رهن قانون “جاستا”.

ثانيّاً: يبدو أن السعودية وبعد “انكسار شوكتها” في الملفين اليمني والسوري، وخلافاتها مع دول إقليميّة فاعلة، كمصر وتركيا والمغرب وباكستان فشلت في إيجاد حلف قوي لمواجهة إيران، لذلك، تلجأ اليوم إلى الدول الصغيرة لتحقيق أهدفها السياسيّة، ولكن السعودية التي فشلت في تحقيق أهداف في ظل وجود دول إقليمية ودوليّة فاعلة، إضافةً إلى الدول الخليجية، إلى جانبها، كيف لها أن تحقّق هذه الأهداف بعد انكشاف ظهرها اليوم؟

ثالثاً: لا تقتصر استنجادات الملك سلمان على الدول الخليجيّة فقط، بل ستحاول السعودية عبر “القمة الخليجية-البريطانية”، “تبادل وجهات النظر حول بعض المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك”، التي تصبّ في هذا السياق وذلك بحضور تيريزا ماي أول رئيس وزراء لبريطانيا وأول امرأة تحضر قمة خليجية، وثاني زعيم أوروبي يحضر قمة خليجية، وذلك بعد فرانسوا أولاند، الذي سبق أن حلّ ضيف شرف على القمة التشاورية بالرياض، في مايو/أيار 2015. في المرّة السابقة لجأت السعودية إلى فرنسا في خضم المفاوضات النووية للحصول على ضمانات سياسيّة مقابل حصول باريس على ضمانات اقتصادية عبر صفقات السلاح والمشاريع الاقتصادية. حضور ماي يصب في الخانة نفسا حيث تبحث السعودية عن لاعب دولي مساعد بعد تعزيز احتمالية فقدانها لواشنطن، كما كان الحال سابقاً، إلا أن هذا الأمر يفرض على السعودية تقديم ضمانات اقتصادية تحدّثت عنها ماي قبل توّجهها إلى البحرين موضحةً أن “هناك فرصا تقدر قيمتها بـ 30 مليار جنيه إسترليني للشركات البريطانية في 15 مجالا مختلفا في المنطقة خلال السنوات الخمس المقبلة”.

رابعاً: رغم كافّة المحاولات لإعطاء الاتحاد الخليجي بعداً إستراتيجيّاً، إلا أنه في الواقع لا يختلف عن مجلس التعاون في المضمون، وإن اختلف في الشكل. السعودية، سواءً في الاتحاد الخليجي أو مجلس التعاون، تتحكّم بقرار بعض الدول المجاورة لها عدا سلطنة عمان، العضو المؤسس في مجلس التعاون، والتي أسقطها الملك سلمان من جولته. في الواقع، إن الاتحاد الخليجي، إن حصل، هو نسخة مشابهة عن مجلس التعاون حيث سيقوم على أنقاضه، ولا يعدو عن كونه فرقعة إعلاميّة كتحالف محمد بن سلمان العسكري الإسلامي الذي لم يدري به أصحابه، ورؤيته الاقتصادية “2030” التي زادت من طينة السعوديين بلّةً.

خامساً: قد نسمع خلال اليومين القادمين تصاريح سعودية عالية السقف نحو إيران، وسوريا، وربّما أمريكا في خطوة جديدة للهيبة السعودية التي تحطّمت على أسوار اليمن، وبالتالي من غي المفيد أن نعيرها اهتماماً.

الجولة الخليجية، وكافّة المواقف السعودية, حالها حال العدوان على اليمني والغارات الجويّة التي بات يصحّ تسميتها “أنا أضرب إذاً أنا موجود”، واليوم يسعى سلمان بعد انكسار شوكته الإقليمية والدولية لإثبات وجوده بين “أشقائه الصغار”.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق