السعودية تصعد خلافها مع مصر… انفتاح على أثيوبيا ومستشار سلمان يزور سد النهضة
وكالات – سياسة – الرأي –
دخلت العلاقات السعودية المصرية مرحلة اخطر من “المناكفات” والضربات القوية “تحت الحزام”، في نقله نوعية من الحملات الإعلامية الشرسة المتبادلة، الى الدخول في تحالفات اقتصادية وسياسية مع الخصوم الإقليميين.
نحن نتحدث هنا عن التقارب السعودي الاثيوبي المتزايد الذي تنظر اليه مصر وحكومتها بحساسية فائقة، لانها تراه تهديدا لها، ويصب في مصلحة تعزيز التوجهات الاثيوبية، التي تهدد الامن المائي المصري، وحصتها من مياه نهر النيل على وجه الخصوص.
بعد الزيارة التي قام بها وفد اثيوبي كبير الى الرياض قبل نحو شهر برئاسة هيلي مريام ديسالين رئيس الوزراء، حظي بحفاوة خاصة، واستقبال مميز من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي بحث مع الوفد مجالات التعاون الدفاعي والاقتصادي، ها هو السيد احمد الخطيب احد ابرز مستشاري العاهل السعودي يحل ضيفا معززا في اديس ابابا، ويلتقي الرئيس الاثيوبي، ويقوم بزيارة لافتة لسد النهضة الاثيوبي، ويتحدث عن آفاق التعاون الاقتصادي بين بلاده واثيوبيا، ورغبة المستثمرين السعوديين في زيادة استثماراتهم فيها.
زيارة السيد الخطيب تأتي بعد أيام قليلة من زيارة اخرى قام بها السيد عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، وزير الزراعة السعودي قبل أسبوع الى العاصمة الاثيوبية حاملا أيضا عروضا بالتعاون الاستثماري في المجالات الزراعية.
هذه “الهجمة” الدبلوماسية والاستثمارية السعودية تأتي في وقت تتوتر فيه العلاقات المصرية السعودية، والمصرية الاثيوبية، الأولى بسبب التقارب المصري مع سورية وايران، والثانية بسبب قلق الحكومة المصرية من تأثيرات سد النهضة على حصة بلادها من المياه.
المصريون، شعبا وحكومة، سيشعرون بالقلق، وربما بالغضب أيضا، من جراء هذا الانفتاح الدبلوماسي والاقتصادي السعودي على اثيوبيا، الخصم الرئيسي الذي يطالب بتعديل معاهدات توزع مياه النيل التي تعطي مصر نصيب الأسد (حوالي 55.5 مليار متر مكعب سنويا)، لان سد النهضة الذي سيكون واحدا من سلسلة سدود أخرى يقام على روافد النيل الأزرق الذي يغذي اكثر من 80 بالمئة من مياه النيل، تأتي باقي المياه من بحيرة فيكتوريا الاوغندوية، علاوة على مصادر أخرى اقل أهمية.
العاهل السعودي لم يتجاوب مع وساطة إماراتية بإصلاح العلاقات بين بلاده ومصر، ووصل ابو ظبي بعد ساعتين من مغادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لها، مما يعني انه لا يريد أي مصالحة مع الرئيس المصري، او أي تعاون مع بلاده، وتجميد كل الاتفاقات التي جرى التوصل اليها اثناء زيارته التاريخية لمصر في الربيع الماضي، بما في ذلك الجسر الذي يربط البلدين فوق خليج العقبة، وعودة جزيرتي “تيران” و”صنافير” الى السيادة السعودية، وإقامة منطقة حرة في سيناء.
في ظل هذه الخلافات المتفاقمة بين “الحليفين الاستراتيجيين” علينا ان نتوقع المزيد من “المناكفات”، وربما تبادل “اللكمات” السياسية والإعلامية في الأيام القليلة المقبلة، وردا مصريا على “اللعب” السعودي في الفناء المصري الافريقي كورقة ضغط على القاهرة، ولا نستغرب، او نستبعد، ان يأتي هذا الرد على شكل زيارات لمسؤولين مصريين الى كل من دمشق وطهران وصنعاء، والأخيرة تعتبر الفناء الأخطر للسعودية.
تدهور العلاقات بين البلدين متسارع، وتجاوز مرحلة الهجمات الإعلامية التقليدية، والاسابيع والاشهر المقبلة قد تكون حلبة مواجهات سياسية ودبلوماسية وإعلامية، بعد انتقال “الحرد” السعودي الى المواجهة مع مصر وحكومتها ورئيسها، واختراق كل الخطوط الحمراء في خريطة العلاقات بين البلدين.انتهى