التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

أمريكا تزوّد “المعارضة السوريّة” بصواريخ ارض جو: حقيقة أم زيف 

وكالات ـ امن ـ الرأي ـ

أعاد نصر حلب الاستراتيجي قضيّة تزويد “المعارضة السوريّة” المسلّحة بصواريخ مضادة للطائرات إلى الواجهة من جديد.

“الخطوة العدائية”، وفق المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ، جاءت في إطار اعتماد الرئيس الأمريكي “منتهي الصلاحيّة” باراك أوباما مشروع قانون الإنفاق الدفاعي السنوي في الأسبوع الماضي، الذي ينص على توريد المساعدات العسكرية لـ”التشكيلات المعارضة” للحكومة في سوريا، لكن وزارة الخارجية الأمريكية نفت أمس الثلاثاء الأمر مؤكدةً أن واشنطن لا تقدم أي صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف إلى “المعارضة السورية”، وقد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية مارك تونر “الحقيقة هي أننا لا نقدم أي نوع من أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف للمعارضة السورية… موقفنا بشأن أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف لم يتغير ولدينا مخاوف شديدة من وصول مثل هذه الأسلحة إلى سوريا”.
الالتباس الأمريكي الجديد يؤكد أن شيئاً ما قد حصل ما أدّى لتراجع واشنطن، أم أن الأمر أساس لا يعدو عن كونه فقاعة إعلاميّة من قبل الإدارة الأمريكية التي ستترك البيت الأبيض للرئيس المنتخب دونالد ترامب بعد أقل من شهر.

ولا يستغرب خبراء ومحللون الدور الروسي في صدور الموقف الأمريكي الجديد، لاسيّما بعد التحذير الروسي من عواقب القيام بهذه الخطوة، لأنها تعتبر عملا عدائيا وتهدد بشكل مباشر القوات الروسية في سوريا، الأمر الذي دفع بواشنطن لإعلان تراجعها بعد ساعات.

المؤشرات الصادرة من واشنطن غير واضحة، وسواءً تم تزويد المعارضة خلافاً لكلام وزارة الخارجية، أو لم يحصل ذلك، فإن إعلان أوباما عن الأمر في الأيّام الأخيرة لولايته يحمل جملة من الرسائل والدلالات نذكر منها:

أوّلاً: لا يمكن فصل قرار واشنطن الذي يعد تنفيذاً لـ”الخطة ب” التي بقيت لسنوات في الأدراج الأمريكية عن نصر حلب الاستراتيجي الذي أسقط بدوره مشروع إسقاط سوريا.

ثانياً: لا يمكن فصل طرح موضوع تزويد المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات عن خشية أوبما من تقارب خلفه ترامب مع الجانب الروسي. إذ تأتي هذه الخطوة التي وصفتها المتحدّثة الروسيّة زخاروف بمحاولة “زرع لغم” في طريق إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب المقبلة من قبل أوباما، تأتي بعد أيام قليلة على توسيع إدارة أوباما قائمة الروس الخاضعين للعقوبات الأمريكية المفروضة على موسكو بسبب الأزمتين السورية والأوكرانيّة. لم تقف الألغام الديموقراطيّة للادراة الجمهوريّة المنتظرة عند هذا الحد، فقد ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” في عددها الصادر اليوم الأربعاء أن الإدارة الأمريكية تستعد للإعلان عن حزمة إجراءات عقابية موجهة ضد موسكو بذريعة التدخلات الروسية المزعومة في الانتخابات الأمريكية.

ثالثاً: تعد هذه الخطوة أحد الردود الأمريكية على الاجتماع الروسي الإيراني التركي المشترك في موسكو بغياب واشنطن، فضلاً عن كونها تؤكد رفض واشنطن للحل السياسي في سوريا، وبالتالي إبقاء الوضع الأمني والسياسي متأرجحاً مع وصول الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي قد يستخدم استراتيجيّة مختلفة.

رابعاً: إن أحد أهداف خطوة أوباما هي إرضاء بعض الأطراف العرب، كالسعوديّة وغيرها، التي لطالما حاولت الضغط على الإدارة الأمريكية منذ سنوات لتسليم صواريخ مضادة للطائرات تشل فاعلية سلاح الجو السوري، وطمأنة واشنطن أن هذه الصواريخ لن تقع في ايدي داعش والنصرة. وفي حين أوضح مسؤولون أمريكيون قبل أشهر في حديثهم لوكالة “رويترز” احتمال قيام بعض الدول الخليجيّة بتسليح المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات تطلق من على الكتف، قال مسؤول آخر “يعتقد السعوديون دوما أن السبيل الأمثل لإقناع الروس بالتراجع هو ما جرى في أفغانستان قبل نحو 30 عاما، وهو تحييد قوتهم الجوية بتزويد المجاهدين بأنظمة الدفاع الجوي المحمولة “ستينغر”، وبالتالي تغيير مسار الحرب.

خامساً: تحاول واشنطن، التي تريد معاقبة تركيا على تقرّبها من روسيا، تحاول رفع معنويّات الجماعات المسلّحة بسبب الهزيمة الأخيرة في حلب، لتغيير المعادلة الميدانية قبل الدخول بأي حل سياسي يفرض على الإدارة الأمريكية تنازلات إضافيّة. إن المسار السياسي اليوم لا يخدم واشنطن بسبب فشل رهانها على حلب، وبالتالي لا نستغرب أن تقدم الإدارة الأمريكية على أيّ خطوة لتغيير مسار الحرب. ولكن، ما فشلت في تحقيقه خلال سنوات، هل تحقّقه خلال أيّام؟

التباس أمريكي يحيط المسألة بوابل من الشكوك التي تبقى برسم الميدان، أو إخراج الحقيقة إلى العلن من قبل الإدارة الأمريكية المقبلة في حال قرّرت ذلك، لكن أغلب الأبحاث العسكرية الأمريكية تؤكد أن نصف شحنات الأسلحة التي أرسلتها إلى المعارضة وقعت في يد تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين، فهل يجرؤ الرئيس أوباما على فعلها؟

لا نردي الإجابة الشافية التي يمتلك أوباما، ولكن ما هو مؤكد أن سوريا ليست أفغانستان، وروسيا بوتين ليست كروسيا غورباتشوف.انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق