التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

الأهداف الحقيقية وراء زيارة هولاند للعراق 

حطت طائرة الرئيس الفرنسي “فرانسوا هولاند” صباح الاثنين في العاصمة العراقية بغداد في زيارة مفاجئة غير مخطط لها وأُعلن أنها تهدف للقائه مع الجنود الفرنسيين المتمركزين في أقرب مكان على خط المواجهة ضد تنظيم داعش الإرهابي. وتعتبر زيارة هولاند إلى العراق هي الثانية من نوعها بعد تلك التي قام بها في أيلول 2014، مباشرة بعد سقوط الموصل بأيدي تنظيم داعش. فما الدافع الذي يقف خلف هذه الزيارة؟ وما الأهداف الحقيقية الكامنة وراءها؟

أولاً، وفي قراءة مباشرة لهكذا زيارات يمكن أن نستشف عكسها لخوف الغرب من الاحتجاجات الشعبية المتزايدة فضلاً عن سوء السمعة التي تكونت لدى الشعب العراقي من جراء أداء المسؤولين الغربيين سواء البريطانيين أو الأمريكيين المتواجدين في العراق، أو من حكومات هؤلاء، خصوصاً مع عدم إيفائها بوعودها فيما يخص ملفات التسليح والغطاء الجوي للجيش العراقي في عملياته ضد الإرهاب.

ثانياً، ومع وصول الحملة العسكرية لطرد الإرهاب في الموصل إلى مراحل متقدمة ونهائية تقريباً إندفع المسؤولون الغرب للتصدي للمشهد بالقدوم للعراق والساحات المشتعلة في المنطقة لزيارة جبهاتها المتقدمة بهدف إظهار أنفسهم على أنهم رأس حربة في الإنتصارات التي حققت في مواجهة الإرهاب ودحره، ويقطفون بذلك ثمرة الجهود العسكرية التي بذلت على هذا الصعيد، وكتغطية على الإتهامات التي وجهت للغرب وفرنسا خاصة بأنها تدعم الجماعات الإرهابية وتتغاضى عنها أقلّه في العراق وسوريا.

ثالثاً، يعتبر هولاند من أسوء الرؤساء الفرنسيين سمعة والأقل شعبية لدى الشعب الفرنسي، وبما أن فرنسا في عهده كانت عرضة للإرهاب في مناسبات عدة يحاول اليوم تحسين صورته في فرنسا من خلال وقوفه مع الجنود الفرنسيين المتواجدين في جبهات العراق المفتوحة ضد الإرهاب.

من ناحية أخرى وعلى الصعيد الشخصي لهولاند أيضاً يمكن أن نعتبر أن الصورة اللا إنسانية التي ظهر عليها إبّان منعه للاجئين في مخيم كاليه –ومعظمهم من العراقيين- من عبور الحدود واللجوء لبلاده إحتماءاً من الطقس البارد القاسي باتت تحتاج إلى ترميم أيضاً إن كان في العراق أو أمام المجتمع الأوروبي أيضاً.

نقطة مهمة أخرى هي السعي الفرنسي الدؤوب لمواكبة الهجمة الغربية والعالمية لتوسيع حضورهم في دول غرب آسيا والعراق من ضمنها كي لا تتأخر عن ركب الدول الأخرى، لذا يأتي موضوع العلاقة الأخوية ودعم العراق في مواجهة الإرهاب كغطاء وحجّة لدخول هذا المعترك وتثبيت وجود فرنسا في العراق خصوصاً أن موضوع النفط مقابل التسليح أمر حسّاس جداً بالنسبة لفرنسا، وما يؤكد هذا التوجه هو ما أعلنته لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي بأن زيارة هولاند ستشمل توقيع إتفاقيات إقتصادية طويلة الأمد بين البلدين.

هذا ويجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت دائماً داعمة لمساعي الإنفصال الكردية وإستقلالهم بشكل كامل عن العراق وفي هذا الإطار لعبت على وتر العلاقات الحساسة والخلافات الداخلية العراقية بهدف تقوية فكرة الإستقلال الكردي على حساب تضعيف الجبهة الداخلية العراقية، وتأتي زيارة هولاند في وقت تشهد الساحة السياسية العراقية خلافات حساسة ومتجددة.

ومن ناحية أمنية وعسكرية يمكن إعتبار زيارة هولاند للعراق في إطار السعي الأوروبي الدائم للعمل بشكل جدي أكبر على موضوع الحرب الأمنية الإستباقية تجنباً لأعمال إرهابية مستقبلية في بلادهم ومن هذا المنطلق يكون الغرب وفرنسا خاصة بحاجة لتوقيع إتفاقات أمنية مع الدول التي تنشط فيها المجموعات الإرهابية وبذلك تضمن حصولها على قاعدة بيانات أمنية كافية تساعدها في هذه الحرب، وهذا الهدف يؤكد بإعلان مصدر دبلوماسي عراقي عن أن هناك عدداً من الإتفاقيات الأمنية طويلة الأمد ستوقع بين البلدين خلال زيارة هولاند هذه.

وأخيراً نشير إلى أن الرئيس الفرنسي اليوم كحاطب ليل، يريد أن يظهر لشعبه أنه يفعل شيئاً ما فيركب طائرته ويذهب إلى العراق موحياً أنه يركب الصعاب ويداهم الخطر ولكن أداؤه السياسي في ملفات داخلية وخارجية خاصة كانت مرهونة للمال إن السعودي أو القطري، وهذا ليس إتهاماً بل واقع شهدناه في عدة تحدّيات واجهت فرنسا في الفترة الماضية إن على صعيد الإرهاب ومكافحته أو الملفات الإنسانية ومسألة بيع السلاح وحقوق الإنسان.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق