هل ستقصم تايوان ظهر علاقات واشنطن وبكين؟
خلال 8 سنوات حرص الرئيس الامريكي باراك أوباما، على تركيز اهتمامه على قارة آسيا متجنبا الحروب ومكتفيا بالنفوذ التدريجي الناعم فيما استبق ترامب تسلمه رئاسة الجمهورية بالتصعيد المباشر ضد الصين عبر اتصاله هاتفيا برئيسة تايوان.
ويعد الوضع السياسي الحالي بين تايوان وجمهورية الصين الشعبية من أكثر الأوضاع السياسية تعقيدا على مستوى العالم لما تراه الأخيرة في الحل العسكري حلا متقدما في حال رغبة تايوان في إعلان الاستقلال عن جمهورية الصين الشعبية وعدم قبولها للوحدة في كيان سياسي واحد.
وتعد أمريکا حليفا أساسيا لتيوان التي يُطلق عليها أيضا جمهورية الصين وحثت أمريکا حكومة الصين الشعبية على عدم استخدام أو التهديد باستخدام القوة العسكرية ضد تايوان؛ كما حثت حكومة تايوان على ضرورة التروي واستخدام الحكمة فيما يتعلق بالوضع السياسي عبر مضيق تايوان؛ كما دعت الاثنتين بالامتناع عن اتخاذ أي قرار أحادي الجانب من شأنه تغيير الوضع الحالي بخصوص تايوان.
وأثار أوباما غضب الحكومة الصينية عندما استقبل في البيت الأبيض الزعيم الروحي للتبت الدالاي لاما، وعدّته الصين تشجيعا على انفصال الإقليم عنها. في الوقت نفسه، قام أوباما بإقرار صفقة أسلحة كبيرة لتايوان ما زاد الأمور سوءاً. الوجود العسكري الأمريكي على تخوم بحر الصين الجنوبي، والذي أخذ يتزايد خصوصا عقب الإعلان عن “عقيدة أوباما” التي أصبحت تُعرف بـ Pivot to Asia لعب هو الآخر دورا في تعزيز مخاوف بكين تجاه النوايا الأمريكية.
وعلى مدى عقود التزمت أمريكا سياسة الصين الواحدة في تعاملها مع تايوان رغم بعض الحالات التي أثارت فيها أمريكا غضب العملاق الصيني كما في صفقة السلاح التي أشير إليها أعلاه، ولكن مجيء ترامب الذي يُوصف بانه ينظر الى كل شيء نظرة تجارية، قد يغير الكثير.
بعد انتخابه رئيسا للبلاد، صرح ترامب قائلا: إن الولايات المتحدة ليست مجبرة على الالتزام بمواقفها السابقة بأن تايوان هي جزء من “صين واحدة”، بحسب رويترز. أي أن الرئيس الجديد وقبل دخوله البيت الأبيض وضع موضع الشك سياسة الولايات المتحدة المتبعة منذ عام 1979 بعد أن قطع جيمي كارتر العلاقات مع تايوان، ورفض ترامب السياسة التي صاغها الرؤساء الذين سبقوه تجاه الصين.
وقال ترامب في حديث لقناة فوكس نيوز: “أنا افهم جيدا سياسة “صين واحدة”، ولكني لا أعلم لماذا علينا الالتزام بهذه السياسة، إذا لم نوقع مع الصين صفقة ما في مجالات أخرى من ضمنها التجارية؟”.
وكان ترامب قد تلقى يوم 2 ديسمبر/كانون الأول الماضي اتصالا هاتفيا من رئيسة تايوان تساي إنغ-ون؛ ما تسبب باحتجاج دبلوماسي صيني. وقد أوضح ترامب في تصريح أن هذا الاتصال لم يكن مخططا له سابقا، وقال: “أنا لا أريد أن تملي علي الصين كيف أتصرف…”، وسأل: “بأي حق يمكن لأمة ما أخرى أن تسمح لي بالرد على الاتصال الهاتفي أو لا؟”.
كما دافع ترامب في سلسلة من التغريدات على “تويتر” عن المحادثة مواجها الانتقادات التي طالته بالقول: “رئيسة تايوان اتصلت بي اليوم (الجمعة) لتهنئني على فوزي بالرئاسة.”
وتابع في تغريدة ثانية: “من الغريب كيف أن الولايات المتحدة الأمريكية تبيع تايوان معدات عسكرية بمليارات الدولارات، وبالمقابل ينبغي علي أنا ألا أرد على اتصال للتهنئة !”.
وفي ظل التعيينات المتوقعة لترامب، يبدو أن الأخير ينوي التصعيد مقابل الصين، إنه لن يتعامل مع الصين بمرونة إلا إذا دفعت لأمريكا “إتاوات” مقابل هذا التعامل، وهنا يجب أن نذكر أن ترامب ووفقا لتسريبات صحفية ينوي تعيين صديقه القديم حاكم ولاية أيوا المحافظ تيري برانستاد سفيرا لدى الصين. وكان الأخير قد اتهم وفدا صينيا زار ولايته بأنه قد سرق بذور لهجين نادر لنبات الذرة. وينوي ترامب تعيين جون بولتون المعروف بموقفه المتشدد من الصين نائبا أول لوزير الخارجية، ليكون مشرفا على العلاقات مع بكين. وكان الأخير قد اقترح إعادة العلاقات الدبلوماسية مع تايوان.
وفي هذا الصدد وجهت صحيفة جلوبال تايمز الحكومية الصينية تحذيرا إلى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الاسبوع الجاري قائلة إن الصين ستسعى إلى “الثأر” إذا تراجع ترامب عن سياسة صين واحدة.
وجاء في المقال الافتتاحي للصحيفة: “الالتزام بمبدأ (صين واحدة) ليس طلبا غريبا من الصين للرؤساء الأمريكيين ولكنه التزام من جانب الرؤساء الأمريكيين بالحفاظ على العلاقات بين الصين والولايات المتحدة واحترام النظام القائم المتعلق بآسيا-المحيط الهادي”، مما يعني تلويحا صينيا بالتصعيد مقابل أمريكا إذا ما استمر ترامب في انتهاك سياسة الصين الواحدة التي يفهمها ترامب ولا يعلم لماذا يتوجب عليه العمل بها من دون الحصول على صفقة تجارية مقابل ذلك.
المصدر / الوقت