المعارضات السورية” تعيش العزلة والتهميش: بين استغلال أمريكا لها ودعمها الإرهاب!
تتعدَّد الأطراف التي ادعت انتماءها لما يُسمى بالمعارضة السورية. مما ولَّد واقعاً يجمع العديد من المعارضات التي اتفقت فقط هدف إسقاط النظام، واختلفت فيما بينها كما اختلفت مرجعياتها الإقليمية. في حين ضاعت هذه الأطراف في غدر وخداع الطرف الأمريكي الذي لم يبخل عليها ببراغماتيته المعهودة. واليوم نتيجة لفقدانها الدور خرجت أصوات معارضة قد يكون اختصرها الناطق بإسم الجيش الحر في سوريا، لتُعبِّر عن سخطها من توجهات الطرف الأمريكي وسلوكه تجاهها. فيما تأملت بالإدراة الأمريكية الجديدة أن تعتمد سياسة مغايرة، مع تحفظها على توجه ترامب وقناعته بضرورة التنسيق مع روسيا. فماذا في تصريح الناطق بإسم الجيش الحر في سوريا؟ وكيف يمكن تحليل ذلك؟
الناطق بإسم الجيش الحر في سوريا: سخطٌ من الإدارة الأمريكية السابقة وتخوُّفٌ من الإدارة الجديدة
أعرب المتحدث باسم الجيش الحر في سوريا “أسامه ابو زيد” في حديثه لقناة “سي إن إن” عن سخطه تجاه سلوك الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس باراك أوباما، والذي أعطى المعارضة السورية آمالاً مزيفة مُعبِّراً عن أمله بوصول إدارة أمريكية مختلفة مع تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب، تتمتع بسياسة أكثر وضوحاً من إدارة سلفه أوباما مؤكداً خوفه من تحالف أمريكي روسي على حساب الشعب السوري بحسب تعبيره.
وحول وعود ترامب بالقضاء على داعش أشار أبو زيد الى أن هذه المسألة تتطلَّب إصراراً سياسياً وإخلاصاً بحسب تعبيره وليس فقط تحقيق أهداف سياسية على المدى القصير. فيما عبَّر أبو زيد بشكل غير مباشر عن حجم الخداع الذي طال الجهات السورية المعارضة من إدارة أوباما حيث نصح الرئيس الجديد بأن يكون جدياً بما فيه الكفاية لإنهاء تنظيم داعش الإرهابي. كما اعتبر أبو زيد أن إدارة الرئيس السابق لم تتمتع بالمصداقية في تحالفاتها على الأرض ولم تعرف كيف تختار الحلفاء مؤكداً أن الغارات الجوية وحدها لا يمكن أن تكون خياراً كافياً.
المعارضات السورية بين العسكرية والسياسية: خلافات داخلية وخارجية في ظل غياب الدور!
عدة مسائل يمكن لحاظها تتعلق بما يُسمى “المعارضة السورية” والتي أخذت أشكالاً كثيرة منها ما هو أقرب الى الإرهاب ومنها ما يتمتع بوظيفة التهويل السياسي فقط. لكن وبعيداً عن التسميات وزيف الإدعاءات يمكن قول التالي:
أولاً: بدأت هذه الأطراف وبمختلف أطيافها ومرجعياتها البحث عن دورٍ لها فيما يُسمى مرحلة ما بعد الأزمة في سوريا. حيث وجدت هذه الأطراف نفسها بعيدة كل البعد عن الدور السياسي، خصوصاً بعد أن شعرت أنها تعرضت للإستغلال من قِبل أطراف إقليمية ودولية. الأمر الذي دفعها لرفع الصوت اليوم وبعد شعورها بالعزلة.
ثانياً: يبدو واضحاً أن ما يُعرف بـ “المعارضة السياسية” جرى استبعادها من مؤتمر الآستانة المُزمع عقده قريباً، والتي تشمل الهيئة العليا للمفاوضات ومقرها الرياض والإئتلاف الوطني السوري ومقره إسطنبول، وهو ما يؤكد حجم تراجع دور وأهمية هذه المعارضات التي سعت الأطراف الإقليمية كتركيا والسعودية لإستغلالها الى جانب الأطراف الدولية كأمريكا وفرنسا.
ثالثاً: تدل تصريحات الناطق باسم الجيش الحر على حجم السخط من سياسة واشنطن البراغماتية وزيف ادعاءاتها. وهو ما يمكن اعتباره تعبيراً عن حال كافة الأطراف التي انطوت تحت مسمى المعارضة. فيما كانت هذه التسمية محاولة من قِبل المُخطط الأمريكي لفرض أطراف إرهابية كجزء من الواقع السوري الحالي والمستقبلي تحت مسميات سياسية.
رابعاً: أثبت تململ القيادات المعارضة، عدم جدية واشنطن في دعم الخيار السياسي في سوريا منذ البداية، وعدم سعيها لإنهاء الأزمة، بل محاولتها تمديد حالة النزاع عبر دعمها الإرهاب والجماعات التكفيرية. في وقتٍ تأخرت فيه بعض الوجوه المعارضة عن التوصل لهذه الحقيقة التي كانت واضحة. في حين لا يُبرِّر ذلك سلوك الأطراف التي ادعت أنها معارضة سياسية خصوصاً أن أغلبها يعرف ويُدرك حقيقة المشروع الأمريكي في سوريا وسار فيه عن قناعة.
خامساً: بدأت نتائج الإستدارة التركية نحو الطرف الروسي فيما يخص دعمها للأطراف المعارضة للنظام السوري تتبيَّن. في حين فضحت تصريحات بعض المعارضين اليوم وحالة الخلاف الذي بدأت تعيشه المجموعات المُسلحة في سوريا ضعف الرؤية التركية للأزمة السورية منذ البداية وفشل رهانها في إضعاف أو إسقاط النظام. في حين ما يزال الحديث عن قناعة تركيا بالفصل بين جماعات المعارضة السياسة المشروعة والجماعات الإرهابية موضوعاً يحتاج للتأمل.
إذن اعترفت الأطراف المعارضة بحاجتها للراعي الخارجي. فهي من دونه لا تستطيع الإستمرار. مما يؤكد فقدانها للرؤية الوطنية الواضحة، ويضعها في موقعٍ ضعيفٍ أمام الدولة السورية. موقعٌ أرادته الدول الداعمة لها، لتظل أداةً تُستخدم ليس أكثر. واليوم تشعر هذه الأطراف بالعزلة، مما دفعها للبحث عن راعٍ خارجي، متأملةً حصول ذلك مع وصول إدارةٍ أمريكية جديدة. لكن براغماتية واشنطن التي لا تعرف الحليف من العدو، زعزعت الثقة بين هذه الاطراف وأمريكا. مما جعلها تأخذ خطواتٍ استباقية بحثاً عن دورٍ مفقود.
المصدر / الوقت