معركة المياه في خواتيمها وأخر ابواب دمشق تغلق امام الارهابيين
على كتف دمشق الشمالي الغربي وبالقرب من جبال القلمون، مازال الجيش السوري يتابع تقدمه داخل بلدة عين الفيجة، متجاوزاً الاعاقات الجغرافية والهندسية التي بناها المسلحون، في عملية اقرب الى عملية جراحية دقيقة، نظراً لاهمية المنطقة، واتخاذ المسلحين الاهالي دروعا بشرية.
هذه المعركة التي وصلت الى خواتيمها بعد تطهير معظم مفاصل بلدة عين الفيجة والاقتراب من السيطرة على نبعها الاستراتيجي وانهاء تحكم المسلحين بالامدادات المائية لدمشق، والتي جاءت بعد احكام السيطرة على المفصل الأساس من الوادي الذي يقع بين منطقة الزبداني والقلمون الغربي وامتدادا حتى الحدود اللبنانية وهي بقعة عمليات يقع فيها الخزان المائي الجوفي الأكبر للعاصمة السوري. وقد نجح الجيش في الفصل بين مجموعات الجماعات المتواجدة في الزبداني وسرغايا وامتدادا عبر القلمون نحو جرود عرسال رأس بعلبك شمالاً وهو ما سينعكس سلبا على تلك المجموعات.
الضربة القاصمة في هذه العمليات كانت السيطرة على مرتفع رأس الصيرة الاستراتيجي، ضمن خطة الجيش بالسيطرة على التلال الحاكمة المشرفة على قرى الوادي. هذه التلة شكلت منعطفاً حقيقياً في العمليات العسكرية كونها نقطة الوصل بين الامدادات العسكرية القادمة من القلمون عبر بلدة افرة ومن مرتفع الصيرة الى داخل وادي بردى وتحديداً منطقة عين الفيجة، الامر الذي ادى الى عزل المسلحين بشكل نهائي وقطع كل الطرق عنهم، ما ساهم بشكل فاعل في انهيارهم في بلدة عين الخضرة، ثم بعين الفيجة، وما يميز هذه العملية هو استخدام الطبيعة الجغرافية والتضاريس الوعرة والقمم والوديان والكهوف، في تلك المنطقة كسلاح في يد الجيش بعد ان كانت من اهم العوامل الدفاعية بيد المسلحين، نظراً للتخطيط الجيد الذي رافق العملية لجهة اختيار بقعة العمليات وزج الوحدات والاسلحة المناسبة فيها وهو أمر تمّت دراسته جيدا عبر جهد استطلاعي وميداني استمر لفترة طويلة.
العمليات العسكرية في وادي بردى والتي توقفت غير مرة، لافساح المجال امام جهود المصالحة الوطنية، والتي عقدت غير اتفاق لم يتم تنفيذه، عادت وانطلقت بزخم كبير بعد اغتيال المجموعات المسلحة اللواء احمد الغضبان المكلف بمتابعة شؤون المصالحة الوطنية في وادي بردى وهو يغادر منطقة عين الفيجة مرافقاً لورشات التقييم الفني التي أحصت الاضرار التي لحقت بنبع عين الفيجة، الهدف من الاغتيال مرتبط بإرادة الدول التي تسعى لافشال اي اتفاق سوري سوري في المنطقة، بالاضافة الى الهدف المركزي وهو ضم ملف وادي بردى بعد تعقيد الامور فيه الى مفاوضات الاستانا.
التطورات في وادي بردى جاءت بعد نجاح الجيش السوري ولجان المصالحة الوطنية، بخرق صفوف المسلحين اما عن طريق العمل العسكري او عن طريق المصالحات الوطنية التي ساهمت بحرمان جبهة النصرة من الاتكاء على مسلحي المنطقة او الاهالي في مواجهتهم للجيش، والاستمرار في حرمان اهالي دمشق من المياه. لم يرق هذا الحال لبعض الدول الاقليمية التي كانت تأمر المسلحين بافشال اي اتفاق مبدئي، وعندما فرغت جعبتها من الانتهاكات، قررت اغتيال اللواء احمد الغضبان، وذلك بهدف واضح، وهو المماطلة لابقاء ملف مياه نبع الفيجة حيًّا، للاستفادة منه في مفاوضات الاستانا، وذلك كان ملاحظاً من خلال الدعوات المتكررة التي اطلقتها المجموعات المسلحة الى عدم المشاركة في مؤتمر الاستانا الا بعد توقف العمليات العسكرية في وادي بردى والمطالبة بشمول المنطقة بوقف اطلاق النار.
وفي ظل هذه الاحداث المتسارعة في وادي بردى، تواصلت الخلافات بين المجموعات المسلحة حول المسؤولية عن عملية الاغتيال .اذ سجل تبادل الاتهام بين حركة احرار الشام وجبهة النصرة. حركة احرار الشام حاولت ابعاد التهمة عنها، مع العلم ان معلومات تم تداولها عن أن مسؤول الحركة في المنطقة صافي علم الدين هو المسؤول عن هذه العملية، بهدف إفشال المفاوضات، ومحاولة إدراج ملف وادي بردى في مفاوضات آستانا القادمة بين الحكومة والمعارضة في سوريا.
كما ان جبهة النصرة ليست بعيدة عن العملية على الرغم من ترويج معلومات تنفي وجود جبهة النصرة في منطقة وادي بردى. الا ان الوقائع تكذب هذا الادعاء، فقد أعلنوا مؤخرا عن تعيين ابو سارية الاردني مسؤول جبهة النصرة في المنطقة بعد اعفاء ابو هاشم التلي (القلموني) من مهامه.
تجدر الاشارة الى ان عدد المسلحين في وادي بردى يبلغ قرابة ٢٠٠٠ مسلح، ٥٠٠ مسلحٍ من أبناء قرى الوادي تمت تسوية اوضاع عدد كبير منهم في حين أن العدد الباقي هو من خارج المنطقة غالبيتهم من الزبداني ورنكوس وقرى وبلدات القلمون.
ويتوزع المسلحون بانتماءات مختلفة وفق الآتي: فصيل أبدال الشام ويعد من أكبر الفصائل ويتزعمه أبو عنار كنينة، ٢٠٠ مسلحٍ.
أحرار الشام بزعامة حمدو درويشة يوجد منهم ٣٠ مسلحاً من عين الفيجة والباقي غرباء عن المنقطة، لواء القادسية معظمهم من منطقة رنكوس بزعامة فهد الغضبان،٢٠٠ مسلح من بسيمة بزعامة ناصر الشعيري، ١٥٠ مسلحاً يتبعون لتنظيم القاعدة، ٤٠ مسلحاً بزعامة علاء ياسين، ٤٠ مسلحاً بزعامة قتيبة الخطيب أبو مسلم، ١٥٠ مسلحاً بزعامة بدر الدين الخطيب، ٦٠ مسلحاً يتبعون بشكل مباشر لصافي علم الدين، ٢٠٠ مسلحٍ بايعوا تنظيم داعش في وقت سابق، والباقي ينتمون لتنظيم جبهة النصرة.
حسين مرتضى -العهد
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق