هل سيصبح ترامب غورباتشوف الولايات المتحدة الأمريكية؟
فيما تشهد الولايات الأمريكية الخمسون احتجاجات مناهضة لاستلام دونالد ترامب السلطة، أفادت وكالات الأنباء بأن الكثير من البلدان الأوربية تشهد مظاهرات كبيرة مشابهة، حيث وصفت الاوضاع بإنها “ليست هادئة”.
بعد أن كانت الولايات المتحدة خلال عهد ما “خبيرة” في اثارة الازمات في البلدان بعد الانتخابات، أصبحت اليوم تواجه بنفسها ومنذ عدة أشهر أزمات تتصاعد يوما بعد آخر. وبالتزامن مع مراسم تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة يوم الجمعة الماضية، شهدت البلاد صدامات عنيفة بين معارضي ترامب ومؤيديه والشرطة أدت الى اعتقال 214 محتجا؛ فيما اشارت التقارير الى وقوع حالات اضرام النيران في سيارات وتحطيم زجاج وسطو على متاجر وأموال عامة.
ولم ينتهِ الامر عند حدود الولايات الأمريكية الخمسين، بل أفادت صحيفة “ديلي ميل” بمشاركة مئات الآلاف من المحتجين في مختلف البلدان الاوروبية بمسيرات مناهضة لاستلام شخص مثل ترامب للسلطة. ورغم أن ترامب يعد ثمرة الديمقراطية الليبرالية والقيم الغربية، إلا أنه أرعب الغرب والزعماء الغربيين ونسبة من أفراد المجتمع الغربي.
وكانت للنساء مشاركة “لافتة للنظر” في مظاهرات يوم أمس، حيث إن تسريب كلام ترامب البذيء عن النساء ونظرته الجنسية إليهن، أثار النساء الأمريكيات ضده حتى خلال السباق الرئاسي. وتكشف صور اليافطات التي رفعها المتظاهرون مطالبات اقتصادية للنساء العاملات بالإضافة الى الاحتجاج على نظرة ترامب غير الأخلاقية الى النساء.
وتفيد التقارير بخروج أكثر من 670 مظاهرة في مختلف انحاء العالم، وهذه هي المرة الاولى التي يواجه فيها انتخاب رئيس امريكي هذا الحجم من الرفض. وفي تغريدة لها عبر حسابها الرسمي على موقع تويتر، دعمت المرشحة الديمقراطية الخاسرة في انتخابات الرئاسة الأميركية، هيلاري كلينتون، هذه الاحتجاجات حيث كتبت: «أشكركم لصمودكم، تعبيركم عن رأيكم وتظاهركم من أجل قيمنا. كما أشكر المظاهرات النسائية. هذا الأمر أهم {الآن} من أي وقت آخر، أنا أؤمن أننا نكون دائما أقوى مع بعضنا البعض»، كما تم نشر صور لمشاركة وزير الخارجية الامريكي، جون كيري في هذه المظاهرات.
ترامب غورباتشوف الولايات المتحدة
من الصعب أن نعزو المشاركة الكبيرة للشعوب الغربية في الاحتجاجات على آراء ترامب ومواقفه المعلنة، وهي مشاركة مدعومة علانية من قبل الزعماء والسياسيين المؤثرين الأمريكيين والأروبيين؛ الى احتجاج النساء أو ملفات على هذا المستوى، فقط.
إن هذا التحرك يعكس وبوضوح قلقا عميقا. وهي مخاوف ينأى بعض المنظرين الغربيين بأنفسهم عن الإشارة إليها، ألا وهي اعتبارهم الطريق الذي يسير عليه ترامب اليوم هو نفس الطريق الذي سار عليه آخر زعماء الاتحاد السوفيتي السابق، غورباتشوف، والذي أدى في نهاية المطاف الى سقوط القوة العظمى الشرقية. إن المواقف التي اعلنها ترامب محتجا على الفساد الاقتصادي والسياسي المسيطر على المجتمع الأمريكي هي ترجمة امريكية للكلمتين المفتاحيتين اللتين استخدمهما غورباتشوف أي “غلاسنوست” و “بيريسترويكا”.
وعلى أية حال، ما تزال الاحتجاجات مستمرة في شوارع البلدان الغربية، والمحتجون ينادون”هذه مجرد البداية”، وما تزال المحافل السياسية والاعلامية تناقش موضوع “ما سيفعله ترامب” وهل سيبني هذا الرجل أمريكا من جديد بأفكاره أم أنه سيسير على درب غورباتشوف الذي كان قد جاء هو الآخر حاملا فكرة احياء القوة الاقتصادية والعسكرية للاتحاد السوفيتي ولكنه في نهاية المطاف دفع الاتحاد السوفيتي الى طيات التاريخ، فهل سيكون ترامب نسخة غورباتشوف أمريكية؟!
إن انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة جرد المجتمع المجتمع الامريكي من قناعه. ويصف ترامب نفسه بممثل حركة تغيير الوضع القائم والآن بعد أن امسك بمقاليد السلطة يتوجب عليه أن يعثر على حلول. عندما ربح ترامب السباق الرئاسي ضد كلينتون قبل 3 أشهر، اختارت الكثير من وسائل الاعلام الغربية عناوينا تشير الى مستقبل مجهول وغامض ينتظر الغرب. ويوما بعد يوم تزداد هالة الغموض المحيطة بهذا المستقبل.
وخلال الأيام الماضية توقع أغلب الخبراء والمحللين الغربيين البارزين والمسؤولين السيايين الأوربيين أن ترامب سيواجه تحديات كبيرة على صعيد السياسة الداخلية والخارجية، هذا ما عدا الاحتجاجات الواسعة. رغم ذلك، حتى الآن لم يُصرح أحد أن ترامب سيقود امريكا الى مصير الاتحاد السوفيتي، ولكن هناك همسات عن بدء عصر جديد.
من جانبه قال وزير الخارجية الألماني، فرانك والتر شتاينماير إن “تصريحات دونالد ترامب تشير الى نهاية عصر”، لافتا الى أن الأحداث المستقبلية مجهولة.
وفي مقال نشره في صحيفة “بيلد” الألمانية قال شتاينماير: “لقد انتهى العالم القديم الذي عرفناه في القرن العشرين وإلى الأبد، ومن غير الواضح ما سيحصل في المستقبل. عادة ما يتزعزع الاستقرار وتظهر الشكوك والأسئلة حول القيادة الجديد عندما تشهد القوى تغييرا. ولكن حاليا اصبح احتمال تزعزع الاستقرار أكبر”، ويرى شتاينماير أن الأوضاع لن تمضي نحو التحسن وإن على العالم الاستعداد لفترة عصيبة.
المصدر / الوقت