تحالف المعارضة المسلحة ضد “جبهة النصرة”، إنجاز مهم لاجتماع آستانة
حظي اجتماع آستانة لحل الأزمة السورية سياسياً بأهمية كبيرة كونه الاجتماع الأول الذي تميز بالجديّة من جانب، وللنتائج المهمة التي ترتبت عليه من جانب آخر.
ومن أبرز هذه النتائج اتفاق المعارضة مع الحكومة السورية على مواصلة وقف إطلاق النار والاستمرار بالحوار السياسي من أجل التوصل إلى تسوية نهائية للأزمة السورية.
وهذا الاتفاق أوجد تصدعاً كبيراً بين المعارضة السورية التي شاركت في اجتماع آستانة من جهة والجماعات الإرهابية التي استثنيت من اتفاق وقف إطلاق النار من جهة أخرى، أي تنظيم “داعش” و”جبهة النصرة” أو “فتح الشام”.
وهذا الإنجاز المهم قد أفقد الجماعات الإرهابية الدعم الذي كانت تحصل عليه في السابق من قبل تركيا باعتبار أن الأخيرة لعبت دوراً في التوصل إلى اتفاق آستانة، بالإضافة إلى أن الجماعات المستثناة من وقف إطلاق النار ستكون لوحدها في مواجهة الجيش السوري، وعليها أيضاً أن تقاتل المجموعات المسلحة التابعة للتنظيمات المعارضة التي شاركت في اجتماع آستانة. وهذا الوضع الجديد من شأنه أن يسرع في هزيمة “داعش” و”جبهة النصرة” دون أدنى شك.
وتجدر الإشارة إلى أن الخلافات بين الجماعات المسلحة قد ظهرت قبل تمكن القوات السورية من تحرير مدينة حلب من التنظيمات الإرهابية قبل عدّة أسابيع، وبرزت هذه الخلافات بشكل واضح حول إدغام تنظيم “أحرار الشام” مع “جبهة النصرة” باعتبار أن الأول كان ضمن الجماعات التي شملها اتفاق وقف إطلاق النار في حين استثنيت النصرة من هذا الاتفاق.
ووصل الأمر إلى حد الاقتتال الذي نجم عنه اغتيال عدد من القادة المعارضين لهذا الإدغام ومن ثم حصول انشقاق في صفوف “أحرار الشام” وتشكيل ما يسمى “جيش الأحرار ” بقيادة “أبو هاشم الشيخ”.
وكان رد فعل تركيا على هذا الانشقاق أن هددت بمهاجمة تنظيم “جيش الأحرار” ما لم يعود إلى أحضان “أحرار الشام” الذي كانت تدعمه أنقرة بقوة قبل تحرير “حلب “من قبل القوات السورية وحلفائها “إيران وروسيا ومحور المقاومة”.
وشعرت “جبهة النصرة” بقلق شديد إزاء دعم تركيا العلني لـ”أحرار الشام” ولهذا هاجمت عدد من مقرات هذا التنظيم واستولت عليها خصوصاً في جبل الزاوية وأطراف مدينة إدلب شمال غرب سوريا، كما أنها هاجمت مقرات جماعات مسلحة أخرى بينها ما يعرف بـ “جيش الاسلام” و”الجبهة الشامية”.
وعلى إثر ذلك اتفقت هذه الجماعات على تشكيل غرفة عمليات مشتركة لمواجهة “جبهة النصرة “، وقد ظهر أثر هذا الاتفاق بشكل جلي خلال اجتماع آستانة وما تمخض عنه من نتائج ومن بينها السعي لاستعادة المقرات التي استولت عليها النصرة التي استثنيت من قرار وقف إطلاق النار إلى جانب”داعش”. وهذا الأمر من شأنه أن يسرع في هزيمة النصرة كما حصل عندما اتفق عدد من الجماعات المسلحة على هزيمة “داعش” في مدينتي حلب وإدلب عام 2014.
وحتى الآن انضمت 6 فصائل سورية معارضة على الأقل إلى حركة “أحرار الشام”، في وقت تشهد مناطق عدة في شمال سوريا معارك غير مسبوقة بين الفصائل و”فتح الشام” (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة).
ومنذ الثلاثاء الماضي، بدأت اشتباكات عنيفة على محاور عدة في محافظة إدلب وريف حلب الغربي. واندلعت الاشتباكات بهجوم لجبهة “فتح الشام” ضد معسكر لفصيل “جيش المجاهدين”، ما أسفر عن معارك توسعت لاحقاً لتشمل فصائل معارضة أخرى، بينها حركة “أحرار الشام” و”الجبهة الشامية” و”صقور الشام”.
من هنا يمكننا القول بأن الاتفاق الذي حصل بين المعارضة السورية التي شاركت في اجتماع آستانة على تشكيل جبهة موحدة لمواجهة “النصرة” يعد من أهم الإنجازات التي حققها هذا الاجتماع، إذ من شأنه أن يمهد الأرضية لهزيمة هذا التنظيم الإرهابي بشكل نهائي.
وفي حال تحقق هذا الهدف المهم ستصبح مهمة المعارضة سهلة في التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية من أجل إيجاد حل نهائي للأزمة السورية عن طريق الحوار السياسي شريطة أن يتم هذا الحوار بعيداً عن تدخلات القوى الأجنبية التي تسعى لتحقيق مصالحها على حساب مصلحة واستقرار الشعب السوري ووحدة وسيادة واستقلال أراضيه التي أكد عليها البيان الختامي لاجتماع آستانة.
المصدر /
المصدر / الوقت