قراءة سياسية وتحليلية فلسطينية .. ترامب يُحوِّل أميركا لدولة يهودية
وكالات – سياسة – الرأي –
أجمعت نخب سياسية وفكرية فلسطينية، على ضرورة فهم العقلية الأميركية، وكيف تتعاطى مع القضايا المختلفة، معتبرين استمرار الرهان السياسي على واشنطن لا يجدي شيئًا على ضوء أن المال يلعب فيها دور المحرك الرئيسي في صناعة القرار.
وقال القيادي في حركة حماس الدكتور أحمد يوسف: “إن ترامب هو رجل أعمال يفهم في المصالح التجارية أكثر من السياسة، وإن تعييناته الجديدة التي أقرها في إدارته، ستبين ملامح ومسارات أميركا في عهده”.
وأشار يوسف خلال حلقة نقاش نُظمت في غزة مؤخرًا، وتناولت عهد ترامب وتداعياته على الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إلى أن فوز ترامب أثار ضجة كبيرة، ومعالجات سياسية غير مسبوقة، ونقاشات داخل الشارع والنخب الأميركية.
وقال يوسف :” الجميع يعرف أن الرؤساء في الحملات الانتخابية يتحدثون كثيرًا لجلب أصوات الناخبين، وليس بالضرورة أن يطبقوا وعودهم بعد فوزهم بالانتخابات”، مضيفاً أن “كل مرشح يحاول أن يراعي في خطابه الانتخابي جميع الجهات ليكسب ودها وأصواتها، لكن ترامب خسر الأقليات من أصول عربية ولاتينية، وأفرط في دعم، وكسب ود اليهود”.
ورأى أن ترامب جاء في أجواء جديدة، وهمه كرجل أعمال مصلحة أميركا، متوقعًا أن يقوم بمفاجأتنا بأشياء كبيرة جدًا على الرغم من حديثه بلغة تثير القلق.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله :” إن ترامب هو الابن الحقيقي للروح الأميركية، وهو خلاصة التجربة الأميركية على امتداد القرنين السابقين”.
وبيّن أن الرئيس السابق باراك أوباما كان صدفة عابرة في التاريخ الأميركي ليس من حيث اللون فقط، بل بدت شخصيته أقرب للمثقف منه لرجل الكاوبوي الذي يضع مسدسه على وسطه، وكيس المال على ظهره، وأبعد من أن يشبه القرصان الكبير الذي كان يهاجم سفن القراصنة الصغار المتناثرة في البحار أو في طريق عودتها إلى موانئ الكاريبي.
وأشار عطا الله إلى أن الولايات المتحدة كانت وما زالت عصية على الفهم، ولم تأخذ حقها في الدراسة والبحث في العالم العربي، ومن هنا كانت الحيرة في العلاقة التي سادتها الشكوى من سلوك الدولة الأكبر دون بذل أي جهد لتعديل هذا السلوك وهو ممكن.
وأضاف :” بقينا نراهن على فهم أو تفَهُّم أميركي لقضايانا وبالذات القضية الفلسطينية وأن يأتي ذلك بصحوة ضمير أميركية، فيما أن “إسرائيل” لا تتوقف على العمل ليل نهار في الداخل الأميركي معتمدة على قراءة دقيقة لواقع الدولة الرأسمالية، والتي يلعب فيها المال دور المحرك الرئيسي في صناعة القرار”.
ونوه عطا الله إلى أنه لفهم أميركا لا بد من قراءة شكل تكوينها، والعوامل التي أثرت في هذا التكوين منذ بداية تلك الدولة في نهاية القرن الثامن عشر؛ فالدول مثل الأفراد تتأثر بالبدايات التي تتحول إلى هوية ثقافية تحدد سلوك البشر والدول حتى في أعتى لحظات القوة، لافتًا إلى أن أفضل من كتب عن هذا التكوين هو الكاتب الأميركي جاك بيتي في كتابه “العملاق”، الذي وضعه أكثر من 30 مؤلفًا، وقصدهم منه أن يكون كاشفا للتجربة الأميركية ونظرة في العمق على نشأة الدولة ليعطي أي مثقف أو سياسي مفاتيح فهم الولايات المتحدة، وكيفية التعامل معها.
وتطرق إلى ما يقوله جاك بيتي في كتابه، بأن الولايات المتحدة تأسست على العنف والقسوة وطرد الهنود الحمر الذين كان عددهم 50 مليونًا عند إقامتها، ولم يعد منهم مليونان أو ثلاثة؛ لذا كان على الضمير الأميركي أن يجد مسوغات معنوية ونفسية لمغامرته تجاه المواطنين الأصليين فظهرت نظرية المنفعة.
بدوره، تنبأ الكاتب والمحلل السياسي رجب أبو سرية، بأن نفوذ أميركا ومستوى قبولها في العالم، سيتراجع كثيرًا في عهد ترامب، وسياساته، والخطوات التي أعلن عنها.
وقال :” بناء الجدار بين الولايات المتحدة وجارتها التاريخية، المكسيك، يذكر تمامًا بما تقوم به “إسرائيل” من إقامة جدران العزلة الفاصلة ليس بينها وبين الفلسطينيين _ جدار الفصل العنصري، في القدس والضفة _ وحسب، ولكن بينها وبين مصر، والأردن، سوريا، ولبنان، وهو ما يوضح أن أميركا ترامب، تتحول إلى دولة يهودية، وبهذا المعنى أو ذاك، فإن “إسرائيل” وأميركا، تتوجان واقع كونهما دولتين معزولتين في الأمم المتحدة”.
انتهى