الکیان الاسرائيلي و التدخّل في الدول العربیة: نموذج إجتماعي وآخر عسكري
لم يعد خافياً على أحد الدور الذي يلعبه الكيان الإسرائيلي في تأجيج حروب في المنطقة، مستخدماً أساليب مختلفة في العمل على زيادة حدة الصراع داخل دول المنطقة، ومستغلاً أي فرصة للتغلغل في العمق العربي، سعياً منه لضمان استقراره على حساب دماء الشعوب العربية التي ترفض وجوده وتعتبره كياناً غريباً عن تاريخها وثقافتها وحضارتها، كما أن مستوطنوا هذا الكيان الذين يصفون أنفسهم بـ” شعب الله المختار” والذين جيء بهم من جميع أصقاع المعمورة لن يستطيعوا الاندماج مع شعوب هذه المنطقة. ومهما قدم لهم الغرب من حماية ودعم مادي ومعنوي وتسليح واصطناع حضارة كاذبة وربطها بمعتقداته الدينية، سيرحلون عن هذه الأرض عاجلاً أم آجلاً، والأيام بيننا.
الكيان الإسرائيلي يجند أطفال سوريا
في سابقة خطيرة بكل المقاييس، أعلن الكيان الإسرائيلي أنه یريد استقطاب عشرات اللاجئين السوريين من الأطفال اليتامى، وقالت القناة العاشرة الإسرائيلية أنه في الأشهر الثلاثة الأولى من وصول الأطفال إلى كيان الاحتلال سيمكثون في مدرسة داخلية، ومن ثم سينقلون إلى مؤسسات تابعة لوزارة التربية.
ماذا يعني هذا الكلام وأين تكمن خطورة نقلهم إلى مؤسسات تابعة لوزارة التربية، والسؤال الأهم ماذا يتعلم الأطفال في تلك المؤسسات؟
لمن لا يعلم فإن الثقافة العسكرية تتغلغل داخل المدارس ومناهج التعليم الإسرائيلية بعلم ودعم من وزارة التربية والتعليم، ويقوم الكيان الإسرائيلي بأنواع كثيرة من تجنيد الأطفال رغما عنهم أو بإرادتهم وبطرق مباشرة وغير مباشرة، كما يعمل على إشراك الأطفال في تمرينات عسكرية في مجالات مختلفة، قسم منها يتم عن طريق التطوع وقسم آخر يجري إدراجه في سياق واجب التلميذ في المدرسة، مناقضاً بهذا القانون الدولي لحقوق الطفل الذي وقع عليه.
وبناءً على ذلك، سيكون لتعليم الأطفال السوريين في مدارس الكيان أبعاد عسكرية و سياسية، خاصة مع إتقان هؤلاء الأطفال للغة العربية ولهجتم السورية التي سيستغلها الكيان لمصلحته في المستقبل من خلال إرسالهم للقيام بعمليات تجسس أو اغتيال شخصيات بارزة أو الانضمام مع الجماعات الإرهابية هناك، بالإضافة إلى جمع معلومات تخدم أجهزة المخابرات، والأهم من هذا، من السهل السيطرة على الأطفال وهم في هذا السن الصغيرة وتحويلهم إلى عملاء لخدمة مصالح الكيان وأهدافه ومشاريعه، كما أن الدافع وراء تجنيد الأطفال أنهم بديل أكثر كفاءة اقتصادية من المقاتلين البالغين.
وكانت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية قد نشرت تقريراً في سبتمبر الماضي أن إسرائيل تنقل الأطفال الجرحى والمصابين جراء الحرب الدائرة في سوريا إليها لمعالجتهم.
كيف يحصل كيان الاحتلال على الأطفال ؟
صحيفة “يديعوت أحرونوت” أجابت على هذا السؤال عندما صرحت أن منظمة يهودية أمريكية تدعى “عملياه” للمساعدات الإنسانية تتعاون مع قوات من الجيش الإسرائيلي في الجولان السوري لنقل العشرات من الأطفال السوريين من منطقة القنيطرة في الجزء المحرر من الجولان إلى مستشفيات صفد ونهاريا، وبعد ذلك يتم إسكانهم في إحدى المستوطنات، وأوضحت الصحيفة أن السوريين لم يطلبوا الانتقال إلى إسرائيل، بل تمت بمبادرة من المنظمة اليهودية الأمريكية التي يقع مقرها في نيويورك وتمت العملية بتنسيق مع الجيش الإسرائيلي.
الكيان الإسرائيلي يدرب القوات الخاصة في البحرين
في مشهد آخر، يحاكي التدخل الإسرائيلي في المناطق العربية، يختلف في الشكل وإن لم يختلف في المضمون، لم يعد مستغرباً بالنسبة لنا أن تقوم قوات الاحتلال بتدريب قوات النظام البحريني، خاصةً أن علاقات “طيبة” تجمعهما على مدى أكثر من 22 عاما، حيث بدأت هذه العلاقات حين زار يوسي ساريد وزير البيئة الإسرائيلي في حكومة إسحاق رابين العاصمة البحرينية المنامة في العام 1994على رأس وفد دبلوماسي رسمي كبير، في ذلك الحين كانت الزيارة الأولى التي يقوم بها مسؤولون إسرائيليون إلى دولة خليجية، وقال ساريد حينها أن هذه الزيارة تعتبر خطوة أولى في عدد من المراحل التي من شأنها أن تؤدي إلى توثيق العلاقات بين البلدين، وأضاف أن وزير الخارجية البحريني طلب منه أن ينقل رسالة سلام للشعب الإسرائيلي.
في ذلك الوقت كان الوزير البحريني يرفض التغطية الإعلامية لهذه اللقاءات ولكن مع مرور الزمن أصبحت الإجتماعات غير خفية على أحد بل أصبح المسؤولون الخليجيون يتغنون بعلاقتهم مع الكيان الإسرائيلي ويتغزلون بقادته ويصفونهم بحمامات سلام على وسائل التواصل الإجتماعي، وتطورت العلاقات فيما بينهم إلى الحد الذي أصبح فيه الكيان يملك سفارات له في هذه الدول.
اليوم وبعد مضي 22 عاما على هذه العلاقات يقول وزير ما يسمّى “التعاون الإقليمي”، تساحي هنغبي إن “مملكة البحرين إحدى الدول العربية التي لها علاقات اقتصادية وأمنية متقاربة مع “إسرائيل” ويتدرب فيها حاليًا عدد من قادة قوات مكافحة أعمال الشغب البحرينية بدورات خاصة”.
هذه القوات التي تقمع المتظاهرين السلميين في البحرين، كما فعلت في الأمس مع المعتصمين العزل في محيط منزل آية الله الشيخ عيسى قاسم بالدراز، حيث قامت بمهاجمتهم بالأسلحة النارية ومن ثم انسحبت لأطراف القرية مع تشديد الحصار، ما يقدم توضيحا حول طبيعة المهمة الخاصة بجهاز أمن الدولة، الذي يقوم الكيان بتدريبه وتحريضه على قمع المتظاهرين بكل الوسائل و بالهمجیة.
والجديد اليوم أنه تم الكشف عن وصول مجموعة تتألف من 60 شخصا تحمل جوازات سفر “إسرائيلية” على متن الخطوط الجوية القطرية في الساعة الثالثة من فجر يوم الجمعة من تل أبيب إلى البحرين مع مجموعة كبيرة من الصناديق الخشبية يرجح أنها العتاد الخاص لهذه المجموعة.
وكان في استقبال الوفد مجموعة من رجال الأمن البحرينيين الذين استقلوا مع الوفد الإسرائيلي سيارات تابعة لوزارة الداخلية في البحرين و انطلقوا إلى جهة غير معلومة.
ماهي المهمة الموكلة لهذه المجموعة في البحرين، سؤال أصبح الجواب عليه بديهي من قبل المتابع لما يجري من أحداث في البحرين.
المصدر / الوقت