حقيقة مايجري في إدلب بعد مفاوضات أستانة
إثر اختتام اجتماع آستانة لتسوية الأزمة السورية سياسياً والذي رعته روسيا وإيران وتركيا بعد الانتصار الاستراتيجي الذي حققته القوات السورية وحلفائها على الجماعات الإرهابية في مدينة حلب، تصاعدت وتيرة النزاعات بين الجماعات السورية المعارضة في مدينة إدلب شمال البلاد خصوصاً بين الأطراف التي شارك ممثلوها في اجتماع آستانة من جهة، والجماعات التي لم يشملها وقف إطلاق النار وتحديداً تنظيم “داعش” وفتح الشام “جبهة النصرة سابقاً”من جهة أخرى.
ورداً على هذا الاتفاق هاجمت “النصرة” الجماعات المسلحة التي شاركت في آستانة، لاسيّما في ريفي إدلب وحلب، بهدف بثّ الرعب في صفوف هذه الجماعات والحيلولة دون مهاجمتها من قبلها. وكانت جماعتا “جيش المجاهدين” و”الجبهة الشامية” هما أول ضحية لهذه الهجمات، حيث تمت السيطرة على مقراتهما ومواقعهما في مناطق “كفر حمرة، حريتان، عندان، الحلزون، باتبو، كفر ناها، كفر داعل، خان العسل، أورم الكبرى، أورم الصغرى”.
كما أشارت تقاير إلى أن النصرة هاجمات أيضاً مقرات ومواقع خمس مجاميع مسلحة أخرى هي “صقور الشام، فيلق الشام، جيش الإسلام، جيش إدلب الحر، و تجمع فاستقم كما أمرت” في حلب وإدلب وريفيهما خصوصاً في منطقتي “معرة النعمان وجبل الزاوية”.
ومع تفاقم الأوضاع الميدانية سعت الجماعات المسلحة التي شاركت في اجتماع آستانة إلى تشكيل يضم كلاً من “أحرار الشام، كتائب ثوار الشام، جیش المجاهدین، صقور الشام، جيش الإسلام (قطاع إدلب)، الجبهة الشامیة” قطاع ريف حلب الغربي”، فیلق الشام، جیش إدلب الحر، تجمع فاستقم كما أمرت”. وتعتبر حركة “أحرار الشام” هي الأقوى من بين تلك الجماعات من حيث العدّة والعدد.
من جانبها شكلت النصرة تنظيماً جديداً أطلقت عليه اسم “هیئة تحریر الشام” بقيادة المدعو “أبو جابر هاشم الشیخ” أحد المتزعمين السابقين في “أحرار الشام” وعضوية كلاً من حركة “نورالدین الزنکي” و”جبهة أنصار الدین” و حركة “لواء الحق” و”جيش السنة”.
وتجدر الإشارة إلى أن ” أبو جابر هاشم الشیخ” يعتبر من القيادات السلفية المعروفة وقد نشط في العراق إلى جانب الإرهابي “أبو مصعب الزرقاوي” بين عامي 2003 و2005، وانفصل عن “أحرار الشام” نتيجة خلافات مع قادة هذه الحركة التي يغلب عليها الطابع الإخواني.
من هنا يمكن القول بأن النزاع الحاصل حالياً في إدلب وريف حلب بشمال سوريا هو بين الجماعات التي تعمل تحت الغطاء السلفي “القاعدة” من جانب، والجماعات التي تتبنى أيديولوجية حركة الإخوان المسلمين من جانب آخر.
وتحصل جماعة “النصرة” وحليفاتها على الدعم المالي والتسليحي من السعودية، فيما تحصل “أحرار الشام” التي يقودها الاخواني “لبيب النحاس” وحليفاتها على الدعم من تركيا.
وبسبب استبعادهما عن اجتماع آستانة لعبت قطر والسعودية دوراً بارزاً في تفاقم النزاعات بين الجماعات المسلحة في إدلب وحلب ومناطق أخرى في سوريا.
ويصل تعداد عناصر “هیئة تحریر الشام” إلى نحو 15 ألف شخص، فيما يصل تعداد “أحرار الشام” وحلفائها إلى حوالي 20 ألف شخص.
وأعلنت “فتح الشام” في بيان لها أمس رفضها مبادرة “أحرار الشام” المتعلقة بحل الخلاف الحاصل بين الجبهة وعدد من الجماعات، ونفت طرحها حلاً بـ”احتواء الفصائل”، مشيرة إلى أن “مشكلتها ليست في وجود الفصائل من عدمها”، مبررة ذلك بأن “الوضع في الساحة اليوم لا يحتمل المسكنات أو المهدئات، ويجب توحيد قرار السلم والحرب ككل، ووضع كل المقدرات المادية والبشرية تحت قيادة سياسية وعسكرية موحدة تذوب فيها أغلب الفصائل والتجمعات في كيان واحد وتحت أمير واحد” بحسب البيان.
وأضافت “فتح الشام”: إن هذا الأمر يتم “ضمن جدول زمني يتناسب مع وضع الساحة، وضوابط وآليات تضبط جديته وتحقيقه على الأرض”.
وكانت “أحرار الشام”، قد حذرت “فتح الشام” من مواصلة التحشيد العسكري وتسير الأرتال والهجوم على مقرات الحركة في جبل الزاوية بريف إدلب وغيرها، مشيرةً إلى أنها في هذه الحالة “ستبدأ في الانتقام لدماء عناصرها ومقراتها، محملة “فتح الشام” مسؤولية ذلك.
المصدر / الوقت