كيف سيؤثر تضارب المصالح الأمريكية الروسية على العلاقة بين ترامب وبوتين؟
بعد تسلمه منصب رئاسة الجمهورية، اتصل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم السبت الماضي بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، حيث أجريا محادثات هاتفية حازت على اهتمام وسائل الاعلام العالمية بسبب مواقف ترامب تجاه تعزيز العلاقات مع موسكو ورفع العقوبات الغربية ضد روسيا.
ووفقا للبيان الذي نشره الطرفان بعد الاتصال الهاتفي، فقد اتفق ترامب مع بوتين على التعاون في الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي بسوريا وتعزيز العلاقات بين البلدين. وكانت العلاقات الروسية الأمريكية خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما قد توترت الى درجة تحدي البلدين أحدهما الآخر لأول مرة منذ نهاية الحرب الباردة، وتطور الأمر الى اجراء مناورات قتالية في أوروبا الشرقية، تعزيز القدرة اللوجستية الغربية عند الحدود الغربية لروسيا وفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية على موسكو. كما اختلف الجانبان حول الأزمة السورية الى درجة أن الحرب على الإرهاب تحولت الى نوع من الصراع بالوكالة بين البلدين في الشرق الأوسط.
من جهة أخرى أفصح ترامب خلال السباق الرئاسي عن نيته الحد من التوتر مع روسيا. وقد أثار هذا الموضوع مخاوفا لدى بعض السياسيين الأمريكان. كما أثارت تصريحات ترامب حفيظة الأوروبيين بعد اشارته الى احتمال اعترافه بضم شبه جزيرة القرم الى روسيا، وإلغاء العقوبات الأمريكية ضد موسكو.
ومن جهة أخرى، لاقى هذا الموقف ترحيبا روسيا، حيث أن تطبيع العلاقات مع أمريكا قد يؤثر على نتيجة الانتخابات الروسية في العام المقبل ويمهد لانتصار بوتين مرة أخرى، رغم ذلك يبدو أن المسار الحالي لن يفضي الى نتائج إيجابية، حيث أن موسكو وواشنطن واجهتا بعضهما البعض على مدى 45 عاما –مدة الحرب الباردة- باعتبارهما قوى عظمى، وهذه الفترة كانت كافية لأن تتضارب المصالح الأمريكية الروسية الى حد كبير وما يزال هذا التضارب مستمرا حتى اليوم.
وقد اشتد التضارب في المصالح الأمريكية الروسية خلال العقد الماضي في ظل محاولة بوتين احياء نفوذ روسيا وقوتها؛ وفي هذا الصدد على الرغم من أن السياسة الروسية تجاه الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان واحتلال البلدين، لم تكن فاعلة وتأثرت بالأحداث، إلا أن الاستراتيجية الروسية تغيرت منذ مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.
وقد اتبعت روسيا هذا المسار منذ الصراع في أبخازيا عام 2008، حيث طردت روسيا القوات الجورجية من أبخازيا فيما وقف الغرب متفرجا على الموقف؛ ومن هذا المنطلق تعامل بوتين مع الأحداث في أوكرانيا بحزم وتدخل في الأزمة.
بعد ذلك قرر الكرملين احياء نفوذه في الشرق الأوسط، حيث كان سقوط الاتحاد السوفيتي قد كف يد روسيا عن المناطق التي كانت تسيطر عليها في هذه المنطقة، ولكن بوتين قرر التدخل في الأزمة السورية في سبيل تعزيز الدور الروسي في المنطقة، ومهد هذا الأمر لتضارب الأهداف الروسية مع مصالح الولايات المتحدة وأهدافها، وقد حذر ترامب خلال حملته الانتخابية من أن استمرار الأمور على هذا المنوال قد يؤدي الى قيام حرب عالمية ثالثة.
رغم ما تمت الإشارة إليه، فإن الموقع الالكتروني للبيت الأبيض، نشر بيانا بعد ساعات من تنصيب ترامب رئيسا للجمهورية، مشيرا الى أن الحكومة الجديدة تنوي استخدام نظام دفاع صاروخي لتعزيز القدرة الدفاعية مقابل الصواريخ الإيرانية والكورية الشمالية، وهذا يشير الى أن التقارب الأمريكي الروسي ما يزال بعيدا، حيث أن الهدف الرئيسي لهذه المنظومة هو مواجهة روسيا، إذ أن واشنطن على علم بأن إيران لا تنوي استهداف الأراضي الأمريكية، ولا تخطط لذلك، كما أن إيران لا تملك الصواريخ بعيدة المدى اللازمة. من هذا المنطلق من المتوقع ان يتابع ترامب سياسات أوباما وجورج بوش في مواجهة القدرة الصاروخية الروسية، وسيخطو بهذا الاتجاه بحجة التهديدين الإيراني والكوري الشمالي.
بالنظر إلى الملفات السابقة، تاريخ السياسة الأمريكية والروسية خلال القرن الماضي، تنافس البلدين من أجل وضع العراقيل في طريق أحدهما الآخر في التطورات الدولية، تضارب المصالح والمواقف بينهما خلال الأشهر الماضية حول الشأن السوري والأوكراني، فإن احتمال تطبيع العلاقات بين الخصمين يبدو مستبعدا جدا.
المصدر / الوقت