استراتيجية آل خليفة لإجهاض الثورة البحرينية
مرّت الثورة الشعبية البحرينية التي انطلقت في أوائل عام 2011 بعدّة مراحل للمطالبة بالإصلاح السياسي ونبذ الفرقة الطائفية وإطلاق الحريات لاسيّما حرية التعبير عن الرأي.
ويمكن إجمال مسيرة هذه الثورة بأربع مراحل:
الأولى: التظاهرات الشعبية المحدودة في العاصمة المنامة والتي قمعتها السلطات في بداية انطلاقها منتصف شباط/فبراير 2011.
الثانية: انتشار التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في مختلف مناطق البلاد ورفع مستوى المطالب إلى حد تغيير النظام. وقد استمرت هذه المرحلة حتى منتصف آذار/مارس 2011.
الثالثة: تشديد القمع من قبل سلطات آل خليفة للمعارضين والمتظاهرين وبدعم واضح من قوى خارجية لاسيّما من قبل السعودية. واستمرت هذه المرحلة قرابة العام. ولم تفضي المحاولات التي بذلت لتسوية الأوضاع المتأزمة في البلاد من خلال الحوار بين المعارضة وسلطات المنامة إلى نتيجة، بسبب استمرار القمع وبشكل واسع للمعارضين طيلة تلك الفترة.
المرحلة الرابعة والأخيرة والتي بدأت منذ أواخر عام 2012 ولازالت مستمرة حتى الآن. وتتميز هذه المرحلة بسعي السلطات إلى إجهاض الثورة من خلال تشديد القمع والاعتقالات ومحاولة تكميم الأفواه إلى الحد الذي طال الكثير من الرموز الدينية والوطنية وفي مقدمتهم آية الله الشيخ عيسى قاسم الأب الروحي للثورة البحرينية.
وسعت سلطات آل خليفة في جميع هذه المراحل إلى إثارة النعرات الطائفية بهدف منع الشيعة من الحصول على حقوقهم المشروعة في كافة المجالات الدينية والاجتماعية والسياسية.
وانتهجت السلطات سلسلة من الإجراءات التعسفية لتحقيق مآربها منها:
– اتهام المعارضة بالسعي لإسقاط النظام السياسي في البلاد لتبرير قمعها بشتى الوسائل.
– الإيحاء بأن مطالب المعارضة هي مطالب طائفية وتمثل مكوناً اجتماعياً محدداً “الشيعة”.
– اتهام المعارضة بالارتباط بالخارج وتحديداً بالجمهورية الإسلامية في إيران.
وقد لعبت السعودية دوراً بارزاً في قمع انتفاضة شعب البحرين من خلال إرسال قوات عسكرية وأمنية إلى هذا البلد وتحريض دول أخرى لاسيّما في مجلس التعاون للمشاركة في هذا القمع.
ويمكن الجزم بأن سلطات المنامة قد عجزت تماماً عن طرح أي بديل للقمع في التعاطي مع المتظاهرين والمحتجين السلميين، ولم تدع أي أسلوب تسعفي لتحقيق هدفها من أجل البقاء لمدة أطول في السلطة بدعم من قوى خارجية في مقدمتها السعودية كما أشرنا سابقاً.
وسعت أمريكا أيضاً التي تتظاهر بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان للحفاظ على مصالحها في البحرين من خلال دعمها لنظام آل خليفة وغضّ الطرف عن انتهاكاته المتواصلة بحق المعارضين السلميين. وفي مقدمة هذه المصالح القاعدة العسكرية الأمريكية التي تمثل المقر الرئيسي للقيادة المركزية للقوات البحرية والأسطول الخامس الأمريكي.
وممّا ساعد على مواصلة الأجهزة الأمنية لنظام آل خليفة في قمع الشعب البحريني هو الصمت المريب للمجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية والقانونية إزاء الانتهاكات البشعة لهذا النظام ضد المعارضة التي لم تحيد حتى الآن عن المطالبة بحقوقها المشروعة بالطرق السلمية والحضارية وفي إطار القوانين والمقررات المعترف بها دولياً.
وقد ساهمت الكثير من وسائل الإعلام الغربية والإقليمية في التعتيم على انتهاكات آل خليفة بحق الشعب البحريني، الأمر الذي تسبب بتعقيد الأزمة وتفاقم الأوضاع الإنسانية والحقوقية بشكل ملحوظ في هذا البلد.
ولكن رغم هذا القمع والتواطؤ من قبل قوى خارجية مع آل خليفة، لازال الشعب البحريني ورموزه الدينية والدينية وقواه السياسية يواصلون انتفاضتهم السلمية التي انضم لها معظم شرائح المجتمع ولم تقتصر على طائفة دون أخرى كما يزعم النظام.
وتحظى الثورة البحرينية بدعم معنوي واضح بفضل وجود علماء الدين والقادة السياسيين البارزين وفي طليعتهم المرجع الديني آية الله عيسى قاسم والأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان.
وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة التأكيد على أهمية دعم الشعب البحريني من قبل باقي الشعوب الإسلامية وقوى المقاومة التي تتصدى للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة حتى يتمكن هذا الشعب الصابر من نيل حقوقه في الحياة الحرة الكريمة.
المصدر / الوقت