كيف عادت سوريا الأسد مفتاحاً لأي دورٍ عربي فاعل؟
في العام 2011م، عُلِّقت عضوية سوريا في الجامعة العربية وبقي مقعدها شاغراً في كل اجتماعات الجامعة. حينها تشاطر العرب من إجل إقصاء الدولة السورية، تماشياً مع القرار الأمريكي والغربي. فيما قادت جوقة التآمر السعودية وقطر. اليوم وبعد أن باتت سوريا الأسد مَحَجاً للوافدين الغربيين الباحثين عن حلولٍ لمشاكل الإرهاب، عادت موسكو لتضع الأمور العربية في مسارٍ واضحٍ يتلاءم مع الأزمة السورية كما تراها، حيث لا يمكن أن يكون للعرب أي دورٍ في المنطقة دون سوريا الأسد. هذا ما أعلنته الرسالة الروسية. فماذا في الدعوة الروسية وموقف أمين عام الجامعة العربية؟ وكيف تبدَّل الواقع بين الأمس واليوم؟ ومن هو صاحب الحق، سوريا أم العرب؟ وماذا يجب أن يُقال من تحليلٍ ودلالات؟
الدعوة الروسية
خلال الدورة الرابعة لمنتدى التعاون الروسي العربي في الإمارات، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى إنهاء تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، مؤكدا أن الجامعة العربية ستلعب دورا أكثر فاعلية في المنطقة في حال عودة سوريا إلى صفوفها. مؤكداً أن إبعاد سوريا بصفتها عضوا كامل الحقوق في الأمم المتحدة عن المشاركة في المناقشات في جامعة الدول العربية لايساعد الجهود الروسية العربية المشتركة.
رد الجامعة العربية: غموض غير مسؤول!
أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط، اعتبر أن تجميد عضوية سوريا تم بقرار من الجامعة وإمكانية عودتها للجامعة العربية غير مطروحة حالياً. معتبراً أن قرار إعادة عضوية سوريا للجامعة خاضع للدول الأعضاء، رابطاً ذلك بوضوح وجود نية صادقة من قِبَل الجميع لتحقيق تسوية سياسية يبدأ تنفيذها وتطبيقها!
الأهداف العربية بين الأمس والواقع السوري اليوم
سعَت الدول العربية حين علقت عضوية سوريا في الجامعة العربية لتحقيق هدفين أساسيين:
أولاً: إقصاء النظام وإضعافه تماشياً مع القرار الأمريكي الغربي والعربي المتآمر على الشعب والدولة السورية. وهو ما هدف لضرب محور المقاومة والممانعة أمام أي تسوياتٍ عربية إسرائيلية يتم طبخها تحت الطاولات على قياس الأنظمة العربية.
ثانياً: تعويم ما يُسمى بـ”المعارضة السورية” وإعطائها شرعية وفتح أبوابها أمام أدوار تُساهم في تحقيق الهدف الأول وإيجاد بديل يتناسب مع التوجهات العربية الأمريكية.
لكن مساعي الأمس لم تُحقق أي نتائج بل إن الواقع اليوم تغيَّر كما يلي:
أولاً: بات النظام السوري مَحَجاً للوفود الغربية والإقليمية الساعية لإنجاح حلول الأزمة السورية والتي هي مفتاح منع الخطر الإرهابي الإستراتيجي عن أوروبا. الأمر الذي أعاد لسوريا دورها الإقليمي والدولي وهو ما لم ولن يستطع العرب تحقيقه بعيداً عن الأزمات.
ثانياً: أصبحت المعارضة في موقع بعيدة فيه عن الواقع السياسي والقدرة على التأثير. بل أثبتت على نفسها صفة الإرهاب وغياب مشروع الدولة، عدا عن التفكك الواضح والتشرذم. وهو ما أبعد حتى إمكانية جعلها ورقة للتفاوض.
ما يجب أن يُقال
يمكن قراءة الدعوة الروسية بناءاً لما تعيشه المنطقة ومن منطلق التبدَّل في المشهد الإقليمي كما يلي:
أولاً: عبَّرت روسيا عن رغبتها في عودة سوريا إلى الجامعة العربية من منطلق إيمانها بأن ذلك يتماشى مع مساعي الحل السوري. فيما كانت رسالة لافروف واضحة بأن بوابة الدور العربي كانت وستبقى سوريا. فالدولة السورية اليوم عادت الى دورها الإقليمي والدولي بقوة. كما أن غيابها عن الجامعة العربية يضر بصورة الجامعة والتي تفتقد عروبتها للكثير، دون الدولة السورية.
ثانياً: يُعتبر هذا التوجه نتيجة طبيعية لصمود الشعب السوري والدعم الإيراني لسوريا والموقف الروسي من الأزمة. كما أن هذا التوجه يُعبِّر عن المسار الطبيعي للسياسة الإقليمية بعد مؤتمر الآستانة وقبل مؤتمر جينيف الرابع المُزمع عقده قريباً. في حين لن يكون للعرب أي دور على طاولة المفاوضات قبل إعادة الحق العربي لسوريا الأسد.
ثالثاً: هناك إشارة مهمة يجب الوقوف عندها، تتعلق بحصول التصريح الروسي من دولة خليجية (الإمارات) والمُستهدف من الرسالة دولة مصر. حيث يمكن تحليل ذلك على أنه محاولة روسية لإعطاء مصر دوراً عربياً فاعلاً كونها تترأس الجامعة العربية، على حساب تراجع الدور الخليجي. من مُنطلق أن مصر قادرة على لعب دور مؤثر في المنطقة نتيجة موقفها شبه المُعتدل من الأزمة ودورهاا العروبي التاريخي. وهو ما لا تملكه أي دولة خليحية لا سيما السعودية وقطر.
رابعاً: يأتي الكلام الروسي قبل الإجتماع الدوري المُرتقب للقمة العربية والذي من المتوقع أنه سيُعقد في الأردن في شهر آذار القادم. وفي ظل تطورات سرية وعلنية في العلاقة بين سوريا والأردن على الصُعد السياسية والعسكرية والأمنية تحكمها الجغرافيا السياسية بين البلدين.
خامساً: إن المطلوب عربياً هو إبداء حسن النية والصدق تجاه الشعب السوري، والذي يقف اليوم في موقف القوة وليس الضعف، على عكس أغلب الأنظمة العربية المتخاذلة. حيث ونتيجة لموقف الدول العربية من الأزمة، يجب القول أن لسوريا اليوم حق القبول أو الرفض فيما يخص العودة الى الجامعة العربية، وليس للعرب أي منة على الدولة السورية، خصوصاً أنهم لم يكونوا يوماً أهلاً فيي مواجهة التحديات العربية والقومية. وهو ما يخالف توجه القيادة السورية التي كانت تنطلق دائماً من رؤية قومية ومن نظام سياسي قائم على العروبة.
يطرح البعض عودة سوريا الى الجامعة العربية وكأن للعرب منة على الدولة السورية. فالتاريخ كتب أن لسوريا كما مصر، فصولٌ في العروبة كانت دروساً تعلمها القوميون. بل إن محاولات إقصاء سوريا وشعبها كانت لسبب كونها عربية بصدق. واليوم يجب أن يكون السؤل: هل ستقبل سوريا العودة الى جامعةٍ تآمر دولها عليها وعلى شعبها؟ قد تعود سوريا، ليس لصالحها، بقدر ما هو لصالح العرب.
المصدر / الوقت