لماذا يتعمد البنتاغون إخفاء عملياته العسكرية في الشرق الأوسط؟
منذ إعلان حربها على الإرهاب في تشرين الأول من العام 2001، تعمدت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” تضليل الرأي العام الأمريكي والعالمي، من خلال نشرها بيانات غير مكتملة لعملياتها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، ومما يثير التساؤل لماذا تتعمد الولايات المتحدة الأمريكية إخفاء مثل هذه الحقائق عن شعبها وعن دول العالم، هل تخجل أمريكا مما تقوم به في الشرق الأوسط علماً أنها تدّعي “محاربة الإرهاب”، أم تخشى من انتفاضة شعبية في عقر دارها عندما يعلم أبنائها أنها تقوم بقتل آلاف المدنيين من نساء وأطفال وتقوم بتدمير المنشآت المدنية لشعوب المنطقة. نتساءل نحن أبناء هذا الشرق المقاوم.
آلاف الضربات الجوية قام بها الطيران الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا دون تقديم معلومات واضحة عن هذه الضربات وعددها ولم يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل قامت أمريكا بتحريف المعلومات والحقائق وهذا ليس غريباً عن السياسة الأمريكية وأساليبها في تزوير الوقائع.
وفي تقرير نشره الموقع العسكري الأمريكي “ميليتاري تايمز”عن قاعدة البيانات التي يقدمها البنتاغون في كل عام، نشر الموقع أن البنتاغون أخفى آلاف الضربات الجوية التي ارتكبها في سوريا والعراق وأفغانستان وبعض الدول الأفريقية منذ عام 2001.
وفي وقت سابق تم الكشف عن أكثر من 26 ألف قذيفة، قامت أمريكا برميها على سبع دول في العالم، بالإضافة إلى 23740 ضربة جوية شنها الطيران الأمريكي، فقط في العام الماضي، لكن حتى هذه الأرقام تعتبر غير دقيقة لأن البنتاغون لا يُعلم أحد بعدد الضربات، حتى أنه يقوم بتحريف المعلومات التي يقدمها لوزارة الخارجية والكونغرس الأمريكي.
ووفقاً للموقع العسكري المتخصص، ففي عام 2016، وجهت الولايات المتحدة 456 ضربة جوية في أفغانستان لم تسجل في قاعدة البيانات المفتوحة، التي يرتكز عليها الكونغرس الأمريكي والمحللون العسكريون وحلفاء واشنطن والباحثون، بالإضافة إلى أكثر من 6000 عملية جوية قام بها البنتاغون فوق الأراضي العراقية والسورية منذ العام 2014 ولم يتم تسجيلها.
وأضاف الموقع أن هذه الضربات نفذت بواسطة طائرات هليكوبتر هجومية وطائرات مسيرة من دون طيار، وأن أكثر ما يثير القلق هو أن تكون قاعدة البيانات المتعلقة بالضربات الجوية غير مكتملة منذ بدء الحرب على الإرهاب في تشرين الأول من العام 2001، وتسأل الموقع ما إذا كان الجيش يريد تضليل الرأي العام الأمريكي.
القيادة المركزية الأمريكية قالت إنها لا تستطيع تحديد تاريخ استبعاد الجيش الأمريكي لأرقام الضربات الجوية من سجلات سلاح الطيران، ويضيف الموقع أن المسؤولون لم يجيبوا على العديد من أسئلتنا حول هذا الموضوع.
من جهة أخرى صرح مصدر عسكري أمريكي رفض الكشف عن هويته قائلا ” نحن لا نتعقب عدد الضربات الجوية المطلقة من مروحيات الأباتشي على سبيل المثال، لكننا لا نحاول إخفاء الضربات الجوية، وهكذا كنا نتتبعها في الماضي”
وأشار المصدر إلى مروحيات AH-64 ، وقال إنها استخدمت من قبل الجيش بغزارة منذ 15 عام.
أما الجيش الأمريكي أجاب عن هذا الموضوع بشكل مختلف عن طريق مسؤول بارز فضل عدم الكشف عن اسمه حيث قال ” يبدو لي أن جمع وتوزيع بيانات الغارات الجوية ليس من مسؤولية الفقرة العاشرة من قانون الجيش الأمريكي” وتنص هذه الفقرة على توزيع الأدوار والمسؤوليات ومهام الخدمات العسكرية. وأضاف “إن هذه المسؤولية ينبغي أن تلقى على عاتق قائد العمليات أو المقاتلين” واعتبر المسؤول أن العمليات الهجومية التي تقوم بها طائرات الأباتشي لا تندرج ضمن خانة الضربات الجوية.
أما كينيث روث، المدير التنفيذي لـ”هيومن رايتس ووتش” فقال إن ” الشفافية ضرورية للمساءلة العسكرية، وهذا يتطلب إعداد التقارير الصادقة للجمهور” واستطرد قائلاً” إن الأمن قد يتطلب السرية في بعض الأحيان، ولكن الحقائق التي تتعلق بعدد الغارات الجوية وعدد القتلى المدنيين ينبغي دائما الكشف عنها فوراً وبإخلاص للجمهور”.
إذاً أصبح بإمكاننا القول ونحن ننهي كتابة هذا التقرير أن الضربات الجوية على الشرق الأوسط لن تتوقف، في ظل سياسة ازدواجية المعايير التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية والتي يؤكد عليها الرؤساء المتعاقبين على حكم هذه الدولة التي لم يشهد العالم مثيلاً لها في العنف وقتل الأبرياء والتنصل من جرائمها أمام أعين المنظمات العالمية وحقوق الإنسان والأمم المتحدة.
المصدر / الوقت