التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

العقبات الأساسية التي تواجه أردوغان؛ هل يمكن التفاؤل بشأن مستقبل تركيا؟ 

بعد إقراره مشروع قانون الإصلاحات الدستورية قبل أيام، حثّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مواطني بلاده على التصويت بـ”نعم” في الاستفتاء الذي ينبغي أن يجرى في شهر أبريل/نيسان المقبل، والذي يهدف إلى الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي.

وبغض النظر عن الانتقادات التي وجهتها المعارضة في هذا المجال، هناك عقبات أساسية أخرى من شأنها أن تهدد مستقبل أردوغان وتضع البلاد أمام مفترق طرق على الصعيدين الداخلي والخارجي. ويمكن تلخيص هذه العقبات بما يلي:

تراجع النمو الاقتصادي

تشير الإحصائيات المتوفرة إلى أن اقتصاد تركيا يواجه تراجعاً ملحوظاً خصوصاً بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها البلاد في منتصف تموز/يوليو 2016 وما تبعها من تداعيات سلبية على مجمل الأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية والتي أثرت بشكل مباشر على القطاع الاقتصادي، بالإضافة التي التكاليف الباهظة التي نجمت عن التدخل العسكري التركي في العراق وسوريا. وهذا التراجع أدى بدوره إلى زيادة معدلات البطالة في عموم البلاد.

الاستقطاب الديني والثقافي

يواجه المجتمع التركي حالة من الانقسام في توجهاته الدينية والثقافية خصوصاً بين التيارين الإسلامي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية الحاكم والتيار العلماني. وقد برز هذا الانقسام بشكل واضح أثناء تغيير مكان تمثال ضخم لأتاتورك من ساحة رئيسية في مدينة “ريزا” التي يتحدر منها أردوغان والذي تتهمه المعارضة العلمانية بالسعي إلى أسلمة المجتمع وتفكيك أرث الجمهورية العلمانية التي أقامها أتاتورك.

ومن المظاهر الأخرى لهذا الأقسام هو الاختلاف الحاصل بين الإسلاميين والعلمانيين بشأن تغيير المناهج الدراسية، حيث تسعى وزارة التربية والتعليم في الحكومة الحالية إلى حذف المواد الدراسية التي تشير إلى تاريخ أتاتورك واستبدالها بمواضيع إسلامية تتناسب مع توجهات وأهداف حزب العدالة والتنمية،الأمر الذي يواجه معارضة من قبل العلمانيين.

التحديات الخارجية:

– بعد تولي الرئيس الأمريكي الجديد “دونالد ترامب” مهام عمله في العشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي، وتأكيده على مواجهة ما أسماه “التطرف الإسلامي”، شعر الرئيس التركي بأن ترامب ومعه عدد من الرؤساء الأوروبيين بصدد تقويض جهوده للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي باعتبار أن حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان يسعى إلى أسلمة تركيا وجرّها الى التطرف بنظر الغرب، في وقت ترفض فيه العديد من الدول الأوروبية لاسيّما ألمانيا وفرنسا مثل هذا التوجه والذي يعتبر باعتقاد المراقبين أحد أهم الأسباب التي حالت حتى الآن دون انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.

– ارتكبت حكومة أردوغان أخطاء استراتيجية فيما يتعلق بموقفها من الأحداث في المنطقة لاسيّما الأزمة السورية. فبسبب الدعم الذي قدمته أنقرة للجماعات الإرهابية التي تقاتل في سوريا بهدف إضعاف أو إسقاط حكومة الرئيس بشار الأسد طيلة السنوات الست الماضية وفشلها في تحقيق هذا الهدف خصوصاً بعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات السورية على هذه الجماعات لاسيّما في مدينة حلب، باتت الحكومة التركية أمام خيارين أحلاهما مر، فلا هي تتمكن من مواصلة دعم هذه الجماعات التي أخذت تهدد الأمن والاستقرار التركي، كما لايمكنها الإصرار على إزاحة حكومة الأسد لأنها أيقنت بأن الأخيرة قادرة على الاستمرار بالحكم بفضل صمود الشعب السوري وقواته المسلحة ودعم الدول الحليفة لاسيّما روسيا وإيران ومحور المقاومة.

– كانت حكومة أردوغان تراهن على قدرة الإخوان المسلمين بالاستمرار في الحكم في كل من مصر وتونس بعد أحداث ما سمي بـ “الربيع العربي” إلاّ أن أحلامها ذهبت أدراج الرياح بعد سقوط حكومة “محمد مرسي” في مصر وتقهقر حركة النهضة بقيادة “راشد الغنوشي” في تونس. وما تزال العلاقات بين أنقرة من جهة والقاهرة وتونس من جهة أخرى ليست على ما يرام بسبب دعم أنقرة للإخوان.
هذه التحديات وغيرها تجعل المراقبين والمحللين يعتقدون بأن تركيا باتت أمام اختبار حقيقي ومخاطر جمّة قد تهدد مستقبلها في حال واصل الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم ذات السياسة المعتمدة منذ سنوات على الصعيدين الداخلي والخارجي.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق