محلل عسكري: جنيف 4 مخاض سياسي لحمل كاذب.. الميدان هو الفيصل
سوريا ـ سياسة ـ الرأي ـ
أكد المحلل العسكري رجب ديب إن التحركات التركية في الشمال السوري تأتي بالتنسيق الكامل مع الإدارة الأمريكية لضرب مسار أستانة الذي ولد بعد جملة من التفاهمات التي توصلت إليها الحكومة الإيرانية والروسية مع أنقرة، إلا أن واشنطن وعلى مايبدو استطاعت استمالة أنقرة من خلال دعمها لجملة من الملفات القديمة الجديدة.
ديب أوضح إن واشنطن شجعت أنقرة على الانقلاب على التفاهمات الموقعة مع طهران وموسكو من خلال دعمها لفكرة إقامة المناطق الآمنة، فلا يمكن القبول بأن داعش تخلى عن مدينة الباب تحت وقع العمليات العسكرية التركية، إذ إن التنتظيم كان يتمكن من تنفيذ عمليات خلف خطوط الجيش التركي في كل من “بزاعة” و”قباسين”، ولم يتمكن من الوصول إلى مدينة الباب إلا من خلال اتفاق رعته الولايات المتحدة الأمريكية عبر مخابراتها، لكون الأخيرة هي الجهة التي أنشأت وتدير تنظيم داعش.
وبين المحلل العسكري السوري إن النظام التركي كان أعجز من الدخول إلى الباب عسكرياً على الرغم من المجازر الكبيرة التي ارتكبها في المدينة بواسطة الطيران وسلاحي المدفعية والصواريخ، إلا أن واشنطن رأت إن ضرب مسار جنيف على المستوى السياسي يحتاج لمعادل ميداني لتقدم الجيش السوري على الأرض، ولأن الميليشيا التي تقاتل تحت الإدارة الأمريكية عجزت عن خرق خطوط الجيش السوري على أكثر من جبهة، كان الخيار الأمريكي بدفع داعش نحو الانسحاب من الباب، وفتح الطريق أمام الأتراك ليكونوا عبر ميليشياتهم المسماة بـ “درع الفرات” هم المعادل الميداني للتقدم السوري.
وبين ديب إن تقدم الجيش السوري المفاجئ إلى بلدة “تادف” المتاخمة لمدينة الباب من الجنوب قطع الطريق على النظام التركي من التقدم نحو المناطق الجنوبية لريف حلب الشرقي، كما إن الجيش السوري عمل على توسيع النطاق الآمن في المنطقة متجهاً نحو هدفين في المرحلة الحالية، الأول نحو مدينة “دير حافر” التي تعد من معاقل تنظيم داعش الأساسية، والثاني نحو بلدة “الخفسة” التي تحتوي على المضخة الأساسية لمياه شرب محافظة حلب لإنهاء قدرة التنظيم على استخدام ورقة “مياه الشرب” في الضغط الميداني.
وشدد ديب على إن المرحلة الحالية هي المرحلة الأكثر حساسية في عمر الحرب السورية لكون الجيش السوري يعمل حالياً على فتح معركة الرقة من خلال الصعود نحوها من محورين، الأول يبدأ بعد تحرير مدينة تدمر وهو أمر وشيك الحدوث، والثاني من خلال التقدم من ريف حلب الشرقي والجنوبي الشرقي نحو ريف الرقة الشمالي الغربي، والجنوبي الغربي، وهذه الأعمال العسكرية وإن بدت للوهلة الأولى بعيدة المدى إلا أنها تأتي من حيث المنطق العسكري ضمن الأجندة الفاعلة للجيش السوري خلال المرحلة الحالية.
واعتبر ديب إن معركة ريف حلب الجنوبي الغربي باتت وشيكة الانطلاق بزخم عسكري أكبر من الحالي من قبل الجيش السوري والقوات الحليفة له، خاصة وإن القوات السورية سيطرت على حي “الراشدين 5” القريب من حلب المدينة، وهذا يشير إلى أن حسابات كل من الرقة وإدلب ستكون موضوعة على طاولة القرار العسكري السوري في آن معا، ولن يكون من السهل على امريكا إضعاف موقف الدولة السورية على طاولة الحوار أيا كانت الأدوات.
وختم ديب بالتأكيد على إن المخاض الذي تمر به العملية السياسية من خلال محادثات جنيف 4 هو مخاض لـ “حمل كاذب”، والمفرز الوحيد الذي يمكن التعويل عليه هو مفرز الميدان السوري، فالطرف المنتصر هو من سيكتب شروط الحل السياسي السوري، والشرعية التي تتمتع بها الدولة السورية هي المفردة الأساس في بناء تصور حول هوية المنتصر في هذه الحرب.انتهى