خفّة على إيقاع الطبل !
عبدالرضا الساعدي
نسمع ونقرأ ونرى في حياتنا ،ربما ، أناساً يتحدثون أو يشهدون بسوء أو سخرية أو حتى رفض ، حول أناس غيرهم لا يعرفوهم أبدا وليس لهم فكرة عنهم وعن أفكارهم وآرائهم وأخلاقهم وطباعهم ، وبسلوكيات متوارثة أو شخصية أو غير سوية ، يتناولونهم كما يتناولون الطعام الدسم ، من دون أن يعرفوا ما الأمر تماما ، وماذا يجري حولهم ، كما نسمع ونعرف عن أناسٍ يدسون أنوفهم فيما لا علم لهم فيه أو بيان أو وضوح ، كما لو أنهم يتحدثون عن كتاب لم يقرؤوه بعد أو لم يفهموا معانيه ومراميه فيرفضون محتواه دون نقاش أو يسخرون من مؤلفه لا لشيء إلا لأن هناك من يفعل ذلك ، ويحلو له ذلك لأسباب شتى وهؤلاء ينطبق عليهم المثل الدارج ( على حس الطبل خفّن يارجليه )!!
ومناسبة الكلام هو مقترح النائب جميلة العبيدي إلى تشريع قانون يشجع الرجال على الزواج بأكثر من امرأة من خلال صرف حوافز مالية ، وكذلك تشجيع الشباب وتحفيزهم على الزواج من الأرامل والمطلقات ، في حين طالبت زميلاتها النائبات والنساء عامة برفع شعار “نقبل بعضنا شريكات لحماية بعضنا”، وذلك في بلد تصدر قائمة أكثر البلدان العربية عنوسة.. وبالرغم من كونه مجرد مقترح ولم يقر كقانون بعد ، وهو كما نرى مقترح مهم ومفيد جدا لوضع مثل وضع البلد ، أصبحت نسبة النساء تكاد تفوق نسبة الرجال ، بفعل ظروف وأسباب عديدةمنها الحروب الكثيرة والظروف الاقتصادية والاجتماعية المتغيرة ، وهو حق طبيعي جدا سواء للرجل والمرأة ، شرعا وقانونا ، إنما كان ينقصه الحافز المادي فقط ومن هنا جاء المقترح على لسان النائبة العبيدي وخير ما فعلت ، فلماذا هذه الضجة الغريبة بل والمضحكة أيضا في بعض وسائل الإعلام وشبكة التواصل الاجتماعي ، فليس هناك إكراه وشروط أو ضغط في الأمر بل الأمر اختياري سواء للمرأة أو الرجل ، ولماذا هذه الخفّة في الرقص على إيقاع الرفض من قبل بعضهم من دون قراءة أو معرفة أو عقلانية في ظروفنا وما نمر به من نسب مخيفة في العزوبية والعنوسة ،فأجدادنا وآباؤنا ، رغم فقرهم ومشاقة حياتهم المعقدة ،فعلوها من قبل وليست بسنّة غريبة علينا ؛ فكونوا أسراً ومجتمعات محترمة وراقية ولم يتوفر لهم سبل التواصل والتكنولوجيا المتطورة كما الآن ، هذه الأسر والمجتمعات الراقية لا يستطيع صنعها أو فهمها هؤلاء الجالسين خلف شاشات التواصل من منتحلي الصفات والأسماء الوهمية ونوع الجنس الذين ينقرون على زر الإعجاب أو الغضب أو الحزن أو ما يشاء حسب الموجة (الهابة )على السطح أو يعلقون بعبارات نابية ومخزية وغير مسؤولة دون حساب أو تمعن أو تفكير ، أو غيرهم من أدعياء الديمقراطية والمدنية على ( الفيس بوك ) سواء كان رجلا أو أنثى ، من الذين ملأوا الأجواء صورا وتعليقات نرجسية مفرطة مثل (جعجعة بلا طحين ) ، فلا أدري ما الذي تنتظره النساء الكريمات وقد فاتهن قطار العمر دون رجعة ، وما الذي ينتظره الرجال إذا ما شُرّع القانون فيما بعد وتحققت المحفزات المادية والقانونية ، ما الداعي أن يتردد الرجال والنساء فيصرفوا أوقاتهم رافضين (بشخصية مزدوجة) على ( الفيس بوك ) مصدقين كذبتهم الديمقراطية والمدنية بالرفض من دون حلول أو مقترحات سوى الإثارة الصبيانية والخزعبلات والمهاترات غير المجدية ، فكلما قرع الطبل خفّت أرجلهم ، بينما يدس الفضوليون من خارج البلد أنوفهم أيضا وهكذا ، وأخيرا ، وفي كل الأحوال لا تتساوى القرعة مع أم الشعر الطويل طبعا !..