الأكراد واللعب على حبال التناقضات.. حقيقة الاتفاق الكردي الروسي!
منذ بداية الأزمة السورية التي دخلت عامها السابع، كان الميدان السوري ولا يزال مسرحا لكثير من اللاعبين الدوليين والمحليين الراغبين بتحقيق أهدافهم في خضم العراك. ولعله من أبرز اللاعبين الذين وجدوا الفرصة بتحقيق الحلم القديم بتأسيس منطقة حكم ذاتي في المناطق التي ينتشرون فيها هم الأكراد.
ينتشر الأكراد في الشمال والشمال الشرقي السوري، وهي مناطق تتداخل جغرافيا مع المناطق ذات الغالبية الكردية في العراق وتركيا وصولا إلى إيران. وهذا الأمر يشكل الهاجس الأكبر للأتراك الذين يتخوفون من أي فكرة حكم ذاتي للأكراد لاعتقادهم أن هذا يشكل مهدا لإقامة منطقة مماثلة مستقبلا لأكراد تركيا في جنوب وجنوب شرق البلاد.
ولذلك، فقد بات التركي يلعب في الساحة السورية على خطين متوازيين الأول هو مواجهة الحكومة السورية من جهة، ومن جهة أخرى مواجهة الأكراد السوريين المنضوين تحت قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) الموالي لحزب العمال الكردستاني (PKK) المحظور في تركيا والمصنف كمنظمة إرهابية.
هذا وقد لعب الأكراد دورا بارزا خلال الأزمة السورية في مواجهة التنظيمات الإرهابية. وهم يتمتعون بدعم أمريكي مطلق.
أما الجديد اليوم فهو ما أعلن عنه المتحدث باسم “وحدات حماية الشعب” الكردية بالأمس عن بدأ روسيا بإقامة قاعدة عسكرية لها في منطقة عفرين شمال غرب سوريا. وذلك بناء على اتفاق مع الوحدات التي تسيطر على المنطقة. مضيفا أنه تم الاتفاق أن يدرب الروس مقاتلي الوحدات في إطار زيادة التعاون في مواجهة التنظيمات الإرهابية.
وبالفعل نقلت مصادر ميدانية أنباء عن وصول قوات روسية مع ناقلات جند وعربات مدرعة إلى بلدة كفرجنة بالقرب من عفرين. وهي منطقة تخضع لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” التي تنضوي تحت لوائها وحدات الحماية وتتلقى الدعم من أمريكا.
وأما الجانب الروسي فقد أعلن متحدث باسم وزارة الدفاع أن روسيا لا تعتزم إقامة قواعد عسكرية جديدة في سوريا. موضحا أن جزءاً من “مركز المصالحة” سينقل إلى محافظة حلب بالقرب من عفرين لمنع انتهاكات وقف إطلاق النار. في إشارة إلى التحركات الأخيرة باتجاه مدينة عفرين. وبذلك يكون الروسي قد أعطى هذا الأمر حجمه الطبيعي.
نعم قد يقول البعض أن هذه التحركات الروسية هي الأولى من نوعها ميدانيا بالقرب من الحدود التركية إلا أن الأكيد أنها لا ترقى لما عبر عنه الأكراد حول اتفاق لإنشاء قاعدة عسكرية. فرغم أن الروس مهتمون بالشأن الكردي، إلا أن العلاقات الكردية الأمريكية المميزة تضع سقفا لأي تقارب خاصة خلال هذه المرحلة التي زاد فيها الأمريكيون من دعمهم للأكراد وهذا ما سنشير إليه.
الدعم الأمريكي
يعتبر البعض أن نقطة الاشتراك الوحيدة بين الإدارتين الأمريكيتين القديمة والجديدة هو الدعم الشبه المطلق للأكراد، فبعد التصريحات والوعود التي أطلقها ترامب حول إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري بالتنسيق مع الروس، تأمل البعض أن تختلف مجريات الأحداث في الساحة السورية، ولكن وقائع الميدان اليوم تشير إلى أن السياسة الأمريكية استمرت على ما كانت عليه واكتفت إدارة ترامب بزيادة الدعم للأكراد. حيث عززت وجودها العسكري في مناطق الأكراد. ونشرت بطاريات “هاوتزرز” من عيار 155 ملم قرب الرقة. كما أعلنت صحيفة “واشنطن بوست” في وقت سابق عن وصول 500 جندي من مشاة البحرية الأمريكية إلى سوريا لدعم قوات سوريا الديمقراطية في دخول الرقة.
والأمريكي يجد بالكردي الحليف الاستراتيجي له في المنطقة، فبعد انكفائه في مرحلة سابقة أمام تقدم للمحور الروسي الإيراني السوري، والانتصارات التي حققها هذا المحور في مواجهة الجماعات التكفيرية، وجد الأمريكيين أن الفرصة متاحة له لاستعادة شيء مما خسره وإعادة التوازن العسكري والميداني مع الروس وذلك عبر الورقة الكردية. حيث يحاصر الأكراد بدعم من الائتلاف الدولي مدينة الرقة التي تعتبر عاصمة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا.
إذا وفي قراءة لخارطة التحالفات والحراك الميداني، يمكن التأكد من أمر وهو أن العلاقات الكردية الروسية لا يمكن أن ترقى لمستوى أعلى من التنسيق الميداني الموجود منذ سنوات. وما جرى الحديث عنه إنما ليس سوى لعب كردي على حبال التناقضات والسعي للاستفادة القصوى من أي حراك ميداني لتعزيز دورهم وزيادة فرصهم في تحقيق الحلم الكردي التاريخي.
المصدر / الوقت