بعد عامين من العدوان..البقاء على قيد الحياة حلم يؤرق أطفال اليمن
لم ينعم أطفال اليمن بالأمان منذ أن حلّقت طائرات العدوان السعودي فوق أجواء صنعاء وتعزّ والحديدة وغيرها من المحافظات، ولم يذوقوا النوم الطفولي الهانئ جرّاء هدير قذائف العدوان العمياء.
مايحصل من جرائم بحقّ الطفولة والإنسانية بأيدي عربية في اليمن أشبه بمسرحية تراجيدية لشكسبير، تشعر بعد أن تطوي صفحاتها بأن جميع المتابعين لها أيقنوا من هو الظالم ومن المظلوم، إلّا أننا اليوم نشاهد العكس تماما، مجلس الأمن والأمم المتحدة وحقوق الانسان يغضون النظر عن جرائم عدوان التحالف الخليجي على الشعب اليمني.
فالقاذفات السعودية لازالت تحلّق فوق المدن اليمنية مشوّهة سماء الأطفال الزرقاء بقذائفها العديمة الرحمة ومنغصة العيش الكريم عليهم بهديرها الجارح للأذن، فيما تقف دول العالم موقف المتفرج إزاء مايجري من ظلم وقهر في اليمن.
ولكي نوضّح مايحصل على الأرض في اليمن لابد من وثائق نجعلها دليلا على المقدمة التراجيدية فيما سبق، وهذه الوثيقة سنشهدها بشكل جليّ في مؤسسة الشوكاني لرعاية اليتيم في العاصمة صنعاء، والتي تقع على بعد حوالي 100 متر من جبل النهدين.
وفي حال كشفنا للقارئ حقيقة هذه المؤسسة الخيرية لتبيّن له مدى سوء الأوضاع في اليمن، حيث كانت مستودعا للأسلحة للجيش اليمني قبل العدوان، إلا أن قصف طائرات التحالف بقيادة السعودية الجائرة حوّلها الى ماهي عليه الآن.
أعلم بأنك صعقت لما ذكرناه لك آنفا إلا أنه محض واقع مرّ لا أكثر ولا أقل، فمع استمرار العدوان على اليمن يعاني الأيتام من حالة دائمة من الخوف والصدمة.
ومايثير الأسى أن يخاطبنا الطفل اليتيم “موسى صالح منصور” ذو 14 ربيعا ليقول بعينين يملؤهما الدمع المتمنّع: كنا خائفين، وفي كل مرة نسمع فيها ضجيج الطائرة، فإنهم (موظفو الأيتام) يسرعون بنا إلى الطابق السفلي لحمايتنا من قذائف الطائرات.
ويتابع الطفل الذي نكّد العدوان عيشه: ان العديد من اصدقائي تركوا دار الأيتام وعادوا الى أقاربهم. وأما أنا أتوقع ضربات قريبة وفي أي وقت قد تستهدف الميتم.
كان حلم الطفل موسى أن يصبح طبيبا في أحد المرّات، إلا أنه يصف الحلم الوحيد الذي يشاركه هو وأصدقاؤه الآن قائلا: نريد أن تهدأ الحرب لكي نرى الأمن والاستقرار يعودان.
وأما مدير دار الأيتام المدعو “محمد القاضي” قال أنه يعتمد على كرم الجهات المانحة الخاصة والمجموعات الخيرية لإنقاذ هؤلاء اليتامى.
لكن الحرب دمّرت الإقتصاد وأطلقت العنان لأزمة إنسانية، واستنفدت المدخرات والموارد العامة هكذا أضاف القاضي قلقا، وتابع: إننا نمرّ بضرورة ملحة لمساعدة هؤلاء اليتامى وسط ندرة الموارد بسبب الحرب المستمرة.
يُذكر أن المؤسسة كانت تستضيف حوالي 350 يتيما قبل بدء العدوان الخليجي. إلا أنه لم يتبقّى سوى الثلث فقط بعد أن فرّ معظمهم للعيش مع أفراد الأسرة في الريف تحت جناح الأمان النسبي.
وجاء العدوان على اليمن منذ حوالي عامين متكونا من 10 دول عربية بقيادة السعودية بغية ضرب ليس “اسرائيل” بل عدو شقيق عربي، منكّدا عيش اليمنيين بعد أن قرّروا الحياة الكريمة والحرية رافضين الخضوع لأي بلد آخر، الأمر الذي دفع المملكة الوهابية الى إطلاق حملتها على اليمن منتهجة سياسة الأرض المحروقة ضد كل من يقف في وجهها.
وجاءت افتتاحية العدوان الدموية على الشعب اليمني في منتصف ليل 26 مارس من عام 2015، عندما قصفت القاذفات السعودية مواقع في اليمن راح ضحيتها عشرات الأبرياء، وقبل عدة أيام من إعلان الرياض بدء العدوان على اليمن، تحت عنوان عملية “عاصفة الحزم”، كان من المفترض أن تلتقي الفصائل اليمينة في العاصمة السعودية للتوقيع على وثيقة “اتفاق الأمن وتقاسم السلطة” في المرحلة الإنتقالية، إلاّ أنها باءت بالفشل.
حقائق فاجعة تدين العدوان
وسندعكم في ختام هذا المقال تمعنون النظر بما سنورده من معلومات موثّقة عن حجم الأضرار الناجمة عن العدوان السعودي على اليمن، حيث تشير التقارير إلى أن عدد الشهداء في اليمن فاق الـ7 آلاف و500 شهيد و13 ألفًا و846 جريحًا. كما قوّضت الطائرات السعودية 319 ألفًا و957 منزلًا، مما أدى إلى تشريد 900 ألف مدني من منازلهم، فضلًا عن تدمير 517 مسجدًا، كما توقف عن العمل 3 آلاف و750 مدرسة وحوالي 36 جامعة، و229 مستشفى ووحدة صحية و16 مؤسسة إعلامية، كما دمّر العدوان مرافق البنية التحتية حيث طال 452 جسرًا، و122 منشأة كهرباء، و140 شبكة اتصالات، و14 ميناء، و10 مطارات.
علاوة على ماسبق دمّر العدوان كذلك 922 منشأة حكومية، و514 مخزن أغذية، و413 سوقًا تجارية، و226 محطة وقود، و156 ناقلة وقود، و168 مصنعًا، و115 مزرعة دجاج، و51 موقعًا أثريًّا، و101 منشأة سيادية، و31 ملعبًا رياضيًّا، و 7 صوامع غلال.
المصدر / الوقت