التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية الجديدة ضد حزب الله 

أفضت التطوّرات الداخليّة الإسرائيلية إلى كشف معالم الاستراتيجية العسكرية في الحرب المقبلة على الحدود الشمالية لفلسطين المتحلّة.

لعل السؤال الأبرز اليوم في الكيان الإسرائيلي عن زمان وقوع الحرب، لا عن إمكانيّة وقوعها، باعتبار أنها تحصيل حاصل كل عامين أو ثلاثة من صيف 2006 “حرب لبنان الثانية”، كانون الثاني 2009 “الرصاص المصبوب”، تشرين الثاني 2012 “عمود السحاب” إلى تموز 2014 “الجرف الصامد”. ويُجمع الخبراء الإسرائيليون على أن أي حرب محتملة ستكون مختلفة تماما عن سابقاتها، وتحديداً عدوان تموز أو حرب لبنان الثانية، حيث يُرجح أن تستمر لفترة وجيزة، إلا أن قدرتها التدميرية ستكون فعالة وسريعة في الوقت نفسه​​.

نظرية الضاحية

الكيان الإسرائيلي رفع السقف عالياً خلال الأيام الماضية، وعلى كافّة المستويات السياسيّة والأمنية والعسكرية. ولفهم الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية لا بد من جردة سريعة لبعض هذه التصريحات التي ترسم الخطوط العريضة للجيش الإسرائيلي، نذكر منها:

رئيس الأركان الإسرائيلي: وجه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي ايزنكوت، خلال مراسم استبدال قائد الجبهة الشمالية، تهديدات للمؤسسات الحكومية اللبنانية معتبرا أنها أهداف إسرائيلية خلال أي حرب قد تنشب في المستقبل، متذرّعاً بتصريحات أطلقها الرئيس اللبناني مؤخرا، حول رفضه نزع سلاح حزب الله وأن الحزب جزء من منظومة الدفاع عن لبنان. إيزنكوت هو نفسه الذي أطلق “نظرية الضاحية”، في العام 2008 عندما كان قائداً للمنطقة الشمالية، أي قدرة التدمير العالية كما حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت عام 2006.

وزير الحرب: قال وزير الحرب الإسرائيلي افيغدور ليبرمان خلال جلسة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي بان “الجيش اللبناني بمثابة إحدى وحدات تنظيم حزب الله.. والبنى التحتية العسكرية للجيش اللبناني ولحزب الله هي بنية واحدة”، معتبراً الرئيس اللبناني ميشال عون “احد عناصر حزب الله”. كلام ليبرمال ليس فرديّاً، بل “يعتقد الجيش الإسرائيلي أن الجيش اللبناني سوف يلعب دورا فاعلا ضد إسرائيل في الحرب المقبلة على لبنان، حيث أنه سوف يعمل تحت قيادة حزب الله​​”، وفق صحيفة معاريف العبريّة.

نفتالي بينت: قال رئيس كتلة البيت اليهودي، وزير التربية الإسرائيلي إن بلاده لا تسعى إلى حرب مع لبنان، ولكن في حال حصلت فإنها يجب أن تكون سريعة وأقصر من حرب تموز 2006. ويضيف: يجب على الجيش الإسرائيلي أن ينفذ عملية عسكرية واسعة النطاق تطال كافة المرافق الحيوية اللبنانية من بينها مراكز الجيش اللبناني لأن ذلك سيدفع الدول الكبرى للتدخل وحل النزاع وتقصير مدة الحرب.

الاستراتيجيّة العسكرية

بناءً على ما تقدّم، ولو صرفنا النظر عن عدم ثقة 58% من الجمهور الإسرائيلي بالقيادة السياسية في المواجهة القادمة، وفق موقع “واللا” الإخباري، يُمكن لنا إيجاز الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية تجاه لبنان في التالي:

أولاً: هناك إجماع شبه تام على استهداف الدولة اللبنانية التي حاول الكيان الإسرائيلي تحييدها في العام 2006 إبان حكومة فؤاد السنيورة، وذلك بعد اتصال هاتفي من وزيرة الخارجية الأمريكي كونداليزا رايس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها إيهود أولمرت. لا نستبعد استهداف القصر الجمهوري في بعبدا بسبب مواقف عون، ولا الجيش اللبناني الذي هاجمه ليبرمان، بل حتى استهداف المسيحيين والمسلمين السنّة لثنيهم عن مواقفهم المؤيدة لحزب الله. في تموز 2006، حاول الكيان الإسرائيلي استهداف المناطق الشيعية المؤيدة لحزب الله بغية إيهام الناس أن مشكلته مع الحزب وبيئته فقط، وليس الشعب اللبناني الذي يحتل أرضه، ولكن يبدو أن هذه الرؤية قد تغيّرت حالياً.

ثانياً: الضربة ستتم ضمن مهلة زمنيّة محدّدة وبتغطية نارية كثيفة أو ما يصطلح عليها البعض “الضربة الخاطفة”، التي تسمح للكيان الإسرائيلي بتوجيه ضربة مؤلمة لحزب الله والدولة اللبنانية. عندها تلجئ السلطات الإسرائيلية إلى مجلس الأمن عبر مشروع أمريكي ينهي الحرب بسرعة. هذا ما يؤكده المحلل الصحفي والعسكري الإسرائيلي بن كاسبيت الذي يرى أن “هذه الحرب المحتملة قد تكون مختلفة تماما عن سابقاتها، ومن المحتمل أن تستمر لفترة وجيزة، وتكون قدرتها التدميرية فعالة وسريعة في الوقت نفسه”.

في الخلاصة، المعارضة الإسرائيلية والحكومة تُجمع على ضرورة أن تكون الحرب قصيرة. هذه النقطة تحديداً، تكاد تكون من نقاط الالتقاء القليلة بين الحكومة والمعارضة في الكيان الإسرائيلي، وتحديداً بعد تقرير مراقب الدولة الذي انتقد أداء القيادة السياسية في عملية الجرف الصامد، مشيراً إلى “ضعف أداء الكابينت وخروج إسرائيل للحرب دون أن تضع لنفسها الهدف المطلوب، استراتيجية الخروج، والإطار الزمني”. هذا ما يؤكده زعيم حزب “هناك مستقبل” المعارض يائير لبيد المرشّح لخلافة نتنياهو وفق استطلاعات الرأي، باعتباره من المشكّكين في مفهوم الحسم، الذي وضعه دافيد بن غوريون في الخمسينيات، أحد العناوين للنظرية الأمنية الإسرائيلية.

باختصار الكيان الإسرائيلي يريد إعادة لبنان إلى العصور الوسطى، وفق محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل، فكيف سيكون ردّ حزب الله؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق