لماذا يكرر نظام آل خليفة اتهاماته لإيران بالتدخل في شؤون البحرين؟!
بعد اندلاع الثورة الشعبية في البحرين مطلع عام 2011 للمطالبة بالإصلاح السياسي سعى نظام آل خليفة إلى الإيحاء بأن هذه الثورة تستمد الدعم من الخارج وتحديداً من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران لتبرير قمعه لهذه الثورة على الرغم من سلميتها.
كما سعى نظام المنامة إلى الإيحاء بأن الثورة البحرينية لا تمثل سوى طائفة معينة “الشيعة” للّعب على الوتر الطائفي، في حين أن الوقائع تثبت أن جميع فئات وشرائح المجتمع تشارك في هذه الثورة بما فيهم أبناء الطائفة السنيّة، وأكثرهم من الشباب، وهي تحظى بدعم مختلف التيارات والأحزاب السياسية سواء الإسلامية أو العلمانية والليبرالية واليسارية.
وجميع هذه المكونات تؤكد على ضرورة الحفاظ على سلمية التظاهرات وتجنب أي عمل مسلح رغم القمع الشديد الذي تتعرض له على يد قوات الأمن البحرينية المدعومة من قوى خارجية لاسيّما من قبل السعودية والإمارات في إطار ما يسمى “قوات درع الجزيرة” التابع لدول مجلس التعاون.
وسعى نظام آل خليفة كذلك إلى استجداء الدعم الغربي لاسيّما من قبل أمريكا وبريطانيا لمواصلة قمعه للثورة البحرينية بحجة أنها تتلقى الدعم من الخارج وتحديداً من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران.
واتهمت سلطات المنامة القائد الروحي للثورة البحرينية المرجع الديني آية الله الشيخ عيسى قاسم وباقي القيادات الدينية بالتعاون مع إيران لمواصلة هذه الثورة.
ورداً على هذه المزاعم أكدت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق المعروفة أيضاً باسم “لجنة بسيوني” والتي أنشئت من قبل ملك البحرين “حمد بن عیسی آل خلیفة” في 29 يونيو 2011 للنظر في الحوادث التي وقعت خلال فترة الاحتجاجات في شهري فبراير ومارس 2011 والنتائج المترتبة عليها؛ أكدت أن إيران ليس لها أي تدخل في هذه الأحداث، وجميع التهم والمزاعم التي ترد في هذا المجال لا أساس لها من الصحة.
كما نفت إيران وبشدة هذه المزاعم، ودعت في الوقت نفسه سلطات المنامة إلى الاستماع لمطالب الشعب البحريني السياسية والاجتماعية وتسوية الخلافات بشكل سلمي، محذرة في الوقت نفسه من خطورة اللجوء إلى استخدام القوة والعنف لقمع المتظاهرين السلميين ورموزهم الدينية والوطنية لاسيّما آية الله الشيخ عيسى قاسم.
ويعتقد المراقبون بأن تكرار سلطات آل خليفة لمزاعمها بأن طهران تحرض الشعب البحريني يراد منه إثارة الرأي العام الإقليمي والدولي ضد إيران من جهة، وتسويغ قمع الشعب البحريني لإجهاض ثورته السلمية والتنكر لحقوقه المشروعة من جهة أخرى، وتهيئة الأرضية لمحاكمة آية الله قاسم التي اضطرت السلطات لتأجيلها أربع مرات حتى الآن بسبب الاعتراضات والاحتجاجات الشعبية وشبه الرسمية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وتسعى السعودية ومعها بعض دول مجلس التعاون لتأجيج الفتنة الطائفية وإثارة النعرة القومية في إطار مساعيها لتأليب الرأي العام الإقليمي وتقديم شكوى ضد إيران في مجلس الأمن الدولي بذريعة التدخل في شؤون البحرين.
وكانت السعودية قد أرسلت في عام 2011 أكثر من ألف عنصر أمني وعسكري إلى البحرين للمشاركة في قمع الثورة الشعبية السلمية في هذا البلد، كما أرسلت دولة الإمارات أكثر من 500 عنصر لهذا الغرض في إطار ما يسمى قوات “درع الجزيرة”، وارتفع عدد هذه القوات بعد مدة إلى أكثر من 5000 عنصر.
وتخشى السعودية ومعها دول أخرى من مجلس التعاون من نجاح الثورة البحرينية لاعتقادها بأن هذا الأمر سيساهم في تقوية نفوذ إيران ومحور المقاومة في عموم المنطقة، خصوصاً بعد هزيمة الجماعات الإرهابية المدعومة من قبل الرياض في العراق وسوريا.
وتجدر الإشارة إلى أن أمريكا تسعى للحفاظ على نظام آل خليفة ومنعه من السقوط على يد الشعب البحريني لخشيتها على مصالحها في هذا البلد الذي يستضيف أسطولها البحري الخامس الذي يضم حاملة طائرات وعدداً من الغواصات وأكثر من سبعين مقاتلة، إضافة لقاذفات القنابل والمقاتلات التكتيكية وطائرات التزويد بالوقود.
وتشير تقديرات سابقة إلى أن عدد البحارة الأمريكيين المتمركزين في البحرين نحو 3500 بحار، فيما يقدر عدد السفن التابعة لسلاح البحرية الأمريكي والراسية في البحرين بسبعة عشرة سفينة. وتشارك هذه القوات بشكل مباشر وغير مباشر في العمليات العسكرية في كل من العراق وأفغانستان.
المصدر / الوقت