“داعش” و”النصرة” مكرهٌ أخاك لا بطل !!!
ليس بالمفاجئ لأحد الأنباء التي تتحدث عن قيام اتفاقية مشتركة بين الشقيقين المتخاصمين “داعش” و”جبهة تحرير الشام” أو “النصرة” سابقاً، على ضوء المستجدات الأخيرة التي طرأت على ساحة الصراع الدائر في سوريا، وخاصة بعد الهزائم المتتالية التي منيّ بها التنظيمين الإرهابيين في كل من الموصل العراقية وريفي دمشق وحماه في سوريا.
تاريخ مشترك
بالعودة إلى الجذور المشتركة للتنظيمين الإرهابيين “داعش” و “النصرة” وتحديدا إلى العام 2004 الذي شهد تأسيس مايعرف بفرع ” تنظيم القاعدة” في العراق على يد أبو مصعب الزرقاوي وما تلاه من أحداث دامية شهدتها بلاد الرافدين على يد التنظيم المجرم من تفجيرات وإعتداءات بحق المدنيين الأبرياء والعتبات المقدسة، وتأجيج الوضع الداخلي وبث عوامل الفتنة المذهبية والطائفية بين أبناء البلد الواحد، يمكن فهم الاستراتيجية الجديدة التي يعمل بهل التنظيمين الشقيقين.
ففي صيف 2011 خرج علينا المدعو “أيمن الظواهري” برسالة مسجلة بثت على عدة مواقع يحض فيها السوريين على الجهاد في سوريا، وللتذكير حتى تلك الساعة التي بث بها هذا التسجيل لم تكن هناك أي ارتباطات إيديولوجية واضحة بين الفصائل الإسلامية الجهادية التي تقاتل في سوريا وبين التنظيم المذكور”أي القاعدة” ولكن اتساع لهيب الحرب السورية وامتداده إلى المحافظات المجاورة للحدود العراقية عجّل في دخول هذا التنظيم في أتون الحرب السورية.
وهنا ظهر اسم جديد على ساحة الصراع الدائر تمثل بالمدعو ” أبو محمد الجولاني”، الذي أعلن عبر رسالة صوتية مسجلة عن قيام مايسمى “جبهة النصرة” فرع “القاعدة” في سوريا، شتاء العام 2012.
فهذا الرجل الذي تعود أصوله إلى مدينة دير الزور السورية، كان قد تدرب وتتلمذ على يد أبو مصعب الزرقاوي لحد مقتل الأخير على يد القوات المشتركة الغازية البريطانية الأمريكية في العام 2006، وأصبح الجولاني فيما بعد مسؤولا عن تجنيد وتطويع وجذب المقاتلين السوريين الراغبين في الإنضمام إلى “القاعدة”، وفي حينها ذكرت بعض التقارير أنه فرّ إلى لبنان ودرب مقاتلي “جند الشام” فرع القاعدة في لبنان ورقي من قبل قيادة التنظيم ليصبح مسؤولا عن ” القاعدة” في مدينة الموصل شمال العراق.
الانشقاق
في صيف 2014 احتلت قوات “تنظيم القاعدة” مدينة الموصل العراقية وخرج حينها المدعو ” أبو بكر البغدادي” من منبر جامع الموصل ليعلن عن تشكيل مايعرف بـ”الخلافة الإسلامية” وقيام دولة الإسلام في العراق والشام “داعش” وأعلن نفسه خليفة للمسلمين.
وفي سياق متصل دعا إلى دمج مايعرف بتنظيم “جبهة النصرة” ليصبح تحت قيادته، داعياً الجولاني لمبايعته “خليفة للمسلمين”، وهذا مارفضه الجولاني واعتبره خروج عن ولي الأمر ” الظواهري” وكان لهذا الإنشقاق أثر بالغ على بنية تنظيم “القاعدة” في كل من العراق وسوريا، ما أدى لنشوب معارك طاحنة بين الطرفين في عدة مناطق مختلفة على امتداد سوريا والعراق.
ولكن تغير الوضع الدولي ووضع كل من “داعش” و”النصرة” على لوائح الإرهاب العالمية، خصوصا بعد انتقال الإرهاب إلى قلب أوروبا وتبني “داعش” لهذه العمليات أجبر الأمريكيين على تسميتها منظمات إرهابية ، مع أخذ العلم ان تقارير استخبارتية تحدثت عن ضلوع المخابرات الأمريكية في دعم التنظيم المذكور عن طريق حلفائها الإقليميين لاسيما قطر وتركيا والسعودية، ما أجبر في الوقت نفسه “جبهة النصرة” على تغيير اسمها عدة مرات علها تحظى برحمة المجتمع الدولي وهذا الذي لم يحصل حتى تاريخ كتابة هذا المقال.
الحرباء تغير جلدها
هناك سؤال يطرح نفسه، هل تغيير الاسم يعني تغيير الجوهر والحقيقة، وهل أصبحت النصرة بمسمايتها المختلفة ” فتح الشام أو جبهة تحرير الشام” تنظيما اسلاميا معارضا معتدلا كـ”جيش الإسلام”مثلا كما يريد الغرب منا أن نرى أو كما يسوق له؟!.
اتفاقيات مشبوهة
تجري الآن مفاوضات بين ” داعش” و” جبهة النصرة” على خلفية الانتصارات المتلاحقة للجيش السوري والحشد الشعبي وحلفائهما في محور المقاومة، خاصة في حلب وريفها وما تبعه من ملاحقة لفلول التنظيم الإرهابي وأذرعه في كل من ريفي دمشق وحماه و تضييق الخناق عليهم في الموصل.
حيث كشف القيادي في جيش الإسلام “سمير الكعكة” عن اتفاق بين الجولاني والبغدادي يقضي بانسحاب “داعش” من القلمون الشرقي وريف حماه الشرقي واللجاة في ريف درعا وتسليمها إلى هيئة تحرير الشام بقيادة جبهة النصرة وذلك لتسهيل سيطرة الهيئة لاحقا على الغوطة الشرقية ، مقابل تسهيل هيئة تحرير الشام مرور إمدادات تنظيم الدولة من كافة المناطق التي تسيطر عليها في سوريا.
وفي الختام أما آن الأوان للإرهابيين أن يستوعبوا على أن الإدارة الأمريكية التي استعملتهم في أفغانستان ضد خصومها السوفييت وعادت واحتلت أفغانستان بحجة محاربتهم والقضاء عليهم، تعيد الآن نفس التجربة مع اختلاف الرقعة الجغرافية واختلاف المسميات لا أكثر ولا أقل؟!.
المصدر / الوقت