العقبات التي تواجه بارزاني لإعلان استقلال إقليم كردستان العراق
يعتبر الأكراد القومية الرابعة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان، والتي تمكنت عبر عصور تاريخية مختلفة لاسيّما خلال العقود الأخيرة من النهوض، ومن ثم المطالبة بالاستقلال.
ويشكل أكراد العراق الطليعة في هذه المساعي قياساً إلى باقي الأكراد في الدول المجاورة، حيث تمكنوا من تأسيس إقليم وحكومة شبه مستقلة في شمال العراق.
وفي الوقت الحاضر يعتقد العديد من المراقبين والمتخصصين بشؤون الشرق الأوسط بأن أكراد العراق باتوا أقرب إلى إعلان الاستقلال من أي وقت مضى، خصوصاً بعد أن تمكنوا من تثبيت وجودهم بشكل واضح من خلال مشاركتهم إلى جانب الجيش العراقي والحشد الشعبي في التصدي للجماعات الإرهابية لاسيّما تنظيم “داعش” الذي احتل مدن الموصل والأنبار ومناطق واسعة من محافظات صلاح الدين وكركوك وديالى قبل نحو ثلاث سنوات.
وعلى اثر ذلك استطاع الأكراد من السيطرة على المناطق المتنازع عليها والتي تمت الإشارة إليها في المادة 140 من الدستور العراقي ومن بينها محافظة كركوك الغنية بالنفط.
ومما ساهم في تقوية النزعة نحو الاستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد لدى العديد من قادة إقليم كردستان هو الاختلاف في وجهات النظر بين الجانبين بشأن المسائل الاقتصادية وحصة الإقليم من ميزانية الدولة العراقية، والذي وصل إلى ذروته في عام 2015 عندما قررت حكومة الإقليم بيع النفط بشكل مستقل عن الحكومة المركزية، وبعيداً عن مراقبة شركة تسويق النفط العراقية المعروفة اختصاراً باسم شركة “سومو”.
ونتيجة هذه الظروف بدأت سلطات إقليم كردستان العراق تطرح بشكل جدّي مسألة الاستقلال عن العراق وتشكيل دولة جديدة في الشرق الأوسط. وواجه هذا الطرح العديد من التحديات التي من شأنها أن تحول دون الاستقلال. ويمكن الإشارة إلى أهم هذه التحديات على النحو التالي:
ألف) الخلافات بين الأحزاب والتيارات السياسية الرئيسية في الإقليم
تعتقد العديد من الأحزاب الكردية وفي طليعتها حركة التغيير “كوران” التي يتزعمها “أنوشیروان مصطفی” بعدم وجود اتفاق شامل بين كافة الأحزاب الكردية للذهاب باتجاه الاستقلال عن العراق، في حين ترى أحزاب أخرى وفي مقدمتها “الحزب الديمقراطي الكردستاني” الذي يتزعمه “مسعود بارزاني” بأن الظروف باتت مهيأة لإعلان الاستقلال.
ب) صعوبة الاستقلال الاقتصادي
يعتمد إقليم كردستان العراق بدرجة كبيرة على تصدير النفط عبر الأراضي التركية لإدارة شؤونه الاقتصادية والمالية في الوقت الحاضر. وهذا الأمر من شأنه أن يعرض الإقليم لخطر اقتصادي محدق في حال قررت تركيا في يوم ما منع الإقليم من تصدير نفطه عبر أراضيها. وهذا العامل يعد في الحقيقة من الأسباب الرئيسية التي تحول دون استقلال الإقليم بنظر الكثير من المراقبين.
ج) رفض القوى الإقليمية
يرى العديد من الأحزاب الكردية العراقية بأن فكرة استقلال الإقليم ستواجه رفضاً واسعاً من القوى الإقليمية المؤثرة خصوصاً من قبل تركيا وإيران ودول عربية من بينها السعودية ومصر. وتعتقد هذه الأحزاب بأن استقلال الإقليم لا يمكن أن يتحقق ما لم تدعمه هذه القوى وفي مقدمتها إيران أو تركيا.
د) الرفض الدولي
ترى الأحزاب الكردية العراقية التي تعارض استقلال الإقليم بأن القوة الكبرى وعلى رأسها أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي ترفض فكرة الاستقلال وهي غير مستعدة لدعمها في الوقت الحاضر على أقل تقدير.
في مقابل ذلك يعتقد الحزب الديمقراطي الكردستاني والأحزاب الموالية له بأن الوقت بات مناسباً لإعلان الاستقلال في ظل الظروف الحالية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والعراق بشكل خاص، ويعدون ذلك فرصة تاريخية ومناسبة لإنجاز هذا الأمر أكثر من أي وقت مضى. ويرى أنصار هذا السيناريو بأن الاضطرابات التي تعصف بالمنطقة بسبب وجود الجماعات الإرهابية يدعوهم إلى التفكير جدياً بالاستقلال حتى وإن كانت هناك تحديات، ويرون كذلك بأن مثل هذه الفرصة قد لا تتكرر في المستقبل.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن إقليم كردستان العراق يواجه تحديات داخلية كثيرة في الوقت الحاضر على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية، فلهذا ومن خلال قراءة المعطيات الآنفة الذكر يمكن الاستنتاج بأن الإعلان عن استقلال الإقليم أو السعي لإجراء استفتاء جماهيري بهذا الخصوص في هذا الوقت بالذات لن يكتب له النجاح، وستبقى تصريحات بعض قادة الإقليم وفي مقدمتهم مسعود بارزاني بهذا الشأن مجرد أمنيات، وهي أقرب إلى الدعاية منها إلى الواقع بحسب اعتقاد معظم المراقبين.
المصدر / الوقت