عدوان ترامب على سوريا.. الاهداف والتداعيات
بعد مايقرب من 75 يوما على دخوله البيت الابيض أصدر دونالد ترامب أوامره فجر الجمعة بضرب قاعدة الشعيرات السورية بصواريخ اطلقتها مدمرة في البحر المتوسط فكان الخبر كالصاعق الذي تفجر بين مختلف قادة بلدان العالم ووسائل الاعلام فدلى كل بدلوه.
ومن هنا نريد استعراض بعض ماتوخاه العجوز ترامب من أهداف كمنت وراء ضربته التي لاتعدو ان تكون فقاعة صوتية في مواجهة بلد مزقت اشلاءه الحرب منذ 6 سنوات:
1- يبدو ان ترامب اراد دفع الانظار عن فشل سياساته الداخلية التي كان يركز عليها اساسا في حملاته الانتخابية والتي منها الكف عن خوض الحروب في مناطق العالم وانتقاد سياسات اسلافه لاسيما بوش واوباما التي اغرقت بلاده في اوحال الديون والدماء، والتركيز على اعادة بناء الاقتصاد الاميركي ونقل رساميل ونشاطات شركات بلاده من مختلف بلدان العالم الى الداخل وخلق فرص عمل جديدة، وايقاف نزف دافعي الضرائب للمشاركة في حروب لاطائل منها.
2- التغطية على عدم الوضوح في سياساته الخارجية لاسيما غرب آسيا التي تعاني من صراعات اججتها الانظمة المتحالفة مع واشنطن، فيما كان يتهم منافسته الانتخابية هيلاري كلينتون بانها ضالعة في صنع المجموعات الارهابية كداعش والنصرة والقاعدة وغيرها التي أقرت هي كذلك بمسؤولية بلادها في هذا النهج المخزي.
3- استعراض قوته العسكرية أمام حلفاءه واظهار عدم حاجته لاكتساب آراء البلدان الاعضاء في مجلس الامن الدولي وفق ماتصرح به المواثيق الدولية وانه يستطيع ان يهاجم ويضرب اي بلد في العالم متى ماشاء ودون الحاجة الى التشاور مع نظرائه العالميين والاقليميين.
4- محاولة خلط الاوراق واعادة توازن القوى لصالح حلفائه في المنطقة الذين بات فشلهم واضحا في مخططاتهم العدوانية على الجوار منذ سنوات حيث احبط نظام اردوغان في سوريا والسعودية في اليمن والكيان الاسرائيلي في غزة ولبنان.
5- استغلال حلفائه النفطيين كالسعودية التي وصفها صراحة بالبقرة الحلوب وفرض فاتورة مغامراته على قادتها بعد تصريحاته المتكررة حول ضرورة الدفع لقاء الكف عن تهديداته باحالتهم الى المحاكم وادخالهم في قائمة البلدان المحظور على مواطنيها السفر الى الولايات المتحدة عقب اتهامات محاكم بلاده بضلوعهم في احداث 11 ايلول/ سبتمبر.
6- التلويح بالعصا الغليظة لحكومات اخرى تعتبرها اميركا مارقة عن نهجها السياسي ككوريا الشمالية التي رفضت حتى الآن الانصياع لاوامر واشنطن بتفكيك ترسانتها النووية ورفضت التفاوض القائم على هذا الشرط، بل اندفعت اكثر من ذي قبل في مواصلة تجاربها الذرية والصاروخية بعيدة المدى حتى انها هددت بضربة نووية استباقية تستهدف الاراضي الاميركية هو ماأثار قلق واشنطن باستمرار.
أما التداعيات فيمكن خلاصتها فيما يلي:
1- الخطوة الاميركية الاحادية الجانب في مهاجمة سوريا سببت ارباكا للمجتمع الدولي مايدفع بلدان اخرى لاتخاذ خطوات مماثلة دون اي رادع او وازع في الرجوع الى المواثيق الدولية والمنظمات العالمية التي تستضيفها اميركا على اراضيها كالامم المتحدة ومجلس الامن الدوليين وهو ماينشر شريعة الغاب انطلاقا من بلد يدعي الدفاع عن حقوق الانسان والقانون الدولي.
2- تعزيز الانقسام في المنطقة والعالم القائم اساسا بين صفين دوليين يتعارضان في السياسات والمناهج والرؤى حيال ظواهر مشؤومة انتشرت مؤخرا كانتشار النار في الهشيم بين عدد كبير في بلدان العالم لاسيما المنطقة كالارهاب ومجموعاته التي فاق تسليح بعضها الكثير من الجيوش النظامية في العدة والعديد.
3- تهميش ادوار المنظمات الدولية في البت بالمشاكل العالمية وتحجيم كياناتها والايحاء بعدم الحاجة اليها اذ ان بلدانا قوية كاميركا لاتشعر بضرورة الرجوع اليها في قرارات مصيرية تتعلق بخوض الحروب والصراعات وهو ماصرح به وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون الذي قال ان بلاده ليست بحاجة في الرجوع لأحد في اتخاذ قرارات كهذه وذلك بعد ضرب القاعدة الجوية السورية.
4- إغراق المنطقة في بحر من الفوضى والاضطرابات التي تعاني اساسا من زعزعة الاستقرار بسبب القتال المحتدم بين حكوماتها القانونية من جهة وعناصر المجموعات الارهابية في بلدان عديدة كسوريا واليمن والعراق وليبيا ولبنان.
5- الإجهاز على اي روح تدعو لايجاد حلول سلمية لمشاكل المنطقة وخنق الاصوات الداعية للحوار والتفاوض بهدف البحث عن آليات سلمية تفضي الى اعادة الاستقرار والامن اليها.
6- اعتماد منهج خلق الذرائع الجوفاء عند اية محاولات احادية الجانب كتبرير اميركا هجومها بالرد على هجوم شيخون الكيميائي في محافظة ادلب السورية وعدم السماح لبلورة اية فرص بتشكيل لجان تقصي حقائق لانها قد تكشف مايخبأه الاسياد من وراء مثل هذه العمليات المشبوهة الاهداف.
واخيرا فان مثل هذه العمليات التي ان تكررت ستشكل اولى الشرارات الخطيرة لانطلاق حرب كبرى على الصعيدين الاقليمي او العالمي ماسيحرق اصابع مؤججيها قبل غيرهم.
المصدر / فارس