رجال يلجأون إلى الأعشاب للتخلص من الضعف الجنسي بدلًا من الأطباء
قالت سمر “تزوجت وأنا في الثلاثين من عمري من رجل سبق له الزواج والإنجاب، وفي فترة الخطبة راودني شعور بأنه لا يشتهي أنوثتي، فلم يحاول لمرة واحدة اختلاس قبلة ، وظننت أن الأمر يرجع إلى حسن خلقه، لكنني صدمت بضعفه الجنسي بعد 3 أسابيع من الزواج” ، هكذا بدأت سمر بسرد حكايتها مع طليقها .
وأضافت سمر “أعيش اليوم في شقة منفصلة بعيدًا عن منزل والديها في إحدى المناطق اللبنانية النائية ، ورفضت الإفصاح عن إسمها الحقيقي وعنوان سكنها ، بعد فترة من الزواج، بدأ صراعي مع ذاتي، وبدأت لعبة التساؤلات، لماذا أقدم هذا الرجل على الارتباط بي ، وكيف يتعامل مع نفسه والآخرين ، هو أناني يعطي نفسه الحق بأن يكون زوجًا ، رغم عجزه عن أداء مهمات الزواج الشرعية ، وسألته لماذا أنت على هذه الحال ، ورد أنا هكذا إذا رضيتي بالواقع”.
عندما واجهت سمر زوجها بالمشكلة، بعد المرات القليلة التي أقاموا بها علاقة، كان رده أن الأمر طبيعي ومن ثم هجرها 11 شهرًا ، خلال فترة حملها ووضعها ، وعندما طلبت منه تجديد العهد رفض، وشكاها إلى أهلها وأهانها ، كما أنها كانت ترى زوجها يتناول عقاقير طبية كثيرة ، لكنها لا تدري هل كانت علاجًا طبيًا أم منشطات جنسية، وأحيانًا كانت ترى معه حشيشًا ، لكنه يؤكد لها أنه لا يتعاطاه.
ويلجأ قليلون من الرجال إلى الطب لحل مشاكلهم الجنسية ، بعضهم يتجه إلى العطارين بحثًا عن حل، أو إلى العقاقير المنشطة دون وصفة طبية ، وقد يداري البعض الآخر المشكلة ويتعامل على أنها غير موجودة.
أما تامر درويش ، الذي يمتلك محل عطارة في إحدى المناطق الشعبية ، في منطقة برج أبي حيدر ، إن منتجاته قادرة على مساعدة الضعف الجنسي، فهي توجد حلًا لقلة الشهوة، وضعف الانتصاب، وارتخاء الأعصاب، وتأخير القذف، لكنها تتعامل مع أعراض المرض وليس مع المرض ذاته.
وتابع درويش “العلاج عبارة عن منتوجات لها تأثير البنج، مثل حجر جهنم الذي يتم استيراده من الصين، ويبلغ ثمن الكيلوغرام نحو 100 دولار، أو أعشاب مثل الجنسينغ ، وحبوب اللقاح، وغذاء الملكات، وشرش الزلوع، وعود القرح، وطلع النخل، الذي يزيد عدد الحيوانات المنوية”.
وقال إنه يأتيه زبونان أو ثلاثة في الشهر، وهذا رقم قليل جدًا مقارنة بالماضي ، وأرجع ذلك لأسباب عدة ، أولها أن الزبائن غالبًا لا يشترون من الأماكن الشعبية بسبب الإحراج، لأن الجميع يعرفون بعضهم بعضًا، خاصة في الأحياء الشعبية مثل برج أبوحيدر أو غيرها ، فيفضلون طلب ما يريدون عبر الهاتف ، كما أن المخدرات سحبت البساط من تحت أقدام العطارين، حيث أن مفعولها سريع ووقتي، على العكس من الأعشاب، لافتًا إلى أن بعض العطارين يلجأون إلى الغش من أجل جذب الزبون عن طريق وضع المخدرات في العسل أو غذاء الملكات، وهو ما يرفضه درويش.
ويحاول البعض ممن يعانون الضعف الجنسي اللجوء إلى المخدرات، عسى أن تنتشلهم من أزمة يصعب البوح بها لحساسيتها في عيون المجتمع ، وهو ما قام به كمال الذي يعمل في مجال صنع المفروشات ، مضيفًا أن بدايته في الإدمان كانت مع الترامال ، لزوم “التركيز والصحصحة ” ، وكان يريد حلًا سريعًا لمشكلته الجنسية ، فقد أغراه أحد مروجي المخدرات مستخدمًا الجنس كمدخل ، واعداً إياه بنتائج ملموسة وسريعة وحلول لمشاكله.
ويعد مفعول الأقراص المخدرة خف بعد الاستخدام الثالث ، وتركه مدمنًا مع الوقت تلفت أسنانه وشُلت قدرته الجنسية، فنصحه صديق له بالحشيش ، ثم وصل إلى تعاطي الهرويين ، إذ كان يتعاطى ربع غرام على 3 أيام، وبعدها ذهب إلى العلاج، لكنه عاود الكرة مجددًا ، حتى استطاع الشفاء بشكل كامل بمساعدة أحد الأطباء الذي وقف إلى جانبه طوال تلك الفترة ، ولكنه لا ينكر بأنه خائف من العودة إلى تعاطي الهيرويين ، خاصة وأن طبيبه حذرته من ذلك.
ويجب التعامل مع الموضوع على محمل الجد إذ أن نسبة العجز الجنسي يزداد يومًا بعد يوم في صفوف الرجال الللبنانيين ، إذ يعاني نحو 30% منهم من الضعف الجنسي، بحسب المتخصصين في أمراض الذكورة، كما يعد الضعف الجنسي سببًا رئيسيًا في الانفصال في كثير من الأحيان، في الوقت الذي يشهد العالم العربي ارتفاعًا في حالات الطلاق.
ويرتبط الضعف الجنسي بالأمراض المزمنة، مثل ارتفاع ضغط الدم، والكوليسترول، بالإضافة إلى الفشل الكلوي، فيما يعاني مرضى السكري من مشاكل في الانتصاب.
في الوقت ذاته، تسبب بعض الأدوية ضعف الانتصاب ، مثل المهدئات، ومضادات القلق والاكتئاب، وأدوية الضغط المرتفع والحساسية، بالإضافة إلى أسباب أخرى مثل التدخين وتناول المخدرات والكوكايين وإدمان الكحول.
وأرجع جمال فواز ، استشاري الطب النفسي في مستشفى الجامعة الأميركية ، أن السبب الرئيسي لظاهرة البحث عن علاجات خارج عيادات الطبيب إلى الاستسهال، وأنه لا يوجد شخص يريد أن يكون مريضًا ، لأن كلمة مرض تمثل عبئًا نفسيًا ، مشيرًا إلى أن الثقافة المجتمعية التي تؤمن بالأوهام والسحر والشعوذة قد يفسر رجل ضعفه الجنسي بأنه عن شيء ما غير ملموس ، من شخص يريد له الشر، ويبحث عن الحل عند رجال الدين أو أهل الشعوذة ، حيث أن جزءً كبيرًا من الضعف الجنسي أسبابه نفسية كالضغط والتعب والمشاكل اليومية والإرهاق ، وهو ما قد يسبب سرعة القذف أيضًا.
ومن جانبه أوضح الكتور محمود عواد ، المتخصص في العلاج الجنسي ، أن الشائع في المجتمعات الشرقية هو أن قيمة الرجل تنبع من قدراته العالية ، وبالتالي فإن ضعفه الجنسي، أو حتى مرضه، يعنيان انتقاضًا من رجولته ، قائلًا “الموضوع شائك، لا شك في ذلك ، والحديث عنه يكون في الخفاء، فالرجولة ، ارتبطت في العقلية العربية بالأداء الجنسي والقوة، لذا فهي على المحك عند المريض ، وإقراره بمرضه إنما هو اعتراف بضعفه وبعدم قدرته على إرضاء شريكته”.
ولفت عواد إلى أن الشخص المصاب بالضعف الجنسي غالبًا ما يسعى إلى تصحيح الوضع في الخفاء ، وقد ينتج عن ذلك تراكم التوتر في نفسه ، ليصبح عنيفًا مع شريكته، وقد يلجأ إلى الضرب أحيانًا.
وتابع عواد “يأتي إلى عيادتي الكثير من الرجال الذين يريدون التخلص من حالة الضعف تلك لأن العجز يؤدي بهم اإلى استعمال العنف مع زوجته بشكل كبير وهو في قرارة نفسه نادم على ما يفعله ، ولكنه لا يستطيع السيطرة على نفسه “.
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق