دعوات التظاهر في السعودية تحبس انفاس قادتها
خوف الملك سلمان من التجاوب مع دعوات حرکة 21 ابريل، وإمكانية تحول حراکها الى انتفاضة شعبية، أجبرته على إصدار مجموعة قرارات ملكية من جملتها إعادة جميع البدلات والعلاوات لموظفي الدولة.
فقد حبست السعودية انفاسها على وقع دعوات الخروج إلى الشارع، للمشاركة في حراك سلمي يوم الجمعة في الواحد والعشرين من الشهر الحالي، والتي قامت بها “حركة 21 ابريل” المعارضة للنظام السعودي، ضد ما وصفته الحركة بقرارات سياسية واقتصادية لآل سعود مجحفة بحق الشعب، وكانت الحركة قد حددت في بيانها الذي حمل الرقم 4، مواقع التجمع للتظاهر، ففي محافظة جدة سوق المحمل، الرياض شارع التحلية، المنطقة الشرقية كورنيش الدمام، الأحساء سوق القيصرية، أما في بقية المدن ففي مركز المدينة. كما أصدرت بياناً لاحقاً، غيّرت فيه بعض تلك الأماكن، ووعزت ذلك للتواجد الأمني الكثيف.
بيان “حركة 21 ابريل”
قالت الحركة في بيانها: “ان أبناء الشعب المخلصين عبروا عن رفض القرارات السياسية والاقتصادية بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي، وكان الرد من آل سعود، قمع الحريات وسجن الشرفاء، وتبديد ثروات الشعب، وما دامت الأبواب مغلقة، وجب أن يكون هناك حراك شعبي، للغيورين على ثروات بلدهم، المطالبين بالحرية كبقية الشعوب، لذلك سوف يقوم الشعب بحراك يوم الجمعة، 24 رجب، الموافق 21 ابريل”.
قبضة امنية لمواجهة الانتفاضة الشعبية المحتملة
تواجدت القوات الامنية في الأماكن التي دعت لها حركة المعارضة المذكورة للتظاهر، ويبدو أن السلطات السعودية، بالرغم من قبضتها الأمنية، وصلتها معلومات تفيد بغليان الشارع، وتواجدت تحسّبا لأي أمر طارئ، قد يضعها في دائرة الخطر.
الحراك على موقع “تويتر”
“حراك 21 ابريل” هو اسم الوسم الذي أطلقته الحركة على موقع التدوينات القصيرة “تويتر”. والجدير ذكره ان رواد الموقع تفاعلوا مع دعوات الحراك، فحساب حمل اسم نفس الحركة، أكد أنه سينزل إلى الشارع، وسيطالب باطلاق المعتقلين منذ عشرات السنوات، أما حساب سفينة الإصلاح فقد حلف يميناً بالله بأنه سيجبر الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، على دفع قيمة شراء اليخت الفاخر، اما حساب رجال الأمن الأحرار، فأكد على أنه حراك سلمي لا يستهدف رجال الأمن والاشتباك معهم. و في المقابل، سارعت المباحث السعودية إلى إطلاق العديد من الحسابات، للرد على تلك الدعوات، والتي أكّدت بدورها على وقوفها إلى جانب القيادة السعودية، ضد حملات الحراك هذه، والتي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار على حد قولهم.
بضعة حروف هزّت دولة من ورق!!
وقد اعتبر نشطاء الحراك أنه قد نجح في إيصال رسالته، والتواجد الأمني هو دلالة نجاحه، فبضعة حروف على وسائل التواصل، هزّت دولة من ورق، يقول حساب “الأحرار” أحد المؤيدين بشدّة للحراك والتظاهر سلمياً، ضد النظام.
هذا وعصر يوم السبت 22 ابريل، بعد ساعات على انتهاء دعوات الحراك، وعلى نحو مفاجئ، يصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز، مجموعة قرارات ملكية ليلية كما العادة، كان من أبرزها، إعادة جميع البدلات والعلاوات لموظّفي الدولة إلى ما كانت عليه، وصرف راتب شهرين لمنسوبي عمليتي “عاصفة الحزم”، و”إعادة الأمل”، بالإضافة إلى مجموعة من قرارات التعيينات، وتغيير لبعض أُمراء المناطق.
حراك “21 ابريل” ليس الحراك الاول
يرى مراقبون أن دعوة الحراك ليست الأولى، في قائمة المطالبات ضد القيادة السعودية، وكان قد سبقها دعوات للإضراب العام، وحملة “للتلثّم” تغطية الوجه، والظهور في مقاطع فيديو، لانتقاد النظام ورموز القيادة في السعودیة، ومن هنا يتوقع المراقبون أن تتواصل مثل تلك الدعوات، مع مواصلة السلطات السعودية، حملات إسكات وقمع معارضيها، خاصّة أن التجاوزات السياسية والاقتصادية، زادت عن حدتها في عهد الملك سلمان.
لماذا اصدر الملك سلمان تلك القرارات المفاجئة؟؟
بحسب مراقبون، إن تلك القرارات الملكية “المُفاجئة”، جاءت بعد استشعار لمخاطر غليان الشارع، وجرأته على الدعوة إلى مظاهرات وتحديد أماكن بعينها، صحيح أن القرارات لم تأت كلها لمصلحة المواطن، والذي بات يعاني من “أمراض التقشف”، لكنها يجب أن تأتي وفق المراقبين ضمن مجموعة قرارات، حتى يتم تمرير المبطن لما هو من مصلحة القيادة، مع عدم ظهورها بالتالي في مظهر “المطيع” لمطالب شعبه، وحتى تهديداته، والخوف منها.
يرى مختصون في الشأن المحلي، ان دعوات الحراك قد نجحت بلا شك في إعادة بعض الحقوق لأهلها، فإحدى أهداف “حركة 21 ابريل” في بيانها الرابع، كان إعادة البدلات والعلاوات لموظّفي الدولة، وذلك بعد فترة وجيزة من إقرار إيقافها، بحجة متطلبات التقشّف التي تعصف بالبلاد، وهو نجاح يحسب للمعارضين، وإن كانوا لم ينجحوا تماما في تحريك الشارع، لكنهم استطاعوا وفق المختصين أن يديروا حراكهم الافتراضي بحنكة وذكاء.
ما هو التوجه “السلماني” إذًا؟؟
وجهة نظر متشائمة تقول أن القرارت الملكية تلك، ليست إلا “إبرة تخدير” للشعب، وسيتبعها قرارات أكثر سوءا، ومن يقرأ عناوين قرارات السبت، يستطيع أن يتنبأ بتوجّه “سلماني” للاستئثار بالسلطة تماما، حيث قام ضمن ذات القرارات بتعيين اثنين من أبنائه في منصب سفير السعودیة في واشنطن، ومنصب وزير دولة لشؤون الطاقة والمعادن، كما عيّن أحد أحفاده نائبا لأمير المنطقة الشرقية، وهذا يدل وفق تلك النظرة، اي المتشائمة على ضرب تطلّعات الشعب، وأفراد العائلة الحاكمة من غير أبناء سلمان عرض الحائط، ولذلك تظهر أصوات معارضة تدعو لمواصلة الحراك، وتفعيل المظاهرات على أرض الواقع، وعدم الوقوع في فخ القرارات الملكية.
المصدر / الوقت