مجلس أوروبا يعيد تركيا الى مرحلة المراقبة السياسية
بعد إنهائها مرحلة المراقبة عام 2004، تعود تركيا من جديد لتخضع لرقابة الاتحاد الأوروبي السياسية، فقد صادقت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يوم الثلاثاء، على مشروع قرار يقضي ببدء عملية مراقبة ورصد سياسي لها.
وصوتت الجمعية العامة لدورة ربيع 2017 للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، على مشروع القرار الذي كان ملحقا بتقرير عن “أداء المؤسسات الديمقراطية في تركيا”، ناقشته الجمعية البارحة.
أسباب القرار
ينتقد التقرير الذي أعدّه مقرروا تركيا في الجمعية، القرارات والإجراءات التي تم اتخاذها في إطار حالة الطوارئ المعلنة في تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها منتصف يوليو/تموز 2016، كما يدعي التقرير الأوروبي، حدوث “تدهور” في أداء المؤسسات الديمقراطية في تركيا.
ومن اسباب القرار ايضا، عدم اقتناع الاتحاد الأوروبي بمزاعم الحكومة التركية حول وقوف حركة الخدمة وراء محاولة الانقلاب الفاشلة، واستغلالها هذه المحاولة في تصفية معارضيها ، إضافة إلى مزاعم التلاعب في نتائج الاستفتاء الدستوري الأخير التي رصدها مراقبو منظمة الأمن والتعاون الأوروبية.
أما كون فتح الله غولن “العقل المدبر” الذي يقف وراء الانقلاب فوصفه التقرير بـ”الاحتمال البعيد”، معللاً بأن هذا الادعاء يتعارض مع تقارير الدولة التركية والمعطيات الأوروبية، ورجح التقرير أن تكون مجموعة عسكرية تضم “معارضين للحزب الحاكم” و”علمانيين” و”انتهازيين” ومن سماهم التقرير بـ”متعاطفين مع غولن” هي من دبرت هذه المحاولة، ذلك تخوفًا واستباقًا لحملة وشيكة لأردوغان توقعوا أن تستهدفهم، مستبعدًا صدور أي أمر من غولن في هذا الصدد. ولفت إلى أن محاولة الانقلاب باتت محفزة لأردوغان لكي ينفذ عملية تطهير سبق أن خطط لها في كل أجهزة الدولة، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية.
ردة الفعل التركية على القرار
بعد القرار، تهافتت ردود الافعال التركية من كل حدب وصوب، فأردوغان قال في مقابلة مع رويترز، أمس الثلاثاء: “القرار المتخذ ضد تركيا سياسي، لانعترف به، ولانولي أهمية كبيرة له”.
ومن جهته أصدر رئيس الوفد التركي في الجمعية طالب كوتشوك جان، بيان اعتراض، قال فيه إن التقرير والقرار مليئان بالأخطاء، ويظهران موقفا تمييزيا ضد تركيا على حد زعمه. واعتبر كوتشوك جان أن على الجمعية الوقوف إلى جانب تركيا في مكافحتها للإرهاب التي تحارب ضد عدد من المنظمات الإرهابية وعلى رأسها منظمة “فتح الله غولن”، و”بي كا كا”، و”داعش”، معتبرا أن الإجراءات التي اتخذتها تركيا تأتي في إطار مواجهة تهديدات تلك المنظمات.
اما وزارة الخارجية التركية فقد اصدرت بيانا اعتبرت فيه ان القرار له دوافع سياسية تخرج عن الأساليب المتبعة الواجب مراعاتها، وتابعت ايضا: “تركيا التي تواجه في آن واحد عدة منظمات إرهابية دموية مثل منظمة فتح الله غولن وبي كا كا وداعش، اتخدت الإجراءات الضرورية والمحسوبة في إطار التزاماتها الدولية، لمواجهة التهديدات التي تستهدف وجودها ونظامها الدستوري، وهذا هو الواجب الأساسي لأي دولة وحقها المشروع”، واضاف: “القرار هو نتيجة جهود جهات معينة، ومجموعة مستأثرة بالفكر الشعبوي الذي يؤجج الإسلاموفوبيا وعداء الأجانب، تتحرك بدوافع سياسية داخلية ضيقة”. ودعا البيان أعضاء الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، المصادقين على قرار المراقبة السياسية لتركيا، إلى التحلي بالمنطق وتبني موقف مبدئي، واتخاذ تدابير مشتركة لمكافحة الإرهاب، وعداء الأجانب والعنصرية، والإسلاموفوبيا، واتخاذ موقف مسؤول يراعي حقوق الإنسان بخصوص التعامل مع اللجوء والهجرة. وأضاف البيان أن القرار تجاهل التعاون والحوار الصادق البناء المستمر الذي أدارته تركيا مع مجلس أوروبا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد منتصف يوليو 2016. وفي الختام، أفاد البيان أن القرار سيرغم أنقرة على إعادة النظر في علاقاتها مع الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، فيما أكد أن تركيا ستستمر في تطوير حقوق وحريات مواطنيها، دون التفريط في المعايير الديمقراطية، وبالتزامها بمسؤولياتها المنبثقة من القانون الدولي وحقوق الإنسان.
ماذا يترتب على تركيا؟
بعد قرار الاتحاد الاوروبي، يتوجب على تركيا ملاءمة تشريعاتها في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون مع المبادئ التي بدأ المجلس بتشكيلها منذ عام 1949. وفي هذا الإطار تتولى لجنة المراقبة متابعة الدول الخاضعة للمراقبة السياسية في تطبيقاتها لتلك المبادئ وتنزيلها على واقع الأرض.
الجدير ذكره ان انقرة كانت قد أنهت مرحلة الخضوع للمراقبة السياسية في عام 2004 بعد ثماني سنوات من انطلاقها في عام 1996، لتبدأ بعدها مرحلة “الحوار بعد المراقبة”، و بهذا تصبح تركيا أول دولة أوروبية تعاد إلى مسيرة الرقابة السياسية مجدداً بعد إخراجها منها.
المصدر / الوقت