التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

أمريكا في سوريا: قصة فشلٍ بدأ ولم ينته! 

أعادت واشنطن إحياء استراتيجيتها تجاه سوريا لكن بأسلوبٍ جديد وغير مألوف. أسلوبٌ حمل المراقبين للحديث عن فشلٍ أمريكي واضح وتخبُّطٍ لا ينفصل عن كونه نتاج هزلٍ سياسيٍ يقوده الرئيس الأمريكي على صعيد السياسة الخارجية، بدأ ولم ينته. فالحديث الإعلامي الأمريكي متشائم تجاه سياسات ترامب الداخلية والخاجية. فكيف يمكن إظهار هذا التشاؤم؟ وما هو التوجه الأمريكي الجديد تجاه سوريا والمنطقة؟ وكيف شكَّل الملف السوري نموذجاً للفشل الأمريكي؟

أمريكا المتشائمة في ظل حكم ترامب!

عدة مسائل تتعلق بالنظرة الأمريكية تجاه سياسات دونالد ترامب كافة والتي له بالنتيجة تأثير على قراراته وصورته الدولية. وهنا نُشير للتالي:

أولاً: أشار مقال لمجلة نيويورك تايمز، أن دونالد ترامب حقَّق سبعة وعود فقط من أصل 38 وعداً تعهَّد بتحقيقها حال وصوله الى الرئاسة. فيما سخرت المجلة من وعده ببناء السياج الحدودي مع المكسيك والذي باشرَ بتطبيقه لكن من الميزانية الأميركية وليس من أمول المكسيك كما وعد!

ثانياً: على المستوى الدولي، تحدث الإعلام عن فشل ترامب في إصلاح العلاقة مع أوروبا، وحل الأزمة الكورية ووضوح التخبط في الأزمات المتعلقة بالشرق الأوسط لا سيما في سوريا، العراق واليمن.

ما هو التوجه الأمريكي الدولي وبالتحديد تجاه الملف السوري؟

لا شك أن واشنطن تسعى لأهداف عديدة دولياً لكنها عادت لتجعل من الملف السوري أحد أولوياتها وهنا نُشير للتالي:

أولاً: يسعى ترامب لتحقيق سياسة خارجية ناجحة ولو من خلال أي انتصارٍ خارجي. لكنه فيما يخص الملف السوري بات يُدرك أن القوة العسكرية لن تكون الخيار الأنجع. بل إن القدرة على تأمين الحلول السياسة للأزمات هو الخيار الأفضل. الأمر الذي يواجه ترامب صعوبة في تحقيقه نتيجة الواقع المُعقد الذي باتت تتصف به الأزمة وارتباط ذلك بواقع المنطقة ككل.

ثانيا: التوجه لإعادة إحياء أدوار الحلفاء بما يتناغم مع مصالح واشنطن. حيث اختار ترامب أن يبدأ جولاته الخارجية نهاية شهر أيار، من الكيان الإسرائيلي. وهو ما له دلالات سياسية عديدة، لا تقل عن أهمية الأمن الإسرائيلي بالنسبة لأمريكا. فيما تم الإعلان عن تولي وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس مهمة تحضير برنامج الزيارات التي تلي المحطة الإسرائيلية أي مصر، الأردن والسعودية.. الأمر الذي جعل المراقبين يُشيرون الى وجود نية أمريكية للتحضير لخطوات عسكرية مشتركة مع تقسيم أدوار بحسب المصلحة الأمريكية.

ثالثاً: يرعى التوجه الأمريكي الجديد دعم تل أبيب في ملف الجنوب السوري. حيث خرجت تسريبات تتحدث عن إنجاز أمريكا لمشروع إقامة منطقة عازلة على الحدود السورية الفلسطينية تلبية لمطلب تل أبيب بهدف إضعاف المحور الذي تقوده إيران، عبر إيجاد معادلات جديدة تطال حزب الله والجيش السوري في تلك المنطقة. وهو ما ستتم مناقشته خلال الزيارة الأمريكية لتل أبيب. في حين يعني ذلك إدخال أمريكا للحليف الإسرائيلي في التسويات المتعلقة بسوريا لا سيما جنوباً.

سوريا نموذج الفشل!

لا شك أن سوريا شكَّلت نموذجاً للفشل الأمريكي في الساحة الدولية. وهنا نُشير للتالي:

أولاً: عودة الخلافات بين حلفاء أمريكا. فقد توترت العلاقات مجددا بين أنقرة وواشنطن على خلفية قيام طائرات حربية تركية باستهداف مواقع للقوات الكردية في سوريا والعراق. وما رفع من منسوب الغضب الأمريكي، هو وضوح نية أردوغان لإيقاف عملية تحرير الرقة قبل موعد لقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب. الأمر الذي دفع قيادة التحالف الدولي لنشر دبابات وجنود أميركيين في المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا لتفادي المزيد من الإشتباكات وللتصدي لأي حملة عسكرية جديدة تستهدف القوات الكرديّة. لكن الأكراد يعيشون حالة من الغضب والإستياء من المزاعم الأمريكية مُعتبرين أن الإستنكار لم يعد يكفي وهددوا بورقة الرقة، في حال لم تستطع واشنطن ردع أردوغان. مما جعل حلفاء واشنطن في سوريا أقرب الى المواجهة التي قد تُعيد خلط الأوراق الأمريكية في سوريا.

ثانياً: عادت الخلافات بين الفصائل المسلحة. فقد أشارت مصادر صحفية الى أن جميع عمليات التنسيق بين “هيئة تحرير الشام” وحركة “أحرار الشام”، توقفت وعادت الأمور الى الصفر. وهو ما حصل بسبب عودة الخلافات التي حصلت سابقاً بين الجانبين على ضوء الإعلان عن ولادة الهيئة بسبب رفض الحركة الإنضمام لأسباب عديدة تعود بالحقيقة للخلاف حول المناصب والقيادة. فيما لايوجد رهان حالي على نجاح المفاضات الجارية حتى ولو كانت بعض التسريبات تتحدث عن إمكانية التوصل إلى تفاهم.

ثالثاً: اعتبار أن الجيش السوري ما يزال قوياً بحسب الإعلام الأمريكي. حيث أظهر تقرير لمؤسسة “غلوبال فاير باور” الأمريكية ، أن الجيش العربي السوري ما يزال يحتل الموقع الرابع عربياً والـ 36 عالمياً حيث أن ست سنوات من الحرب الدامية لم تنل من قدراته العسكرية. وهو ما يُعتبر أحد أكبر الإنتصارات التي تضرب المشروع الأمريكي الغربي في سوريا.

رابعاً: الأمريكيون أنفسهم باتوا مقتنعين بالفشل! فقد أكد تقرير إستراتيجي أمريكي صادر عن “مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية”، أنه لن يكون بمقدور واشنطن الإنتصار في الحرب السورية. حيث أن عدم التوصّل إلى تسوية سلمية في هذا البلد يُشكل خطراّ على الأمن الدولي. فيما حذَّر التقرير من أن واشنطن، لا تمتلك حتى الآن أي هدف محدد في سوريا رغم خسارتها لمليارات الدولارات، ولا خيار لواشنطن سوى التفاوض مع باقي الأطراف.

إذن، تتخبط واشنطن أمام هزلٍ سياسي واستراتيجي تحمله الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب. وهو ما يُعتبر جديداً على الواقع الأمريكي دولياً. فيما شكلت سوريا نموذجاً لقصة الفشل الأمريكي الذي يبدو أنه بدأ ولن ينته!
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق