جهل ترامب بالسياسة الخارجية يٌعرض مكانة أمريكا الاستراتيجية للخطر
كتب مركز الأبحاث الأمريكي “أمريكان بروجرس” في تقريرٍ له تحت عنوان ” مخاطرة الرئيس الأمريكي ترامب واستخدامه للقوات العسكرية “، أنه خلال المئة يوم الأولى لدخول الرئيس ترامب للبيت الأبيض، صار من الواضح بأن هذا الرئيس يعتمد على القوات العسكرية في سياساته الخارجية.
حيث أكدت تصريحات ترامب الأخيرة حول الهجمات الشرسة التي تقوم بها السعودية ضد الشعب اليمني والهجوم الصاروخي على المطار السوري، بأنه يرغب في إصدار أوامر للقوات العسكرية الأمريكية للمشاركة المباشرة في الهجوم على اليمن وسوريا.
وأصاف المركز بأن جهل الرئيس ترامب وغبائه بالسياسة تسبب في إيجاد أزمات خارجية، حيث تسببت هذه الأزمات في التأثير السلبي على أفراد الشعب الأمريكي لفترات طويلة، خاصةً على الناخبين غير المطلعين على سياسات أمريكا الخارجية؛ فأصبحوا غير قادرين على فهم عواقب هذه التصادمات، وبالتالي فأن ذلك يعني أن الإصلاح السياسي لا يطبق على أرض الواقع.
ومن ناحية أخرى أشار مركز الأبحاث هذا إلى أن أعتماد ترامب على القوات العسكرية في سياساته الخارجية لن يفيده في شيء وذلك لأنه خلال العقود الماضية لم يكن للقوات العسكرية أي اثر إيجابي في سياسة أمريكا الخارجية وإنما استفادة من الدبلوماسية بشكل كبير. ووفقا لما كتبه هذا المركز أيضا فأن الرئيس الأمريكي ترامب هو المسبب الرئيسي لتردي الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.
في خضم هذه التناقضات الصارخة التي تكتنف السياسة الخارجية للرئيس دونالد ترامب، بات هناك شيء واضح هو ولعه الشديد باستعراض القوة العسكرية الأميركية. ولا يبدو هذا التوجّه جديداً، ففي شهر يناير 2016 استمعنا إلى لغته النارية في خطاب ألقاه بولاية «آيوا» وقد توعّد فيه تنظيم «داعش» الإرهابي قائلاً: «سترى كيف سأقذف بهم إلى الجحيم.». وتكرر مشهد استعراض القوة أيضاً خلال الفترة الماضية عندما أمر ترامب بضرب المطار العسكري السوري بصواريخ توماهوك، وأيضاً عندما هدد باتخاذ إجراء عسكري حاسم ضد كوريا الشمالية بسبب تطوير برنامجها لإنتاج الأسلحة النووية.
ويقدم اعتماد ترامب على القوة العسكرية نموذجاً معاكساً تماماً لسياسة باراك أوباما الذي سبق له أن وعد بإنهاء كل الحروب الخارجية التي تخوضها الولايات المتحدة. وهو الذي أعلن جهاراً عن رفضه لسياسة التصعيد والإفراط في الاعتماد على القوة العسكرية.
ووفقا للتقرير الذي نُشر تحت عنوان ” جهل ترامب بالسياسة الخارجية يُعرض المكانة الاستراتيجية الأمريكية للخطر” فإن سياسة ترامب هذه سوف تؤدي إلى قيام حروب مسلحة بين أمريكا وبعض دول العالم الذين لا تروقهم هذه السياسة الاستفزازية.
حتى الآن، يبدو أن ترامب متمسك بقوة بالاستراتيجية العسكرية التي سبق لأوباما الأخذ بها. وكان هذا الأخير يُكثر من الحديث، خلال سلسلة اجتماعاته مع أقرب مساعديه، وأيضاً خلال لقاء أجرته معه مجلة «أتلانتيك ماجازين»، عن رفضه لما يسمى «مدوّنة واشنطن» التي كثيراً ما تدفع رؤساء أميركا إلى استخدام القوة العسكرية. وقال بشأنها: إنها المدوّنة التي خرجت تماماً من مؤسسة السياسة الخارجية، وعندما تتعرض أميركا ذاتها للخطر المباشر، فإن هذه المدوّنة ستعود إلى العمل. ويمكن لهذه المدوّنة أن تتحول أيضاً إلى فخ يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة.
كما أضاف التقرير بأن ترامب أوصى باستخدام قوة هائلة ضد الأسد، وأعرب في الوقت ذاته عن قلقه إزاء ما سيأتي بعد سقوطه. وقد أعرب عن تشكيكه في موضوع تدريب الولايات المتحدة للمعتدلين السوريين، وما إذا كان يمكن الوثوق بهم أم لا. كما إنه يعارض فرض مناطق حظر جوي في شمال سوريا، ولكن يدعم إقامة مناطق آمنة. وصرح ترامب أيضا بأنه سيمنع اللاجئين السوريين من دخول الولايات المتحدة.
ولفت هذا التقرير بأن الكونغرس الأمريكي يستطيع منع الرئيس ترامب من خفض ميزانية وزارة الخارجية الأمريكية، فلقد طالب السيد ماركو روبيو والسيد ليندسي جراهام وهما عضوين بارزين في الكونغرس في وقت سابق بمنع الرئيس ترامب من خفض هذه الميزانية. ومع ذلك فإن هذه المحاولات لمنع ترامب من خفض هذه الميزانية لا يمكن أن تجبره على القيام بتعيينات دبلوماسية لتحسين السياسة الخارجية الأمريكية.
ووفقا لهذا التقرير أيضا فإن الكونغرس الأمريكي يستطيع مراقبة القرارات العسكرية التي تتخذها حكومة ترامب ومثالا على ذلك نرى أن سياسة ترامب تجاه سوريا تغيرت. من ناحية أخرى يستطيع الكونغرس الأمريكي إجبار حكومة ترامب على تقديم تقارير واضحة وكاملة حول سياستها في مناطق الصراع كحربها على تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا ومشاركة القوات الأمريكية في الحرب على اليمن.
وجاء في هذا التقرير إن الرئيس الأمريكي ترامب يفتقر إلى استراتيجية واضحة وتصرفاته الاستفزازية هذه سوف تؤدي إلى تدمير كافة المسارات الدبلوماسية وقد تدخل الولايات المتحدة في حرب عسكرية وأنه لا يعترف إلا بالخيارات العسكرية في سياساته الخارجية.
المصدر / الوقت