مقابلة “محمد بن سلمان”: أبرز النقاط والأهداف
بعد الاطلالة الإعلاميّة الأولى لولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على قناة العربية مع الإعلامي تركي الدخيل والتي تحدّث خلالها عن رؤية “2030”، تضمّنت اطلالته الأخيرة مع الإعلامي داوود الشريان على التلفزيون السعودي وقناة MBC””، محاور عدّة، وذات حساسيّة عالية.
وكما في المقابلة الأولى حاول بن سلمان الظهور أمام الإعلام بطريقة “استراتيجية” ترسم معالم المرحلة المقبلة عبر المواضيع التي تطرّق إليها بدءاً من الداخل مروراً بالإقليم ووصولاً إلى ما وراء المحيط. إلا أن ما بدا لافتاً في ظهور بن سلمان الأخير، وكما في كلّ ظهور، المغالطات الإعلاميّة التي عرضها والتي سنعرضها في ثنايا هذا المقال، وهو ما حصل في التحالف العسكري الإسلامي الذي تضمّن عدّة دول لم تكن تعلم به أساساً ما جعل مادّة دسمة للاستهزاء من قبل أطراف عدّة.
ولعل أبرز المحاور التي تطرّق إليها هو ما يتعلّق بالعلاقة مع ايران، العلاقة مع مصر، الأزمتين السورية واليمنية إضافةً إلى الوضع الداخلي.
الوضع الداخلي
بدا بن سلمان أكثر وضوحاً في الملف الداخلي، رغم أنّه لم يخلُ من بعض المراوغات، حيث توعّد بملاحقة الفاسدين والعمل على قضايا الفساد، مؤكدا أن “أي شخص دخل في قضية فساد لن ينجو أيا كان”، وهو الأمر الذي يهدف لتعزيز أوراقه الداخلية أمام الشعب السعودي في حال حصل أي تغيّر مرتقب في نظام الحكم.
إلا أن التدقيق في الفساد يظهر أن الملك قد وضع أحد أبناءه وزيراً، والآخر سفيراً في أمريكا رغم أنّه عسكرياً وليس دبلوماسياً، وهذا لو صرفنا النظر عن تغاضي هيئة مكافحة الفساد عن أبناء العائلة الحاكمة واقتصارها على غيرهم.
مراوغات بن سلمان تمثلت في إظهار قوّة الاقتصاد السعودي وتعافيه ومحافظة الحكومة “على الكثير من المؤشرات الاقتصادية بشكل جيد، رغم انخفاض النفط”، وهو ما يعدّ ترويجاً إضافيّة لرؤية “2030” التي طرحها سابقاً، وتصبّ في الإطار نفسه، تعزيز أوراقه الداخليّة.
وما يعزّز هدف بن سلمان لإيجاد انقلاب داخلي هو كشفه عن أنه سيكون هناك “مئات الآلاف من الوحدات السكنية المجانية للمواطنين”، مؤكدا: “نحن متفائلون بحل أزمة الإسكان بأقرب وقت ممكن”.
العلاقة مع إيران
في ملفّ العلاقة مع إيران، بدا واضحاً الإصرار السعودي، وتحديداً من قبل الشاب عديم الخبرة، على تأزيم الأوضاع فيما يصبّ في خانة السياسة الأمريكية التي يتبّنها ترامب الذي سيزور السعوديّة في وقت لاحق. إن إصرار بن سلمان على هذا الأمر يأتي، وفق مراقبين، في سياق التملّق السعودي لأمريكا، بالقبول بمحمد بن سلمان ملكاً. هذا الرجل الذي التقى ترامب قبل الملك نفسه، وتعاقد مع شركة إعلامية للترويج لنفسه وتبرئة بلاده من عدوانه على اليمن، فضلاً عن تعيين أخيه سفيراً في واشنطن في القرارات الملكية الأخيرة، نظراً لما يتضمّنه هذا القرار من المنصب من تأثير على العلاقات بين البلدين.
واللافت ضعف بن سلمان في الحديث عن ايران حيث لجأ للحديث عن ” عودة الإمام المهدي، الذي يعتقد الشيعة أنه من نسل النبي محمد، واختفى قبل ألف عام، وسيعود لنشر حكم الإسلام في العالم في نهاية الزمان”، وفق بن سلمان. فرغم طفرة مواضيع الاشتباك الإقليمية أبرز بن سلمان موضوع “الإمام المهدي”!
العلاقة مع مصر
ورغم أن باطن الكلام فيما يخص العلاقة مع ايران، يتشابه إلى حدّ ما مع بواطن كلام بن سلمان فيما يتعلّق مع مصر، إلا أنّه حاول الابتعاد عن التصويب على الأجهزة الرسميّة، ضارباً على الوتر المصري الحساس “الإخوان” والذي سينزل برداً وسلاماً على النظام المصري، وبالفعل أبدى عدد من الإعلاميين الموالين للسيسي ارتياحهم لهذه التصريحات قائلين إن “الإخوان عدو لنا جميعا”.
ورغم أن إدعاءات بن سلمان غير دقيقة بأن الإعلام الذي يتهجّم على مصر هو الإعلام الإخونجي، باعتبار أن الكثير من وسائل الإعلام الرسميّة هي التي ردّت على تطاولات السعودية، ولكن ماذا عن الإعلام السعودي الذي هاجم مصر هل هو إخوانيّاً أيضاً. نقطة أخرى هي قضيّة جزيرتي تيران وصنافير التي وصفها بأنّها ليست قضيّة كبيرة، بخلاف رؤية الشعب المصري الذي قال يومها” عوّاد باع ارضه”.
الأزمتين اليمنية والسورية
وأما فيما يخص الأزمتين اليمنية والسوريّة، وتحديداً اليمنية، وصل منسوب خلط بن سلمان إلى أعلى مستواه حيث نفى الخلاف السعودي الإماراتي رغم أن الواقع والتصريحات تشي بالعكس، وادّعى أنّ المملكة بإمكانها “اجتثاث الحوثي وصالح في أيام قليلة”، رغم أنّها عاجزة عن عبور حدودها الجنوبية وتقاتل بأبناء اليمن.
حاول التنصّل من تبعات الحرب واعتبار أهلية، لأن تبعاتها ستكون مصيريه على مصيره، متحدّثاً عن خطر على الملاحة الدولية، والأنكى من ذلك تحدّث عن تحقيق إنجازات كبيرة، لا نعلم أين هي، هل في صنعاء أم الحديدة؟
وأما فيما يخص الأزمة السوريّة، بدا الترهّل السعودي واضحاً حيث أشار بن سلمان إلى أن الحل معقّد، متهماُ أوباما بأنه “أضاع فرصا مهمة لحل الأزمة”، وهو تملّق واضح للرئيس ترامب.
الخلاصة، حاول بن سلمان من خلال مقابله الحصول على الرضا الداخلي من ناحية، والأمريكي من ناحية أخرى، فهل نحن اليوم على أبواب تغييرات ملكيّة استراتيجية؟ هل سينتقل الحكم من أبناء عبد العزيز إلى أحفاده؟ وهل بن سلمان الملك أم ب نايف؟
المصدر / الوقت