روسيا تسعى لحل الأزمة السورية دبلوماسيا
تنطلق اليوم في العاصمة الكازاخستانية «آستانة» مباحثات الأزمة السورية الرابعة، بمشاركة روسیا وایران وترکیا وسوف تستمر ليومين، حيث أن جولة المباحثات هذه هي الرابعة بعد ثلاث جولات سابقة عُقدت لإيجاد حل سياسي لحل الأزمة في سوريا.
إن هذه المفاوضات التي بدأت اليوم تختلف من جانبين عن المفاوضات السابقة التي عُقدت في وقت سابق في مدينة آستانة، فمن الجانب الأول، نرى بأن هذه المفاوضات عُقدت بعد أسابيع من الهجوم الصاروخي الذي شنته القوات الأمريكية على قاعدة الشعيرات الجوية في سوريا، حيث قامت في هذا الصدد وسائل الإعلام الغربية بالإضافة إلى السياسيين والدبلوماسيين الغربيين والعرب بإظهار أن هذا الهجوم سوف يغير مسار اللعبة ومجرى الحرب في سوريا. ولكن روسيا لم تبد أي أهمية لهذه اللعبة الأمريكية الجديدة وإنما أصرت على استمرار المفاوضات السياسية من اجل الوصول إلى حلول إيجابية تُرضي جميع الأطراف.
ومن ناحية أخرى طرحت روسيا فكرة إنشاء مناطق خاصة للتخفيف من حدة التوتر بين قوات النظام والمعارضة وإدخال قوات من دول محايدة إلى خطوط التماس تحت ما يسمى بالمناطق “الهادئة”. واقترحت موسكو خطتها هذه “لإنشاء أربع مناطق لتخفيف التصعيد في سوريا، وتشكيل مجموعة عمل مشتركة بين ممثلي الدول الضامنة لوضع خرائط لحدود هذه المناطق”. ونص المقترح الروسي، على “إنشاء المناطق الأربع في إدلب، وشمال حمص، والغوطة الشرقية، وجنوب سوريا”.
وتضمنت الوثيقة، التي جاءت تحت عنوان “الاقتراحات من جانب روسيا الاتحادية حول إنشاء مناطق تخفيف التصعيد على أراضي الجمهورية العربية السورية”، على “إرسال وحدات عسكرية للدول الضامنة للاتفاق من أجل الإشراف على نظام وقف إطلاق النار”. وجاء في نص هذا المقترح “إنشاء خطوط فاصلة على حدود المناطق الأربع، ووضع حواجز لتأمين المساعدات الإنسانية”.
وأضافت موسكو أن المقترح يشمل “إقامة خطوط فاصلة على حدود المناطق الأربع، ووضع حواجز مرور للمدنيين دون سلاح، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وتلبية الاحتياجات التجارية وغيرها مما يحتاجه المواطنون السوريون، علاوة على تأمين مراكز المراقبة لرصد الالتزام بنظام وقف القتال”.
واحتوى المقترح الروسي على “خلق الدول الضامنة للظروف الملائمة لتأمين عودة النازحين في الداخل السوري، واستعادة منشآت البنية التحتية وإعادة إمدادات المياه، وغيرها من المستلزمات الحياتية للسكان” داخل المناطق الأربع.
ومن جهة أخرى اقترحت موسكو أيضا التعاون مع الأطراف المعادية لتنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة وذلك للقضاء على فلول تنظيم القاعدة في بلاد الشام، وعلى الرغم من أن هذا الاقتراح الروسي اُرسل للأطراف المعادية للتنظيمات الإرهابية وتم الترحيب به من قِبلهم إلا أنه إلى الآن مازلنا لا نعرف كيف سوف تتصرف هذه الأطراف المعادية للتنظيمات الإرهابية من اجل إخراج تنظيم القاعدة وداعش من بلاد الشام.
إن فصل وعزل تنظيم القاعدة وداعش عن سائر أحزاب المعارضة يُعد من اهم التحديات التي تواجه المفاوضات السياسية وذلك لأن أحزاب المعارضة هذه قد كانت في وقت سابق حليفا لتنظيم القاعدة وبالخصوص في المناطق الشمالية من سوريا ويعتقد الخبراء بأنه من غير الممكن فصلهم عن بعضهم البعض.
من الواضح أن الروس كانوا اذكياء حول هذا الاقتراح، فلقد أثاروا هذا الاقتراح عدة مرات خلال المفاوضات وذلك لأن الطرف المخالف لهذا الاقتراح سوف يكون في وجهة نظر الآخرين حليفا لتنظيم القاعدة. وفي نفس هذا السياق، تحاول روسيا أن تدعو بعض الدول التي لها تأثير في الأزمة السورية للمشاركة في هذه المفاوضات. حيث دعت روسيا في وقت سابق كلا من السعودية وتركيا وإيران وقطر للمشاركة في بحث القضية السورية.
وفي سياق متصل أكدت موسكو والرياض خلال اجتماعهما سعيهما إلى تقريب وجهات النظر وتعزيز التعاون الثنائي. وعلى رغم بروز تباينات واسعة في المواقف حيال الشأن السوري، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عدم وجود خلافات غير قابلة للتجاوز. وعقد الوزيران جلسة محادثات مطولة، أكدا في ختامها تطابق المبادئ السياسية للبلدين. ولفت الجبير إلى أهمية مواصلة الحوار في مختلف المجالات وظهر توافق على دعم مفاوضات آستانة وخلاف على مصير الأسد.
وركز لافروف على قدرة الطرفين على تجاوز الخلافات البارزة في الشأن السوري، لافتاً إلى أن موسكو والرياض تشاركان في المجموعة الدولية لدعم التسوية في سوريا التي وضعت أسساً للتسوية.
وتطرق إلى مسار آستانة، مشيراً إلى أن الجانب السعودي يعمل مع المعارضة السورية من أجل تثبيت وقف النار، والتوصل إلى اتفاق حول وقف الأعمال القتالية وإيصال المساعدات والبدء بالعملية السياسية.
لكن الجبير شكك في الوقت ذاته، بجدوى انضمام أعضاء جدد لعملية التفاوض في آستانة. وقال إنها مفاوضات تقنية، وتوسيع عدد المشاركين قد يحولهم مجموعة أضعف مما يفترض، وسيكون بالتالي تركيز التفاوض أقل من المطلوب. ووفقا لتصريحات الجبير هذه صار واضحا لنا بأن النظام السعودي لا يريد المساعدة في حل الأزمة السورية.
ومع هذا كله نرى بأن الرئيس الروسي يسعى لإيجاد حلول دبلوماسية لحل الأزمة السورية فلقد قام يوم الثلاثاء الماضي بالاتصال هاتفيا بالرئيس الأمريكي ترامب وبالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعقد اجتماعا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وصرح وسائل الإعلام الروسية بأن الرئيس بوتين يريد ممارسة الضغط على الرئيس التركي من اجل أخذ ضمانات من المعارضة السورية بعدم إفشال هذه المفاوضات السياسية.
المصدر / الوقت