التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 18, 2024

إغلاق السفارة الإسرائيلية في القاهرة: أسباب أمنيّة أم دوافع سياسيّة؟ 

تساؤلات عدّة تطرح نفسها بعد الإغلاق الإسرائيلي المفاجئ والنهائي للسفارة الإسرائيلية في القاهرة.

فبعد أربع سنوات على إغلاقها، أُعيد افتتاح السفارة الإسرائيلية في القاهرة في أيلول (سبتمبر) عام 2015 وسط احتفال رسمي محدود، وغضب شعبي ورفض من النخب السياسيّة.

القرار الإسرائيلي الجديد يأتي وسط غموض سياسي غير مسبوق، خاصّة أن الأخيرة تحاول اليوم، وأكثر من أيّ وقت مضى التأقلم مع البيئة العربيّ، وبالتالي لا بد من البحث عن الأسباب الكامنة خلف هذه الخطوة، فما قضيّة إغلاق السفارة؟ وما هي أسبابها؟

إغلاق السفارة نهائيّاً

أوضحت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن دافيد جوفرين، السفير الإسرائيلي لدى القاهرة، يباشر عمله من مدينة “القدس”المحتلة، وإن السفارة الإسرائيلية مغلقة منذ نحو 5 أشهر، بدعوى اضطراب الحالة الأمنية داخل البلاد.

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة المالية الإسرائيلية أخطرت الطاقم الدبلوماسي الإسرائيلي المتواجد في القاهرة بأن لهم الرواتب المخصصة للعمل خارج البلاد، مشيرةً إلى أن السفارة قد تم إجلاء كل من فيها، وإيقافها عن الخدمة.

وأضافت “يديعوت” أن السفارة الإسرائيلية لم تجدد عقد 30 عاملا مصريا لديها، من العاملين في مجال السكرتارية والسائقين وغيرهم، كما أن عقد إيجار المبنى الذي تتواجد فيه السفارة الإسرائيلية في حي المعادي في القاهرة، لم يتم تجديده منذ أربعة شهور.

الموقف المصري بدا ضبابيّاً حتّى الساعة، فقد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، إنه لا يملك أي تعليق على التقارير الإسرائيلية التي نشرت اليوم، بشأن إغلاق السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وعدم عملها منذ نحو 5 أشهر. وأضاف: “قدمنا ضمانات بشأن أمن السفير بالفعل، ولكن ما يتم تداوله الآن ليس لدينا معلومة بشأنه، سنتواصل مع المسئولين لتوضيح الأمر”.

دوافع وأسباب

رغم غياب التبرير الرسمي الإسرائيلي الواضح، وكذلك الردّ المصري، إلاّ أن السلطات الإسرائيلية أوعزت الأمر لأسباب أمنيّة، نظرت إليها مصادر رفيعة المستوى في وزارة الخارجية المصرية بعين الاستغراب، وهنا أرى لازاماً الإشارة إلى النقاط التالية:

أوّلاً: يبدو أنّ السفير الإسرائيلي لدى القاهرة، دافيد جوفرين، لمس الفتور السياسي المصري، فضلاً عن الرفض الشعبي التام لحضوره في القاهرة، مستذكراً حادثة توفيق عكاشة صاحب قناة “الفراعين” الذي تعرض للطرد من البرلمان المصري بطريقة مهينة لانه دعا السفير غوفرين إلى حفل عشاء في منزله. السفير وجدا أن تواجده في السفارة في القاهرة أو في الكيان الإسرائيلي سيّان، لذلك أوعز هذا الخبير في شؤون الشرق الأوسط لإدارته بضرورة مغادرة القاهرة.

ثانياً: لا يختلف اثنان على الأوضاع الأمنيّة الصعبة في مصر بسبب تهديدات تنظيم داعش الإرهابي، إلا أنّ الأخير لم يستهدف الكيان الإسرائيلي بتفجير واحد، أو بطلقة واحدة حتّى، كما أن المستوى الأمني الرفيع في القاهرة، تعاطى بمنتهى الجدية مع الشروط الإسرائيلية من أجل إعادة السفير وطاقم الدبلوماسيين، وتعهد بتلبيتها جميعا، وففق مصادر رسميّة مصريّة. الاحتجاج على هذه الذريعة جاء من الإسرائيليين أنفسهم حيث أشار أحد رجال الأعمال إلى أن هذه السفارة لم تغلق في أشد فترات التوتر، مثل حرب لبنان الثانية والانتفاضتين الفلسطينيتين والحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، فلماذا هذه الذارئع الآن؟

ثالثاً: يرى البعض أن التقارب المصري مع حركة حماس يفسّر هذه الخطوة الإسرائيلية، كما أنّ مصادر دبلوماسية مصرية أشارت إلى أنّ “تل أبيب” تقدمت بشكوى للقاهرة عقب إدخال السلطات المصرية شحنات إسمنت لقطاع غزة، دون موافقة الحكومة الإسرائيلية، خاصّة أن خطوات مماثلة قد تشكّل تكسر جزءاً كبيراً من الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع.

رابعاً: التلطّي الإسرائيلي تحت عباءة التهديدات الأمنيّة، يأتي أيضاً في سياق إظهار المسكنة الإسرائيلية، خاصّة أن ما تعرّض له أقباط مصر أثار استعطافاً عربيّاً وعالمياً غير مسبوق. هذا الانسحاب التكتيكي الذي يهدف بشكل أو بآخر للضغط على مصر، يتضمّن رسائل إسرائيلية لدول العالم بأن هذا الكيان مهدّد من قبل تنظيم داعش الإرهابي الذي لم يولّي “إسرائيل” إلاّ الأدبار.

خامساً: هناك من يتحدّث عن انفجار أوضاع الداخل وعزلة جديدة تجاه مصر، فهل الكيان الإسرائيلي سيكون أوّل هذه الدول، ومن هي الدولة التالية؟ أي أنّه من الدول المخطّطة لإشعال الداخل المصري، وتفتيت آخر القلاع والجيوش العربية، بعد سوريا، وقبلها العراق.

بصرف النظر عن الأسباب الحقيقة للخطوة الإسرائيلية الأخيرة، إلا أنّ أنّها أثلجت قلوب الكثيرين في الشارعين العربي والإسلامي، ونأمل أن تخطوا الخارجية الإسرائيلية الخطوة نفسها، وللأسباب والذارئع التي تراها مناسبة لها ولا تهمّنا أيّ كانت، فتقرّر إغلاق سفاراتها في كافّة الدول العربية والإسلاميّة.

إن الكيان الإسرائيلي يعي جيّداً أنّ قرار السفارة لو كان شعبياً، لكان طلاب الجامعات المصريّة قد تركوا مقاعدهم الدراسيّة لاعتلاء مبنى السفارة ونيل شهادة العروبة والوطنيّة، إلاّ أن القرار ليس بيدهم اليوم، ولكن هؤلاء هم من سيحكمون مصر مستقبلاً.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق